بعد تعدد وتباين الآراء الإسرائيلية حول قضية اغتيال القيادي البارز بحركة المقاومة الإسلامية (حماس) محمود عبد الرءوف المبحوح، وثبوت تورط جهاز الموساد في اغتياله، وتوجيه أصابع الاتهام إلى الجنرال مائير داجان رئيس الجهاز، وضرورة تسليمه للإمارات، تتوجه الأنظار إلى قضية الجاسوسية والعملاء، ودورهم في القضية الفلسطينية. فضمن قائمة المعتقلين على خلفية اغتيال المبحوح اثنين أو ثلاثة من الفلسطينيين التابعين لجهاز الأمن الوقائي الفلسطيني الذي كان تابعا لمحمد دحلان العضو البارز في حركة "فتح"، ويقال إنهما قد ساعدا الموساد في اغتيال المبحوح، وهو ما يفتح بدوره قضية التجسس لصالح الموساد من قبل فلسطينيين ولبنانيين وعرب. وكانت آخر هذه القضايا إلقاء القبض على عميل لبناني يعمل لصالح الموساد وبحوزته أجهزة يمكنها التواصل مع الطائرات، حيث أكدت التحريات اللبنانية أنها ألقت القبض على ما يزيد عن 25 حلقة تجسس لبنانية كانت تعمل لصالح إسرائيل، وذلك خلال الفترة من أكتوبر 2008 وحتى الآن فقط. الغريب في الأمر أن الإعلان عن هذه الحلقات أو قضية الجاسوس اللبناني الأخير بشكل خاص، ومن قبله التأكيد على مدى مساعدة مصعب ابن الشيخ حسن يوسف أحد مؤسسي وقياديي حركة "حماس" يتأتى في أعقاب اكتشاف اغتيال المبحوح على يد الموساد الإسرائيلي، وكأن إسرائيل تحاول غضّ الطرف عن تلك القضية التي أخذت الطابع الدولي، خاصة بعدما بدأت العديد من الدول التحقيق في كيفية استخدام إسرائيل لجوازات سفرها في اغتيال المبحوح. فقد نشرت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية ملفاً خاصاً لمصعب ابن الشيخ حسن يوسف، أكدت من خلاله أنه كان يتعاون مع جهاز الشاباك الإسرائيلي (الأمن الداخلي الإسرائيلي) لمدة تزيد عن 12 عاما متواصلة، ساعد إسرائيل خلالها على التوصل إلى خلايا استشهادية، وقلّل من عدد العمليات الفدائية، ومنح الفرصة لمئات الإسرائيليين للحياة من جديد. كما أنه أخبر الموساد عن تحركات بعض الكوادر، وهي في طريقها لاغتيال قيادات وشخصيات إسرائيلية معروفة، مثل محاولة اغتيال الرئيس الإسرائيلي الحالي شيمون بيريز. فالكشف عن مصعب يوسف رغم أنه معروف منذ عدة سنوات أنه عميل للشاباك، تنصَّر، وانتقل للعيش في الولاياتالمتحدةالأمريكية، يفتح الباب أمام قضية العملاء والخونة والجواسيس الذين ينتشرون بين الربوع اللبنانية والفلسطينية كالسرطان. وعلى الرغم من قضاء حركة "حماس" على أكثر من 30 عميلا فلسطينيا داخل قطاع غزة أثناء عملية الرصاص المصبوب الأخيرة على القطاع أو الحرب على غزة، كان مصدر نجاح كبير لحماس، لكنه مؤشر على مدى تعمّق الخونة والعملاء في القلب الفلسطيني، والذي يعمل على تحرير أرضه من المغتصب الإسرائيلي. والسؤال الآن: كيف نحرر الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي ظهورنا خونة وعملاء يدلّون الاحتلال الإسرائيلي على تحركاتنا وخططنا؟