مصر تقود جهود إنهاء حرب غزة وحقن دماء الفلسطينيين    في ظهوره الأول.. أحمد ربيع يسجل ل الزمالك في غزل المحلة    مهاب ياسر: قرار جوميز سبب رحيلي عن الزمالك    الصحة تطلق النسخة الخامسة من مؤتمر قلب زايد بمشاركة نخبة من خبراء أمراض القلب    تباين في سعر الكتكوت الأبيض واستقرار البط اليوم السبت    السيسي يتابع توفير التغذية الكهربائية للمشروعات الزراعية الجديدة.. فيديو    رئيس الإسماعيلية الأزهرية يُكرِّم مدير التعليم النموذجي لبلوغه سن التقاعد    محافظ الدقهلية عن ذكرى نصر أكتوبر: نجدد العهد على مواصلة خدمة المواطنين    منح النيابة حق التحقيق بدون محام يثير أزمة باجتماع مناقشة الاعتراض على "الإجراءات الجنائية"    الأمن يكشف لغز سرقة سيارة من جراج بالهرم    مهرجان القاهرة الدولي للمونودراما يعلن القائمة القصيرة لمسابقة التأليف    موعد عرض مسلسل ابن النادي الحلقة 3    المتحف المصري بالتحرير يبرز دور الكهنة في العصر الفرعوني    أهم القرارات الحكومية اليوم في العدد 221 بجريدة الوقائع المصرية    فوائد الشوكولاتة الداكنة لصحة القلب والأوعية الدموية    وكيل الشباب والرياضة بالفيوم يشهد انطلاق الدورة الأساسية رقم 578 للمدربين والإداريين    وزير الاستثمار يتفقد المركز اللوجستي الجمركي للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس    قيمتها 195 مليون جنيه.. وفاة 4 عناصر شديدة الخطورة بحوزتهم مواد مخدرة    إصابة 5 بينهم 4 أطفال في انقلاب سيارة ملاكي بالوادي الجديد    12 أكتوبر.. انطلاق أسبوع القاهرة للمياه بمشاركة 95 منظمة دولية    وفاة طفلين نتيجة التجويع وسوء التغذية في غزة.. ومستوطنون يقتحمون قرية المغير برام الله    " سي إن بي سي": توقعات باستمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي حتى 14 أكتوبر وسط تعثر المفاوضات    لأول مرة.. وزير الآثار يفتتح مقبرة الملك أمنحتب الثالث بوادى الملوك بالأقصر بعد 226 عامًا من اكتشافها    الري تحسم الجدل حول غرق المنوفية والبحيرة بسبب فيضانات سد النهضة    البريد المصري يشارك في معرض «تراثنا» للحرف اليدوية والتراثية    مواصفات صحية.. طريقة عمل اللانشون بجميع أنواعه في المنزل    المجر تتمسك بالنفط والغاز الروسيين بينما يسعى الاتحاد الأوروبي والناتو إلى خفض الإمدادات    "الأرصاد": فرص أمطار اليوم على هذه المناطق    "المسلخ رقم 5" رواية ترصد انتشار اضطراب ما بعد الصدمة الناتج عن الحروب    وزير الخارجية يلتقي سفراء الدول الإفريقية المعتمدين لدى اليونسكو    مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة الشرقية    قوافل طبية وغذائية لدعم الأسر المتضررة من ارتفاع منسوب مياه النيل بدلهمو بالمنوفية    في الذكرى ال52 لانتصارات أكتوبر المجيدة.. منظومة التعليم العالي تشهد طفرة غير مسبوقة بسيناء ومدن القناة    الأوراق المطلوبة لتسليم التابلت لطلاب الصف الأول الثانوي    إجراء أولى عمليات زراعة قوقعة للأطفال بمستشفى أسوان التخصصي    جامعة قناة السويس تطلق قافلة طبية شاملة بمدينة سانت كاترين    "الوكالة الوطنية للإعلام": سقوط طائرة إسرائيلية مسيّرة عن بُعد في منطقة "وادي فيسان" في "جرود الهرمل" شرقي لبنان    الحقي خزني ياست الكل.. مفاجأة في سعر طن الأرز الشعير اليوم السبت 4 اكتوبر 2025 في جميع الأسواق والمحلات    خطوات تنزيل تردد قناة طيور بيبي الجديد 2025 على جميع الأقمار الصناعية    "تابع الآن قيامة عثمان" تردد قناة الفجر الجزائرية الجديد على جميع الأقمار الصناعية بجودة hd    موجة انتقادات لاذعة تطارد محمد صلاح.. ماذا فعل النجم المصري؟    