نشرت جريدة (لوباريزيان) الباريسية تقريراً عسكرياً فرنسياً أشارت فيه إلى أنه تم تعريض الجنود الفرنسيين وأسرى التحرير وسكان مناطق الصحراء -في جنوبالجزائر بداية الستينيات- لتجارب نووية تهدف إلى دراسة انعكاسات السلاح النووي الجسدية والنفسية على الإنسان. وتطالب جمعيات فرنسية وجزائرية بالتعويض عن الأضرار التي تعرّض لها بعض الأشخاص جراء تلك التجارب. ومن بين التجارب التي كشفت عنها الصحيفة، تلك التي جرت في منطقة الحمودية صباح يوم 13 فبراير عام 1960؛ حيث استيقظ سكان المنطقة على وقع انفجارات ضخمة تبيّن فيما بعد أنها تفجيرات نووية تجريبيةٌ عرفت بالجربوع الأزرق. وخلال تلك التجارب تحوّل بعض سكان المدينة البالغ عددهم نحو 42 شخصاً -بالإضافة إلى بعض أسرى التحرير وجنود فرنسيين- إلى فئران تجارب لخبراء التفجيرات النووية. ومن جانبهم تجمّع المحاربون القدامى، الذين تعرضوا للإشعاعات النووية في صحراء الجزائر، في مقر بلدية باريس، وشاهدوا فيلماً عن هذه التفجيرات؛ مؤكدين أنهم تلقوا أوامر بالانبطاح أرضاً وتغطية عيونهم خلال التفجيرات دون أن يرتدوا شيئاً سوى السراويل القصيرة والقمصان القطنية, ثم توجهوا إلى مكان التفجير. ويقول "بيير لو روا" أحد الخبراء المشاركين في التفجيرات: "تم تفجير أربع قنابل نووية باسم "الجربوع الأزرق" والأبيض والأحمر، وهي ألوان العلم الفرنسي، وأنا كنت شاهداً على هذه التفجيرات الضخمة والمشعة، وللأسف أثّرت علينا جميعاً ومازلنا نعاني". أما "بيير جاميه" أحد المهندسين النوويين المشاركين في التفجيرات فيقول: "شاركت في أول تفجير في الصحراء، وذهبت بعدها لدراسة آثار التفجيرات على البشر والأرض، ووثّقت ذلك بالصورة والصوت, ولو عاد الزمن لرفضت المشاركة في هذا العمل غير الإنساني". جريدة "لوباريزيان" الفرنسية أكدت أن عدد التجارب النووية الفرنسية في الجزائر وبعض المستعمرات الفرنسية بلغ بين عامي 1960 إلى 1966 210 تجارب نووية، بعضها تحت الأرض والآخر فوق سطح الماء. بينما بلغ عدد الضحايا الفرنسيين والجزائريين الذين استخدموا كفئران مختبرية ثلاثين في المائة؛ منهم مصابون بالسرطان والقسم الآخر فارق الحياة مبكراً. ويثير ملف التفجيرات النووية خلافات حادة بين الحكومة الفرنسية والجزائرية أدت إلى فتور في العلاقات الدبلوماسية والتجارية رغم مصادقة البرلمان الفرنسي على قانون تعويض ضحايا التفجيرات النووية؛ لكن الحكومة الجزائرية اعتبرته قراراً سياسياً لا يعبر عن إرادة فرنسية جادة لحل المشكلة لكونه يفرض شروطاً تعجيزية.