نِفسي أعرف مين ضحك على المصريين وفهّمهم إن يوم الوقفة ده Free، والذنوب فيه ما بتتحسبش! تحس كده إنه بمجرد ما مدفع الإفطار يضرب وكل واحد بيعتبر نفسه خارج من سجن، وعايز يعوّض كل أيام الذل والعذاب اللي شافها، وهوب.. هجوم كاسح على كل القهاوي والكافيهات من غير ما حد يفرق معاه Minimum Charge، أو إن الكافيه ده حلو أو وحش، بس أهم حاجة يكون بيعمل شيشة تفاح كويسة! ده غير المطاعم ومحلات التيك آواي اللي الناس كلها بتقف عليها طوابير، حتى لو كان المحل اسمه "تلوّث". وزي ما فيه ناس بتستخدم رصيدها في عمل مكالمات التهنئة بالعيد وإرسال الSMS، فيه ناس تانية بتستخدم نفس الرصيد على واحد لقبه "الديلر".. يعني متعهد الدماغ العالية، ومسئول الكيف والبهججة وسط أفراد الشلة، وأبّجني تجدني، والشكك ممنوع والزعل مرفوع، وخلّيك فريش إحنا داخلين على عيد وكل عام وأنتم بخير! ولو دققت كويس فوق دماغ ناس كتير خارجة من رمضان، هتلاقي سحابة بيضا فيها رسمة للحلم اللي بيحلموا بيه، زي أفلام الكارتون بالظبط، ولو هنتكلّم عن الأحلام اللي هنشوفها مش هيكفّينا مقالين تلاتة، علشان كده أنا هكتفي بأهم رسمتين فوق رءوس البشر. شايفين الكابتن أبو شعر مجعد ودقن طويلة اللي واقف هناك ده؟ ركّزوا كويس في شكله.. باين عليه واحد متدين، ومحترم، وزاهد في الدنيا وبيعمل لآخرته.. بسم الله ما شاء الله زبيبة الصلاة بدأت تعلّم على جبهته، ووشّه قرّب ينوّر. طب ما تيجوا نبص على رسمة الأحلام اللي فوق نافوخه.. أوباااا.. ده بيحلم بواحد ملامحه بتدل على الرخامة والتباتة وفي إيده اليمين مقص وفي الإيد التانية موس حلاقة.. ده بقى يا جماعة عم سيد الحلاق بتاعه.. أخينا بيحلم بآخر يوم في رمضان وصوت أم كلثوم وهي بتغنّي "يا ليلة العيد أنستينا وجديتي الأمل فينا يا ليلة العيد"، وأول ما تشتغل الأغنية هينزل أخينا يشتري علبة كريم فرد الشعر، وعلبة جيل، وكيسين شامبو، ويشد الرحيل على عم سيد الحلاق، ويخش عليه بحماس شديد وهو بيقول: "عايزين ننضف بقى يا عم سيد.. عايزك تقصّر شعري وتفرده علشان أعمله سبايكي، وتحلق الدقن دي وتخلّي وشي حرير.. ورانا خروجة أوّل يوم العيد مع الموزة يا عم سيكوووو". ويا دوب يخلص عم سيد الحلاقة، ويطلع أخينا يحقّق المعجزة الكبرى و"يستحمى" ويكبش كبشة كبيرة من علبة الجيل علي شعره، ويفضل يوقف فيه خصلة خصلة، لغاية ما يبقى عامل زي اللي ضربت في جسمه الكهربا، وينزل يقضّيها مع صحابه هزار وتهريج ومعاكسة بنات، ومش بعيد سمسون بني... وغيره وغيره من طقوس وقفة العيد المقدّسة اللي بيحرص الشباب عليها أكتر من حرصهم على صلاة العيد نفسها! أمّا الآنسة المحجبة المحتشمة اللي إنتم شايفنها هناك دي وبتقولوا عليها "بسم الله ما شاء الله.. بنت مؤدبة ومحترمة وألف من يتمنّاها"، فلو دققتم كويس زي ما اتفقنا في سحابة الأحلام البيضا اللي فوق دماغها، هتلاقوا رسمة حرير طبيعي ناعم، وأنبوبة أكسجين، ومكواة شعر، وواحد مطوّل شعره واسمه "كوكو". و"كوكو" ده بقى يا جماعة أشهر كوافير حريمي في المنطقة، وبرضه بمجرّد ما تشتغل الأغنية إيّاها بتاعة "ليلة العيد" تنزل صاحبتنا من الساعة 10 بالليل، وتاخد معاها أكلها وشربها وتقضّيها اعتصام قدام كوافير "كوكو" اللي واقفة عليه طوابير بنات كأنها ماسورة حريم وانفجرت، وطبعا كلهم جايين بالإيشارب اللي مغطّي شعورهم، مش إيمان وتقوى وورع لا سمح الله، لكن لأن شعورهم بايظة ومقصّفة وتطفش أي شاب! واللي كان مخبّيه الإيشارب اللي مش بيتلبس غير في رمضان، خلاص هينكشف ويبان؛ علشان كده مافيش حل غير اللجوء لكوكو، وبعد الخروج على وش الفجر يا دوب من عند كوكو، تطلّع صاحبتنا كل اللي حوشته في رمضان وتشد على أقربها بوتيك وتشتري أحدث لاينر وأي شادو ومزيل شعر، وكل ما لذّ وطاب من أدوات البوظان وتغيير شكل الإنسان! وكله كوم والناس اللي غاوية تصطبح في العيد بزيارة الترب كوم تاني! بمجرّد ما تيجي ليلة الوقفة، وارد جدا تسمع في بعض البيوت الشعبية الجدة وهي بتنادي على حفيدتها بمنتهى الرقة وتقول لها: "يلّا يا بت اعملي لك همّة علشان نلحق نجهز الفطير والكحك والشريك اللي هنوزّعهم في الأرافة أوّل يوم العيد.. عايزانا ندخل على الميتين وإيدينا فاضية ولّا إيه؟". مع إن المشكلة مش في إننا ندخل على الميتين وإيدينا فاضية ولّا لأ، قد ما هي ليه بتطلب معانا أوي زيارتهم في العيد بالذات، رغم إن علماء الدين صوتهم اتنبح من شدة التأكيد والتكرار على إن الذهاب للمقابر أوّل يوم العيد أمر مكروه، وأن العيد منحة ومكافأة إلهية للصائمين بمناسبة انتهاء شهر رمضان على خير.. ده غير بقى الناس اللي بتاخد معاها أطفالها اللي بيضربوا في الترب بومب وصواريخ، وماحدش فيهم -مع الأسف- بيحس بالميت اللي ممكن يكون مخنوق جدا في قبره من الزيارة دي ولسان حاله بيقول "كده العيد قلب علينا بجنازة.. يا رب توب علينا من الأحياء ومشاكلهم"! في النهاية.. أنا عايز أقول إننا -مع الأسف- مش عارفين إزاي نحتفل بالعيد.. الاحتفال اللي بيليق بيه لأنه بيبقى جاي بعد شهر كريم هو شهر رمضان.. مش لازم على فكرة نعمل حاجات كتير غربية ممكن تغضب ربنا علشان بس إحنا في عيد، وكأننا كنّا مسجونين في رمضان وما صدّقنا إنه خلص بقى علشان ننطلق ونرجع تاني للمعاصي.. لازم نكون استفدنا واتعلّمنا كتيييييييييييير من شهر رمضان الكريم... إحنا آسفين يا رمضان.. إحنا آسفين يا عيد الفطر.