ما حكم من لم يقدر على الوضوء لأجل الصلاة؟.. الإفتاء توضح    الهلال الأحمر يصل دلهمو لتقديم الدعم للأهالي بعد غرق منازلهم وأراضيهم    القبض على المتهمين بالاعتداء على شاب أثناء سيره بصحبة زوجته فى الحوامدية    موعد مباراة بايرن ميونخ وفرانكفورت في الدوري الألماني.. والقنوات الناقلة    زكى القاضى: موافقة حماس تنقل الكرة لملعب ترامب.. والخطة لا تشمل الضفة الغربية    وصول سارة خليفة وعصابتها لمحكمة الجنايات وسط حراسة مشددة    هالة عادل: عمل الخير وصنع المعروف أخلاق نبيلة تبني المحبة بين البشر    تشكيل الزمالك المتوقع أمام غزل المحلة بالدوري    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة قنا    تعرف على أسعار الأسمنت اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 في المنيا    دار الإفتاء توضح: حكم الصلاة بالحركات فقط دون قراءة سور أو أدعية    وزير الخارجية يثمن الدعم الفرنسي للمرشح المصري لرئاسة اليونسكو خالد العناني    اليوم.. محاكمة متهم بالانضمام لجماعة إرهابية في بولاق الدكرور    اللواء مجدى مرسي عزيز: دمرنا 20 دبابة.. وحصلنا على خرائط ووثائق هامة    فلسطين.. طائرات الاحتلال المسيّرة تطلق النار على شرق مدينة غزة    تشكيل مصر للشباب - تغيير وحيد أمام تشيلي في لقاء الفرصة الأخيرة بمونديال الشباب    مصر تعرب عن تقديرها لبيان حماس رداً على خطة الرئيس ترامب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نجيب الريحاني.. أسطورة الضحك والبكاء
نشر في بص وطل يوم 08 - 06 - 2013

ربما اعتبرتها مفاجأة لو أخبرتك أن رصيد العملاق الراحل نجيب الريحاني في السينما المصرية مجرد 10 أفلام فقط، صنعت كل هذه النجومية والمرتبة الرفيعة التي يحتلها في التاريخ الفني، لكنك حتما ستتفهم سبب ذلك حين تعرف أن 6 أفلام منهم يعتبرهم بعض المهتمين بالسينما من أعمق ما قدم في السينما العربية من ناحية التركيبة السيكولوجية الساخرة المضحكة الباكية المتمثلة في الممثل نجيب الريحاني، لذا استحق عن جدارة لقب "الضاحك الباكي".
سر تسميته بالريحاني
ولد الريحاني يوم 21 يناير عام 1889، في حي باب الشعرية لأب من أصل موصلي عراقي كلداني مسيحي اسمه إلياس ريحانة، وكان يعمل بتجارة الخيل فاستقرت به الحال في القاهرة ليتزوج سيدة مصرية قبطية أنجب منها ولده نجيب.
واعتبر عام ميلاد نجيب الريحاني عاما استثنائيا بكل المقاييس، إذ لم يعرف التاريخ البشري ولادة جماعية لعباقرة وعظماء ولدوا جميعا في عام واحد مثل هذا العام الذي ولد فيه: الفنان الكوميدي الكبير شارلي شابلن، والزعيم النازي أدولف هتلر، وعميد الأدب العربي طه حسين، والعملاق محمود عباس العقاد، والشاعرين اللبنانيين إيليا أبو ماضي وميخائيل نعيمة، وعدد هائل من المخترعين والمكتشفين الذين حازوا جائزة نوبل.

كان الريحاني انطوائيا خجولا بطفولته
نشأته وحياته
وفي داخل الحي الشعبي حيث البسطاء والفقراء والموظفين نشأ نجيب، وهو جزء من هذا العالم الذي كوّن شخصيته، وشكّل ملامحه ووجدانه، في حين وضعت الأم بصمتها الواضحة بحسها الساخر من العديد من المتناقضات الاجتماعية التي كانت -ولا زالت- موجودة في المجتمع المصري، خصوصا أن نجيب كان شديد التأثر بها.
