مع اقتراب موعد إصدار الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" للقرار الخاص بشأن أحداث لقاء مصر والجزائر والذي شهد جدلاً وتوتراً كبيراً وصل إلى حد العراك الإعلامي والسياسي والشعبي بين البلدين، والذي لا يعبر إطلاقاً عن سير العملية الرياضية وشعارها "اللعب النظيف"، ألقى مسئولون في الاتحاد المصري "بالونة اختبار" في المياه الراكدة في هذا الشأن. وقبل أن نخوض في أمر هذه "البالونة" دعونا نعود بالذاكرة لشهور قليلة، ونتذكر الأحداث لكي نحكم بالعقل والمنطق. بدأت الأحداث عندما فازت مصر على الجزائر بهدفين دون رد في القاهرة لتتساوى معها في صدارة المجموعة الثالثة بالتصفيات الإفريقية المؤهلة لنهائيات كأس العالم بجنوب إفريقيا هذا العام (2010) قبل أن تحسم الجزائر اللقاء الفاصل بينهما في السودان بهدف نظيف بأقدام عنتر يحيى لتصعد إلى النهائيات لأول مرة منذ عام 1986. وتصاعد التوتر في وسائل الإعلام المصرية والجزائرية قبل هذه المباراة، بعد أن اتهمت الجزائر مشجعين مصريين برشق حافلة منتخبها بالحجارة مما أدى لإصابة لاعبين، وهو ما دفع "الفيفا" لفتح تحقيق في هذا الأمر. وزادت حدة التوتر بعد المباراة الفاصلة التي أقيمت في السودان بعد أربعة أيام أي يوم 18 نوفمبر، وانتهت بفوز الجزائر وتأهلها للنهائيات؛ حيث وجهت مصر اتهامات لمشجعين جزائريين بالاعتداء على مشجعين مصريين. ووصل الأمر لسحب مصر لسفيرها من الجزائر للتشاور، وهو ما فعله الجزائر أيضاً. وخرج بعدها جيروم فالكه -أمين عام الاتحاد الدولي لكرة القدم- بتصريح أوضح خلاله أن الأحداث التي رافقت مباراة مصر والجزائر في تصفيات كأس العالم تحتاج إلى وقت لدراستها بعد تحيله للجنة الانضباط من قِبل "الفيفا". وشدد على أنه ليس هناك مدة زمنية محددة من قِبل لجنة الانضباط التابعة للفيفا، مضيفاً: "لكني لا أتوقع صدور أي قرارات تتعلق بأحداث هذه المباراة قبل مطلع فبراير المقبل".. وكان هذا الكلام خلال بطولة كأس العالم للأندية التي استضافتها الإمارات نهاية العام الماضي. إذن.. ونحن في شهر فبراير ومع اقتراب نهايته ومع وجود عضو مصري وهو هاني أبو ريدة (والذي يشغل منصب نائب رئيس اتحاد الكرة المصري وعضو في اللجنة التنفيذية بالفيفا) داخل هذا الكيان الكروي الهام لا بد أن تتسرب أخبار عن هذا الأمر الذي ما زال يشغل بال كل مصري. تناقلت وسائل الإعلام المختلفة خبراً نقلاً عن مصادر داخل اتحاد الكرة المصري، مفاده أن هاني أبو ريدة وسحر الهواري أبلغا سمير زاهر بأن هناك "اتجاه" في الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بخصم ثلاث نقاط من مصر في تصفيات كأس العالم 2014. وأوضح المصدر "أبو ريدة وسحر أبلغا زاهر أيضا بأن هذا العقاب يمكن التغاضي عنه في حال تقدم الاتحاد المصري باعتذار للاتحاد الدولي عن الأحداث". وتابع المصدر، لكن المسئولين في الاتحاد المصري وفي مقدّمتهم زاهر رئيس الاتحاد رفضوا فكرة التقدّم باعتذار عن هذه الادّعاءات. وأشار المصدر إلى أن المسئولين اعتبروا ذلك اعترافاً بشيء لم يحدث من الأساس "وإدانة لنا في شيء لم يحدث". هل قرأت ما سبق ذكره جيداً.. تعالوا نضع سيناريوهين للموضوع ونعتبر أن هذا فعلاً هو ما حدث، وأرسل الفيفا خطاباً بهذا المعنى، فلماذا يرفض الاتحاد المصري الاعتذار؟!! فهل اعتذار زاهر أهم عنده من مصلحة مصر التي يتشدّق بها كل من "هبّ ودب"؟!! أم تخصم من رصيدنا 3 نقاط في تصفيات المونديال القادم 2014؟!! وهو ما لن يتحمّله أي مصري على الإطلاق. يكفي أننا تصدرنا مجموعتنا في التصفيات السابقة، وعدنا من بعيد بقيادة "المعلّم" وكنا في أمسّ الحاجة لهدف في لقاء القاهرة، ورغم ذلك خرجنا من التصفيات في خيبة أمل لن ننساها أبداً، فهل نتحمّل أن يخصم منا نقاط قبل أن نبدأ ضربة البداية؟!! ثانياً: لا بد أن نعترف بالحقيقة، وهي أنه حدث تجاوز وتم رشق الأتوبيس الجزائري من "قلة متعصّبة"، وهو ما يرفض المسئولون في اتحاد الكرة الاعتراف به على الرغم من اعتراف هاني أبو ريدة بنفسه، وهو ما كتبه مراقب "الفيفا" في تقريره، ولكن ما حدث من لاعبي الجزائر كان زائداً عن الحد. السيناريو الثاني.. هو تسريب الخبر بهذا المعنى من داخل أروقة اتحاد الكرة؛ لمعرفة ردود فعل الجماهير تجاه هذا الأمر.. وهو أمر معروف عالمياً من حكومات العالم الثالث، خاصة في الانتخابات من خلال إلقاء "بالونة اختبار" سواء خبر مفبرك عن موت مرشّح ما أو حادثة لمرشّح آخر؛ لكسب تعاطف الجماهير تجاهه، وضمان التأييد الكامل من باب التعاطف مع الحدث. فلو افترضنا وتم توقيع العقوبة فسيتقبلها الجميع؛ لأنها كانت بالفعل متوقّعة من قبل.. فالجماهير أطلقت لعناتها منذ فترة وتقبلت الأمر الواقع. ولكن هذا لا ينفي تعرّض الجماهير المصرية لاعتداءات من نظيرتها الجزائرية في المباراة الفاصلة بين الفريقين في السودان لتحديد المتأهل لكأس العالم.. لكن "الفيفا" يأخذ بالتقارير من المراقبين والدلائل.. لكن أين هي يا اتحاد الكرة؟ ملحوظة أخيرة: لو كانت الأمور تدار داخل "الفيفا" بالاعتذار والتراضي والاعتراف.. فلماذا لم يبعد جوزيف بلاتر -رئيس الفيفا- فرنسا من التأهل لكأس العالم بجنوب إفريقيا بعد اعتراف الفرنسي تييري هنري بلمس الكرة ليده والتي صنعت الهدف الذي تأهل به "الديوك" إلى المونديال على حساب أيرلندا؟!! وقال النجم الفرنسي هنري عقب هذا اللقاء في بيان أصدره: "أبلغت حكم المباراة ولاعبي أيرلندا عقب المباراة مباشرة بالحقيقة". ورغم ذلك قررت اللجنة التأديبية التابعة للاتحاد الدولي "الفيفا" عدم توقيع عقوبات على تييري هنري.. فهل ننتظر نحن من "الفيفا" أن يتقبّل اعتذارنا؟!!