موعد عودة الموظفين والبنوك للعمل بعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2025    الكنيسة القبطية تحتفل ب"صلاة السجدة" في ختام الخماسين    سعر الذهب في محلات الصاغة اليوم 8/6/2025.. 60 جنيها خسائر الجرام    الداخلية توزع مساعدات عينية مجانية.. وتوفر اللحوم بأسعار مخفضة| صور    منافذ أمان بالداخلية توفر لحوم عيد الأضحى بأسعار مخفضة.. صور    رئيس البرلمان الإيراني: نوايا واشنطن تجاه برنامجنا النووي غير صادقة    روسيا: سيطرنا على بلدة زاريا شرق أوكرانيا    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 996 ألفا و150 فردا منذ بداية الحرب    بين الحياة والموت.. الوضع الصحي لسيناتور كولومبي بعد تعرضه لإطلاق نار    التشكيل المتوقع لمواجهة انبي ضد البنك الأهلي اليوم الأحد    قبل مباراة الغد.. تاريخ مواجهات الأهلي أمام باتشوكا    مهرجانات رياضية وفعاليات احتفالية..مراكز شباب مطروح تفتح أبوابها للمواطنين    حالة الطقس في الإمارات اليوم الأحد.. ظهور سحب ركامية وسقوط أمطار    مصرع وإصابة 14 شخصا في حادث تصادم بالشرقية    مصرع طفل أسفل عجلات «لودر» بقرية صالح في بني سويف    إجابات أسئلة النماذج الاسترشادية للصف الثالث الثانوي 2025 مادة الجغرافيا (فيديو)    حدائق الدقهلية تستقبل زوارها لليوم الثالث علي التوالي في عيد الاضحي المبارك    الداخلية: ضبط عنصرين جنائيين لغسلهما 50 مليون جنيه من متحصلات الاتجار بالمواد المخدرة    هشام عباس يشعل مسرح البالون في ثاني أيام عيد الأضحى| صور    تعرف على الفيلم الأقل جماهيرية بين أفلام عيد الأضحى السبت    فريق كورال قصر ثقافة أحمد بهاء الدين بأسيوط يشارك فى احتفالات عيد الاضحى    الدفاع المدني بغزة: الاحتلال دمر 99% من المعدات والقصف متواصل على خان يونس    بعد عيد الأضحي 2025.. موعد أول إجازة رسمية مقبلة (تفاصيل)    غرفة الأزمات بصحة المنوفية في حالة انعقاد دائم في ثالث أيام عيد الأضحى    «الداخلية» توزع مساعدات على الأولى بالرعاية بالمناطق الحضارية الجديدة    استعدادًا لمونديال الأندية.. العين الإماراتي يضم نجم الوداد المغربي    من أجل ماينان.. تشيلسي يقدم عرضه الأخير إلى ميلان    حقيقة مفاوضات الزمالك لضم زين الدين بلعيد.. ونادي قطري يهدد الصفقة    أمين «الأعلى للآثار» يتفقد أعمال الحفائر الأثرية بعدد من المواقع الأثرية بالأقصر    «البدوي»: دعم الرئيس السيسي للعمال حجر الأساس في خروج مصر من قوائم الملاحظات    تحرير 135 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    الصحة: فحص 7 ملايين و909 آلاف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج ضعف السمع    متحدث مستشفى شهداء الأقصى: كميات الوقود بمستشفيات غزة تكفى فقط ليومين    محافظة الشرقية: إزالة سور ومباني بالطوب الأبيض في مركز الحسينية    بعد بيان وزارة المالية.. موعد صرف مرتبات يونيو 2025 للموظفين والزيادة الجديدة    مجلة جامعة القاهرة لعلوم الأبحاث التطبيقية «JAR» تحتل المركز السادس عالميًا (تفاصيل)    مجلة