وعندما حدثت قفزة في حياة والده ليصحب الأسرة للإقامة في حي الظاهر الراقي، ويلحق ابنه بمدرسة "الفرير" الابتدائية الفرنسية، وجد نجيب نفسه غريبا عن هذا العالم، فعاش وحيدا منطويا، لكنه كان شديد التركيز في مطالعة ومتابعة كل ما يحدث حوله، لا سيما مع الأحداث العظيمة التي كانت تمر بها مصر.
وعندما أكمل الريحاني تعليمه ظهرت عليه بعض الملامح الساخرة، ولكنه كان يسخر بخجل أيضا، ثم اكتفى بشهادة البكالوريا، حين تدهورت تجارة والده فاكتفى بهذه الشهادة، وبحث عن عمل يساعد به أسرته.
عندها التحق نجيب الريحاني بوظيفة كاتب حسابات بشركة السكر بنجع حمادي بالصعيد، ليتقاضى راتبا شهريا بلغ 6 جنيهات، وكان كفيلا بسد احتياجاته وترك هامش للادّخار حين كان الجنيه له ثمنه وعافيته، إلا أن الريحاني ذا الحس المبدع الذي لم يخلق للعمل الوظيفي المكتبي، لم يستطع استكمال ذلك العمل التقليدي وداخله عفريت فني يتحين الفرصة للخروج من القمقم، فأقدم على كتابة استقالته والعودة من جديد للعاصمة.
لم يدر بخلد الريحاني وقتها أنه حين يعود للقاهرة سيجد أن الأمور قد تبدلت وأصبح الحصول على عمل في حكم المستحيل، بالإضافة إلى أن لغته الفرنسية التي يجيدها أصبحت غير مطلوبة، بعد أن أزاحتها اللغة الإنجليزية حين استتب الأمر للإنجليز وسيطروا على كل مقدرات مصر.
علامة فارقة
كان الريحاني رغم شخصيته الانطوائية الخجولة، محبا للفن وزائرا مستديما لشارع عماد الدين حيث عاصمة المسارح والفن في زمنه، وحين ذهب ذات مرة إلى أحد الملاهي الليلية، قابل هناك صديقه محمد سعيد الذي كان يعشق التمثيل، وعرض على الريحاني أن يكوّنا معا فرقة مسرحية لتقديم الاسكتشات الخفيفة لجماهير الملاهي الليلية، لتكون هذه الليلة بمثابة علامة فارقة ونقطة تحول في حياة الريحاني الذي ذاع صيته، قبل أن يكوّن فرقة مسرحية خاصة به مع صديق عمره بديع خيري، ويصبح قامة وركنا أساسيا من أركان المسرح المصري.
وبكل أسف معظم أعماله المسرحية التي بلغت 33 مسرحية، لا يوجد منها نسخ مصورة كاملة، ولم تشاهدها الأجيال التي جاءت بعد رحيله، لكن على الأقل لا زال النقاد والكتب والدراسات يتحدثون عنها كدليل على علامات تركها هذا المبدع خلفه، وشهد عليها رواد عصره.
واشتهر الريحاني وسط جمهوره المسرحي بشخصية "كشكش بيه"، وحين حاول تغيير الشخصية لم يُقبل الجمهور على أعماله، فعاد من جديد ببراعة وذكاء ليقدم شخصية "كشكش بيه"، لكن مع كل عرض مسرحي كان ينتقص تفصيلة من الشخصية في الشكل والأداء حتى أصبح "كشكش بيه" شخصية عادية ليعتاد الجمهور على الريحاني وليس على الشخصية، وبهذا هرب من فخ التكرار وحصر نفسه في شخصية واحدة، لينطلق بعدها في تقديم عشرات الأعمال المسرحية، وكان من أبرز المسرحيات التي قدمها "الستات مايعرفوش يكدبوا"، و"حسن ومرقص وكوهين"، و"إلا خمسة"، و"ريا وسكينة"، و"كشكش بيه في باريس".
من المسرح للسينما
وفي عام 1931 قدم الريحاني شخصية "كشكش بيه" التي اشتهر بأدائها في المسرح، في فيلم "صاحب السعادة كشكش بيه"، لينطلق بعدها في عالم السينما ويحقق نجاحا كبيرا جعله يعتزل المسرح عام 1946، حيث قدم 10 أفلام سينمائية منها "حوادث كشكش بيه"، و"ياقوت أفندي"، "بسلامته عايز يتجوز"، "سلامة في خير"، "أبو حلموس"، "لعبة الست"، "أحمر شفايف".
