عماد الدين حسين هناك جدل كبير في تفسير ما الذي حدث للجهاديين أو المسلحين الخمسة الذين قتلوا قرب الحدود مع فلسطينالمحتلة يوم الجمعة الماضي. لدينا رواية رسمية تقول إن قواتنا المسلحة هي التي قتلتهم قبل أن يطلقوا صواريخهم، وهناك رواية تقول إن القوات الإسرائيلية هي التي قتلتهم. الأخطر أن هناك إصرارا من البعض على الهروب من القضية الرئيسية وحصر الموضوع في الفرعيات. وبعيدا عن الجدل في شأن من قتلهم، فإنه لو ثبت أن الطيران الصهيوني هو الذي نفّذ العملية فتلك مصيبة كبرى، لأنها ستفتح بابا يصعب علينا أن نسدّه بسهولة. بعض أعضاء جماعة الإخوان وغالبية الإسلاميين ومن والاهم لديهم يقين لا يتزعزع بأن أنصار 30 يونيو هم عملاء لإسرائيل وأمريكا، وبعضهم يستخدم ما حدث يوم الجمعة ليبرهن على ذلك. هؤلاء ينسون نقطة في غاية الخطورة، وهي أن من يزعمون كونهم جهاديين ومقاومين ضد إسرائيل يقدمون أفضل خدمة للعدو ويسيئون إلى الأمن القومي المصري بصورة خطيرة. من الذي يعطي هؤلاء الحق ليختاروا موعد المعركة مع إسرائيل، وإذا كان هولاء مجاهدين ومقاومين حقا، فلماذا لم يسمح لهم الرئيس السابق محمد مرسي وجماعة الإخوان بممارسة الجهاد الرسمي من سيناء؟ ولماذا لم تسمح حركة حماس لهم بممارسة الكفاح المسلح من القطاع؟ ولماذا تمارس عليهم التضييق؟ أغلب الظن أن بعض هولاء المسلحين أبرياء ويريدون مقاومة العدو فعلا، لكن المؤكد أن بعض قادتهم يخدمون أجندة إسرائيل الإجرامية، وربما أجندات إقليمية ودولية أخرى. الهدف الظاهر الآن أن هؤلاء يريدون توريط مصر وجيشها في معركة مفتعلة مع إسرائيل، والأهم أنهم يستغلون نقص الوجود الأمني المصري في سيناء لإظهار أن مصر غير قادرة على حماية المنطقة والسيطرة عليها، وبالتالي يكون من حق إسرائيل في هذه الحالة التدخل بحجة حماية أمنها، كما كانت تركيا تفعل مع العراق ضد المقاتلين الأكراد. بعيدا عن التفاصيل فإن المسلحين الذين يقاتلون السلطة المركزية في سيناء عملاء لإسرائيل، سواء بقصد أو دون قصد. وكل من يدافع عنهم ويبرر أعمالهم الإجرامية أو يحاول الاستفادة منها في صراع سياسي داخلي يرتكب خطأ استراتيجيا قاتلا. حسني مبارك أجرم في حق الأمن القومي المصري حينما ترك سرطان المتطرفين يتغلغل بهذا الشكل في سيناء. والإخوان ومحمد مرسي ربما يكونوا أجرموا أكثر حينما عرقلوا بحسن أو بسوء نية عملية القضاء عليهم، ثم أوغلوا في الإجرام حينما لمّح بعضهم إلى أن الإرهاب في سيناء سيتوقف تماما في اللحظة التي سيعود فيها مرسي إلى الحكم، ما يعني بداهةً أن هناك علاقة ما بينهم، سواء كانت علنية أو سرية أو حتى علاقة مصالح متقاطعة. جوهر الأمر في سيناء -لمن كان في قلبه مرض- أن هناك جماعات إرهابية خرجت على سلطة الدولة منذ سنوات، وهي التي تعطي إسرائيل أفضل الذرائع لتهديد الأمن القومي المصري والعربي. وعلى الإخوان وأنصارهم إدانة الإرهاب في سيناء أولا، والتبرؤ منه ثانيا، وعدم المتاجرة به ثالثا، وإثبات أنه لا تربطهم به علاقة من أي نوع رابعا وأخيرا. نُشر بجريدة الشروق