الأبحاث التطبيقية لجامعة القاهرة تتقدم إلى المركز السادس عالميا    الدكتور محمد الخشت: 11 شرطا لتحول القادة المتطرفين إلى قيادات مدنية    بعد زواجه من أسما شريف منير.. معلومات عن أحمد شامل عزمي    بيان عاجل من «الزراعيين» بعد التعدي على مسؤول حماية الأراضي في سوهاج (تفاصيل)    محافظ أسيوط: لا تهاون مع مخالفات البناء خلال إجازة عيد الأضحى    مقتل شاب في مشاجرة بالأسلحة البيضاء بالمحلة    حكم وجود الممرضة مع الطبيب فى عيادة واحدة دون محْرم فى المدينة والقرى    المواجهة الأولي بين رونالدو ويامال .. تعرف علي موعد مباراة البرتغال وإسبانيا بنهائي الأمم الأوروبية    أسعار الدولار اليوم الأحد 8 يونيو 2025    من قلب الحرم.. الحجاج يعايدون أحبتهم برسائل من أطهر بقاع الأرض    النسوية الإسلامية «خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى» السيدة هاجر.. ومناسك الحج "128"    غزة.. السودان.. ليبيا.. سوريا.. المعاناة مستمرة عيدهم فى الشتات!    آلاف الإسرائيليين يتظاهرون مطالبين باتفاق تبادل أسرى ووقف الحرب    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم..استشاري تغذية يحذر من شوي اللحوم في عيد الأضحى.. أحمد موسى: فيديو تقديم زيزو حقق أرباحًا خيالية للأهلى خلال أقل من 24 ساعة    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. ثالث أيام العيد    أوليه: ريفر بليت حاول ضم رونالدو لأجل كأس العالم للأندية    انقطاع التيار الكهربائي في ضواحي كييف وغارة روسية بصاروخ كروز على أوديسا    بسبب بكتيريا السالمونيلا.. سحب 1.7 مليون بيضة من الأسواق الأمريكية    الوقت غير مناسب للاستعجال.. حظ برج الدلو اليوم 8 يونيو    إقبال كبير من المواطنين في الدقهلية على الحدائق ثاني أيام عيد الأضحى.. صور    قد تتحول إلى سموم ..تجنب وضع هذه الأشياء داخل الميكروويف    عيد الأضحى 2025.. ما حكم اشتراك المضحي مع صاحب العقيقة في ذبيحة واحدة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل الإعلام حقا مسئول عن تأجيج العنف في أحداث الكاتدرائية؟!
نشر في بص وطل يوم 11 - 04 - 2013

في حقيقة الأمر، عقب اندلاع شرارة ثورة 25 يناير، ومع كل أزمة تمرّ بالوطن، يُسارع البعض باتهام الإعلام "المضلّل" و"الكاذب" و"الفاجر" بتعتيم بعض "الحقائق" مِن جهة وعدم ذكرها، ومن جهة أخرى اتهامه بمحاولة تشويه فصيل سياسي معيّن، بل ذَهب البعض في الآونة الأخيرة إلى اتهام الإعلام بتأجيج أعمال العنف وإشعال نار الفتنة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين في مصر، وتحديدا مع أحداث الكاتدرائية قبل أيام.
والسؤال الذي يلحّ على الأذهان ويَهُم الكثيرين منّا: هل الإعلام حقا مسئول عن تأجيج العنف والفتنة الطائفية في مصر؟
سأُحاول في السطور القليلة المقبلة تقديم رؤيتي للإجابة عن هذا السؤال العويص، والتي قد يتّفق معي فيها البعض أو يَختلف، ولكنها تقوم على دراسات قام بها علماء وباحثون في مجالات عديدة؛ منها علم النفس والعلوم الإنسانية والإعلام ووسائل الاتّصال... وغيرها.
عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى، اهتمّ العلماء بدراسة كيف تعمل أساليب الإقناع المختلفة عبر وسائل الاتّصال وقتذاك؛ حيث كان هناك اتّجاه قوي يذهب إلى أن الإعلام أداة قوية قد تُستخدَم في الخير مثلما قد تستخدم في الشر، لذا بات هناك اعتقاد قوي بأن لوسائل الإعلام تأثيرا كبيرا على سلوك البشر، وهنا ظَهرت نظرية All-Powerful Media Paradigm التي تُنادي بمدى قوة وسائل الإعلام في التأثير والإقناع؛ حيث إن تأثيرها مباشر وفوري وقوي تماما مثل إبرة الحَقن أو الرصاصة السحرية؛ فقد تَحقن الجمهور بالرسالة التي تريد توصيلها عبر الإعلام، أو يُمكن تشبيه الرسالة السابقة بالرصاصة التي يُطلقها الراسل على مخّ المتلقّي مباشرة عبر وسائل الإعلام. وهنا، ذهبت تلك النظرية إلى القول بأن جمهور المتلقّين سلبيون للغاية ولا يقدرون على الإطلاق مقاومة التأثير القوي والفوري لتلك الرسالة السلبية المُراد توصيلها، كما أن درجات التأثير واحدة بين جموع جمهور المتلقّين.
ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية، تغيّر المفهوم السابق وذَهب العلماء إلى أن تأثير وسائل الإعلام قد بالغ البعض في تقديره، وجرى إهمال النظرية السابقة. وبمساعدة علماء النفْس أكّدت دراسات أحدث على أن الجماهير ليسوا سلبيين تماما كما كان يعتقد سابقا، ولكنهم يستطيعون اختيار الرسائل من بين آلاف الرسائل السلبية أو حتى الإيجابية، وصَد ومَنع محاولات الإقناع المختلفة، لا سيما مع معرفتهم بأنه سيكون هناك محاولات للإقناع! وهو ما يعني أن الجمهور المستعدّ يكون قادرا على مقاومة الإقناع أكثر.
ومن هنا، اقترح علماء -وعلى رأسهم "لازارسفيلد"- بنظرية تُعرف باسم نظرية "التأثيرات المحدودة" (Minimal Effects Theory)، والتي تُنادي بأن الإعلام يُعدّ واحدا مِن متغيّرات كثيرة في حَدث ما، حتى إنه ليس العامل الأكثر تأثيرا، كما أن الجمهور والبَشر من المرجّح أن يتمّ إقناعهم أكثر من خلال الوسائل الاجتماعية، وهو ما يفنّد ما كان يُقال سابقا بأن جمهور المتلقّين سلبيون وجميعهم يتأثّرون بالدرجة نفسها، بل إنهم من خلال الدراسات يختلفون في درجة التأثير من شخص لآخر، وإنهم قادرون على اختيار الوسيلة الإعلامية التي يرغبون فيها وفقا لميولهم واحتياجاتهم.
ومع ظهور التليفزيون والإنترنت ووسائل الإعلام الأخرى، بات العلماء على قناعة بأن التأثير على جمهور المتلقّين من خلال وسائل الإعلام تلك بات على المدى الطويل، أي مع كثرة التعرّض لها، فضلا عن كون هذا التأثير غير مباشر وشخصي أي يختلف من شخص لآخر، ويجب أن يتمّ دراسة هذا التأثير في سياقه غير المستقطع؛ فمشاهدة كارتون عنيف قد يكون له تأثير مختلف تماما على طفل يشاهده وحده، مقارنةً بمشاهدة باقي العائلة للكارتون نفسه.
وبمرور الوقت، ومِن خلال دراسة تأثيرات وسائل الإعلام أكثر وأكثر عبر علم النفس، وَجد العلماء أن البشر أو جمهور المتلقّين باتوا يبحثون بنشاط عن وسائل الإعلام التي تلبّي احتياجاتهم. ومن خلال دراسة وظائف وآليات عمل المخ البشري، وجد العلماء أن بالمخ ما يُسمّى ب"مَدخل حسّيّ" يعمل على مساعدتنا على فهم العالم مِن حولنا من جانب وعدم غَمرنا بملايين وبلايين الرسائل من حولنا من جانب آخر. لذا، يقوم المخ بصَد ومَنع أي مُدخلات أو معلومات غير مرغوب فيها، وفي الوقت نفسه، يقوم باختيار وتضخيم المعلومات التي نريدها. ويقوم المخ بهذه الوظيفة دون وعي أو إدراك؛ أي نقوم بعمل هذا تلقائيا دون وجود "فلتر" إرادي للمعلومات!