وتميز الريحاني بأدائه المبهر الذي يتوغل في النفس البشرية، فيفجر ضحكاتها ويثير أحزانها، ليدخل المشاهد في أكثر من حالة مختلفة داخل العمل نفسه ما بين الضحك والتأثر مع الشخصية التي يقدمها بصدق شديد وعبقرية يحسد عليها.
شاهد لقطات مجمعة لأداء الريحاني العبقري
إضغط لمشاهدة الفيديو:
حياته الشخصية
كان الريحاني شخصية محافظة وغيورة لأقصى درجة، لذا فشلت كل زيجاته التي كان أشهرها مع الراقصة السورية بديعة مصابني، التي هجرته حين وجدت أن غيرته ستكون عائقا أمام مشوارها وطموحها الفني، كما تزوج أيضا من الألمانية لوسي دي فرناي بين عامي 1919 و1937، وأنجب منها جينا ولكنها نسبت في الوثائق إلى شخص آخر كان يعمل ضابطا في الجيش الألماني بسبب قوانين هتلر التي تمنع زواج أي ألمانية من شخص غير ألماني.
شاهد لقاء نادر مع بديعة مصابني تتحدث فيه عن الريحاني
إضغط لمشاهدة الفيديو:
والطريف أن جينا نجيب الريحاني اختفت طوال الفترة الماضية ولم تظهر إلا في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 2007، في دورته المهداة لتكريم الريحاني، لتتحدث -بعد 60 عاما من وفاته- إلى الحضور بلغة عربية "مكسّرة" عن حياة والدها الفنان الراحل، ليفيق المصريون على وجود ابنة له توارت طيلة تلك الفترة، بينما شكك البعض في نسبها إليه.
لكن جينا أشهرت ما يثبت أنها فعلا ابنته بعد أن آلت على نفسها أن تسخر حياتها لإعادة البريق إلى تراث والدها، فأعلنت عن إصدار كتاب موسوعي عنه بعنوان "شارلي شابلن العرب"، وإقامة متحف ومركز فنون باسمه، وإطلاق جائزة سنوية لفناني المسرح تحمل اسمه، وأخيرا إنتاج أول فيلم سينمائي عن حياته، وعلى الرغم من تقدمها في العمر ولغتها العربية المتكسرة فإنها تتحدث العامية المصرية مثل أولاد البلد، وقد اصطبغت طريقة حديثها بأسلوب الريحاني.
وشاركت جينا في إعداد فيلم تسجيلي عن والدها بعنوان "نجيب الريحاني .. في ستين ألف سلامة" عام 2008، وروت به الكثير من أسراره، وعرضت الجزء الخفي من حياته.
شاهد لقاء جينا نجيب الريحاني مع وائل الإبراشي في برنامج "الحقيقة"
إضغط لمشاهدة الفيديو:
وفاته
ولأن القدر هو كاتب السيناريو الأعظم في حياتنا، فقد اختار أن ينهي حياة الريحاني بشكل درامي، حين وافته المنية في الثامن من يونيو عام 1949، أثناء تصوير فيلم "غزل البنات" حين أصيب بمرض التيفود، ويتسبب إهمال ممرضته بالمستشفى اليوناني بالإسكندرية في وفاته حين أعطته جرعة زائدة من عقار الأكرومايسين، ليموت الريحاني بعدها بثوانٍ، حسب ما أكده الدكتور أحمد سخسوخ، الناقد المسرحي المعروف، والعميد الأسبق لمعهد الفنون المسرحية.
وبعد مرور 68 عاما على ذكراه، لا زالت ديانة الريحاني تثير الجدل بعد كل هذه السنوات..
فقد قال صديق عمره بديع خيري: "الريحاني كان سيشهر إسلامه قبل وفاته.. فقد قرأ جميع الكتب السماوية وقرر أن يشهر إسلامه.. ووجدت نسخة من القرآن على المنضدة المجاورة لسريره في المستشفى قبل وفاته"، إلا أن ابنته الألمانية نفت ذلك في حديث تليفزيوني شهير قائلة إن هذا الكلام "كذب يصل إلى حد الهذيان" -حسب تعبيرها- وأنها "تعرف أبيها أفضل مما يعرفه هؤلاء العنصريون الدينيون الذين احتاروا في عمق شخصية وتأثير أبيها في العالم العربي، فلم يجدوا حلا إلا ادّعاء شرف انتمائه إليهم مما يثير تقززها".
وأيا ما كانت ديانته، فقد عاش فنانا مبدعا، صاحب فضل وبصمة واضحة في الفن المصري والعربي، فدعونا نتذكره بكل خير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.