التعديل الوزارى الذى أجراه رئيس مجلس الوزراء الدكتور هشام قنديل مؤخرا، كشف عن تولى ثلاثة من قيادات من جماعة الإخوان المسلمين، وحزبها الحرية والعدالة، لحقائب وزارية «حساسة» فى الحكومة الحالية، على الرغم من وجود كفاءات كبيرة أخرى تصلح لتلك الوزارات. أحد الوزراء الثلاث عضو بمكتب إرشاد الجماعة، والآخر كان مسؤولا بمشروع النهضة وأحد المقربين من المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام للإخوان، والثالث هو أحد قيادات «الحرية والعدالة»، الذين سبق وقد رشحهم الحزب لتولى نفس المنصب فى التشكيل الوزارى السابق.
الدكتور محمد على بشر، أستاذ الكهرباء بكلية الهندسة جامعة المنوفية، وعضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، ومحافظ المنوفية السابق، وقع عليه الاختيار ليكون وزيرا لوزارة التنمية المحلية. وهى الحقيبة الأهم من وجهة نظر الإخوان المسلمين خلال الفترة المقبلة، خصوصا مع سعيهم للسيطرة على انتخابات المحليات بعد إجراء الانتخابات البرلمانية.
المثير أن بشر لم يحقق نجاحا ملموسا فى المحافظة خلال الثلاثة أشهر التى تولى فيها منصب محافظ المنوفية، إلا أنه وقع عليه الاختيار لشغل تلك الوزارة المهمة. بل إن المقربين منه فى محافظة المنوفية قالوا إنه «لا يصلح للعمل التنفيذى، وإنما هو رجال أكاديمى أكثر من كونه إداريا. والدليل على ذلك أنه أول محافظ يفوِّض أكثر من نصف صلاحياته لوكلاء الوزارة. وذلك بعد واقعة التعدى عليه من عمال فى أثناء افتتاحه موقف الباجور الجديد منذ أسابيع. ومن وقتها قل ظهوره فى وسائل الإعلام والافتتاحات والمشاريع المختلفة الخاصة بالمحافظة. وبدأ نوابه ووكلاء المحافظة بالقيام بمهامه المختلفة». ثم كانت الواقعة الأكثر مأساوية فى تاريخ المحافظة، وهى انقلاب سيارة تحمل أطفالا فى أثناء مرورها بأحد الكبارى العالقة بسبب تعطل الطريق العام، وهى الحادثة التى راح ضحيتها أكثر من 13 طفلا فى أقل من لحظة.
أما الوزير الإخوانى الثانى فى الحكومة الحالية فهو الدكتور باسم عودة، أحد أقرباء المستشار عبد القادر عودة الذى أعدم على خلفية اتهامه بالتورط فى اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر عام 1954. فقد تم تعيينه وزيرا للتموين فى التعديل الأخير، وهو أستاذ بكلية الهندسة جامعة القاهرة ورئيس المكتب التنفيذى للجان الشعبية بمحافظة الجيزة، والتى أسستها الإخوان المسلمين، ورئيس لجنة التنمية المحلية بحزب الحرية والعدالة. ويعد باسم عودة من المقربين للمهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام للجماعة، وقربه هذا أهَّله ليكون وزيرا فى الحكومة الحالية، دون أى مؤهلات لهذا المنصب تحديدا، سوى أنه كان مسؤولا عن ملف الوقود والطاقة بمشروع «النهضة» الإخوانى، والذى يشرف عليه المهندس الشاطر بنفسه.
القيادى الإخوانى الثالث، هو المهندس حاتم عبد اللطيف، الذى تم تعيينه وزيرا للنقل فى التعديل الأخير، وهو أحد قيادات حزب الحرية والعدالة. وقالت مصادر إن عبد اللطيف أحد القيادات الإخوانية التى شاركت فى وضع برنامج الدكتور محمد مرسى الرئاسى فى أثناء فترة ترشحه للمنصب، وإنه شارك أيضا فى وضع برنامج أول 100 يوم فى حكم مرسى فى الجانب الذى يتعلق بأزمة المرور وحلها، وأنه أحد القيادات التى تعتمد عليها الجماعة فى وضع تصورات وتقارير عن أزمات النقل خلال الفترة الماضية.
كما كشفت المصادر أن هذه المرة ليست الأولى التى ترشح فيه الجماعة حاتم عبد اللطيف لوزارة النقل، حيث إنها رشحته لتولى الحقيبة فى أثناء تشكيل الدكتور قنديل حكومته قبل 4 أشهر، لكن الاختيار وقع على الدكتور على المتينى، وزير النقل الذى استقال من منصبه بعد حادثة قطار أسيوط نوفمبر الماضى، والتى راح ضحيتها نحو 50 طفلا، ليتم اختيار عبد اللطيف فى التشكيل الأخير، دون أى مؤهلات تؤهله لهذا المنصب «الحساس» سوى أنه أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين.
وبهذا التعديل، أصبحت جماعة الإخوان المسلمين تسيطر على 8 وزارات فى الحكومة الحالية، بالإضافة إلى تعيين قياداتها وأعضائها كنواب ومستشارين للوزراء فى الحكومات غير الإخوانية، فالوزراء الإخوان فى الحكومة الحالية هم مصطفى مسعد وزير التعليم العالى والبحث العلمى، والدكتور أسامة ياسين أمين عضو المكتب التنفيذى لحزب الحرية والعدالة وزير الشباب، والدكتور طارق على وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية، والمهندس حاتم عبد اللطيف وزير النقل، والدكتور باسم عودة وزير التموين، والدكتور محمد على بشر وزير المحليات، وصلاح عبد المقصود وزير الإعلام.
من جانبه، قال الدكتور سعد الكتاتنى، رئيس الحرية والعدالة، تعليقًا على التعديلات الوزارية الجديدة «سنساند الحكومة الجديدة ونطالبها بعدم الانفراد بالقرار، وأدعو كل القوى الوطنية والأحزاب السياسية لدعم الحكومة الجديدة ومساندتها بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع تشكيلها. فالظرف السياسى والتحديات الاقتصادية تتطلب الجهود. وأطالب القوى السياسية بتجاوز خلافاتها والتعامل مع الحكومة الجديدة من منطلق واحد فقط، ألا وهو عبور الأزمة الاقتصادية بسلام. كما أطالب الخبراء المصريين داخل مصر وخارجها بتقديم المعونة والمشاركة الفعالة فى مساندة الوزارة الجديدة». وتابع: «ونحن نضع كل خبرات أعضائنا وإمكاناتهم الفنية تحت تصرف الحكومة الجديدة ونتعهد بتقديم كل الدعم لها حتى يجتاز الشعب المصرى المرحلة الانتقالية بنجاح».