وهنا ظهرت نظرية أخرى تُعرف باسم Hostile Media Effect (التأثير العدائي لوسائل الإعلام)، والتي تجعل الجمهور ينحاز دون وعي منه ليرى الأشياء والرسائل بطريقة مختلفة؛ فنحن نظنّ أننا نشاهد الأخبار أو مباريات الرياضة بطريقة محايدة، ولكن في حقيقة الأمر يقوم المخ بوظيفة "الفلتر" من خلال القيام باختيارات وصَد المعلومات غير المرغوب فيها. وفي هذا السياق، قام بعض العلماء عام 1982 بجعل طلاب فلسطينيين أو منحازين لقضيتهم وكذا طلاب إسرائيليين أو منحازين لهم بمُشاهدة نفس الأخبار، وهنا وَجد العلماء أن الفريق الأوّل بات يرى أن الإعلام ضده وينحاز للإسرائيليين، في حين بات الفريق الثاني يرى على النقيض أن الإعلام ضده هو وينحاز للفلسطينيين! أليس هذا ما يحدث في مصر حاليا؛ الكل يرى أن الإعلام ضده وينحاز للطرف الآخر؟
وانطلاقا من النظرية السابقة التي ذَهبت إلى أننا نعرض المعلومات التي نتلقّاها بصورة غير موضوعية، وأحيانا لدرجة نشوّه فيها إدراكنا للأمور مع طمس وإخفاء للحقائق البسيطة والمحايدة، مثل كمّ الانتهاكات بإحدى مباريات كرة القدم التي نراها على فريقنا وقلّما نراها بمنظور حيادي، يبقى سؤال مهم: إذا كان للإعلام تأثير محدود وغير عظيم مثلما يراه العلماء، فماذا أجّج مشاعر الغضب والعنف بين بعض المسلمين والمسيحيين مؤخّرا؟
من خزّانة علم النفس، يُمكن القول بأن العلماء ذهبوا إلى أن المعرفة التي نشكّلها عن الحقائق اليومية وكل الأشياء والمعرفة التي نراها أمورا مُسلّما بها، حتى الصغير والبسيط منها وكذا "الحقائق" الموضوعية، تولد وتتشكّل ونستمدّها من أنشطة التواصل الاجتماعية، كأن نعرف أن الكذب خطأ أو أن الأولاد يحبّون اللعب بالسيارات أو يجب طاعة القانون... وغيرها. فنحن سواء أكنّا صغارا أو كبارا يتمّ "برمجتنا" من خلال الآباء والأصدقاء والعائلة وأقراننا في العمل أو الفصل أو بطريقة غير مباشرة عبر وسائل الإعلام، بالمفاهيم والأفكار التي تتعلّق بما هو "حقيقي". فنحن يتمّ تعليمنا اجتماعيا بما يُسمّى ب"القواعد الثابتة" و"الحقائق" التي يتمّ تشكيلها اجتماعيا. ونحن نعيش ونتطوّر ونموت وتلك "الحقائق" معنا. بمعنى آخر، لا يُشكّل الناس الحقيقة بأنفسهم، ولكن يجب أن يتواصلوا مع بعضهم البعض لفهم العالم حولهم، وهو ما يدحض فكرة أن الحقيقة "ثابتة" و"موضوعية".
وإذا ما طبّقنا المفاهيم والنظريات السابقة على حادثة الكاتدرائية، يُمكن تلخيص الأمر كالآتي: مقتل أربعة مسيحيين في أثناء اشتباكات حدثت بين مسلمين ومسيحيين، ثمّ في أثناء مشاركة الآلاف من المسيحيين في تشييع هؤلاء الأربعة أمام كاتدرائية الأقباط الأرثوذوكس، تحدث اشتباكات أخرى يسقط على إثرها قتلى وجرحى، علما بأن بعض التقارير أفادت بأن مسلّحين مجهولين هاجموا المشيّعين لدى خروجهم من الكاتدرائية، وهم يُردّدون هتافات مناهضة لجماعة الإخوان المسلمين، ولكن الشباب القبطي الغاضب -حسب رواية الداخلية- قام بتحطيم سيارات خاصة أمام الكاتدرائية، وهو ما أثار غضب السكان وقاموا برشقهم بالحجارة؛ وذلك وفقا لBBC العربية.
الإعلام هنا قد يلعب على مَن بدأ بالهجوم أولا ومَن الذي يبدو العنف الذي يولّده ردّا للفعل، أي من الجاني ومَن الضحية. أيضا، الإعلام قد يخفي بعض المعلومات المهمة التي قد تفيد طرفا من الأطراف المعنية، أو يركّز على جانب واحد فقط من الحقيقة ويترك باقي المعلومات هامشية. وفي هذا السياق، عندما يتمّ ذكر "هتافات مضادة لجماعة الإخوان المسلمين" على الفور يتبادر إلى أذهان القرّاء أنهم أطراف لا ينتمون للتيار الإسلامي، وقد يكونون ليبراليين أو ثوريين أو حتى فلولا، وتوظيف هذه المقولة مهم جدا في صنع الخبر والرسالة التي يودّ أن يوصّلها الإعلام باتهام طرف دون غيره. كل هذا وأكثر يُمكن أن تفعله وسائل الإعلام، ولكنها ليست وحدها الملومة على تأجيج العنف الذي حَدث هناك. الإعلام عامل واحد من مجموعة من العوامل الأخرى، شأن التربية والتعليم وأنشطة التواصل الاجتماعية المختلفة بين مجموعات الأفراد التي تجعل البعض يرى المسيحيين على أنهم "أعداء" و"كفّار" و"قلّة"... وغيرها من الصفات السلبية الأخرى، أو تلك العوامل نفسها قد تجعل بعض المسيحيين يرى بعض المسلمين على أنهم "متخّلفون" و"عديمو الرحمة" و"عنيفون"... وغيرها من الصفات السلبية الأخرى.
ولتوضيح الصورة أكثر، إذا ما تربّى شخصان أحدهما مسيحي والآخر مسلم مع بعضهما البعض بحكم الجيرة، وهناك جوّ من الألفة والمحبّة بين العائلتين؛ هذا يزور ذاك ويهنّئه في عيده، وذاك يزور هذا ويهنّئه في عيده؛ الاثنان على استعداد لفداء بعضهما البعض؛ الاثنان يعرفان جيّدا بحكم تواصلهما اجتماعيا و"برمجتهما" حقيقة أن المسلم والمسيحي لا فارق بينهما على الإطلاق، هل تعتقدون بأن وسائل الإعلام وقتذاك ستساعد على تأجيج مشاعر العنف بينهما؟ الأمر الأكثر توقّعا، أنهما بمجرّد مشاهدتهما سواء أكانوا معا أو منفردين على قناة تُحاول تشويه صورة المسلمين أو المسيحيين، أنهما لا إراديا دون وعي منهما سيقومان بتحويلها لمشاهدة قناة أكثر مصداقية وحيادية. وحتى إذا ما ثبت إدانة طرف من الأطراف، سيقولان أنها حالة فردية لا أكثر أو أقل.
ما أريد أن أوصله ها هنا أن المجتمع المصري بات بعضه بالفعل مُلقّنا ومُبرمجا على أن المسيحيين "قلّة مُندسة" وكفار... وغيرها من الصفات السلبية يسمعها بين أفراد عائلته الصغيرة ومحيط أصدقائه وبيئة تربيته، وبالتالي فإنه عند الوقت المناسب "تنفجر" تلك المشاعر السلبية، وربما "تفجّرها" صورة أو خبر أو أي وسيلة إعلامية أخرى، ولكنها موجودة في الأساس ومتغلّغلة في تكوينه الداخلي وتحتاج فقط إلى ضغطة زرّ واحدة لتأجيجها.
وكما ذكرت سلفا؛ فإن الإعلام نعم قد يجعلنا نرى صورة مشوّهة للواقع الذي نعيش فيه، ولكن محاولات الإعلام تصطدم دائما بعقل ومخ بشري يحلّل المعطيات ويختار ما يريده، وأيضا يصد أو يمنع ما يريده كذلك حتى دون وعي أو إدراك. لذا دعونا لا نضخّم تأثير الإعلام علينا ونعلّق عليه "أخطاءنا" الواحدة تلو الأخرى، فهو في النهاية عامل من مجموعة عوامل أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.