بعد صمت دام لنحو 71 عاما، ربما شعرت مارجوت فولك أنها على وشك أن تفارق الحياة؛ لذلك قررت أن تتحدث قبل فوات الأوان، وتكشف ولأول مرة أسرار عامين كاملين كانت تضطر خلالهما لتذوق طعام هتلر لضمان أنه لم يكن مسموما. "ذواقة" الفوهرر، التي تبلغ من العمر 95 عاما الآن، كانت واحدة في فريق يضم عشرات النساء استخدمهن الزعيم النازي لحماية نفسه في مقره السري على الحدود الشرقية المعروف باسم "عرين الذئب"، وهو أحد المخابئ التي أنشأها في أنحاء أوروبا. فولك اقتيدت إلى هناك عام 1942 عندما تم ترحيلها من برلين بعد قصف شقتها آنذاك إلى قرية جروس بارتش (Gross Partsch)، وكانت تقع في محافظة ألمانية تدعى شرق بروسيا East Prussia التي ضُمت إلي جنوب بولندا بعد عام 1945. وبعد أن خرج زوجها إلى الحرب، عرضت عليها حماتها الإقامة معها بمنزلها الريفي، غير أنه بعد فترة وجيزة من وصولها، وقع عليها اختيار وحدات "إس إس" أو شوتزشتافل، التابعة للحزب النازي الألماني والمكلفة بحماية هتلر آنذاك، واقتادوها لتنضم لفريق الذواقات. يبدو أن الزعيم النازي كان يتبع حمية نباتية قاسية؛ حيث تقول مارجوت إنه في الوقت الذي كان يجري ترشيد حصص بني وطنها الألمان من الغذاء، كانت تأكل وبكثرة الفواكه والخضراوات اللذيذة الطازجة ومنها: الهليون والفلفل والبازلاء؛ حيث تقدم مع الأرز، والسلطات في وجبة واحدة، تماما كما كانت تقدم إليه. مارجوت لا تتذكر أنها تذوقت أية لحوم أو أسماك، كما لم تكن مضطرة لتجربة المشروبات، وتوضح أنها اعتادت كتابة تقرير يومي، ولكن كان يستخدم فقط عندما يكون قطار هتلر الشخصي في المحطة. وفي تصريح لصحيفة تايمز البريطانية تعلق فولك: "بالطبع كنت خائفة. إذا كان الطعام مسمما لما كنت هنا اليوم. كان يتم إجبارنا على أكله، ليس لدينا خيار". وتتابع: "بين الساعة ال11 و ال12 صباحا، كان علينا أن نتذوق الطعام، وبعد أن تجربه نحو 15 سيدة منا، تقوم وحدات "إس إس" بتسليمه إلى المقر". عادة ما كان يتم الانتظار ساعة كاملة يتأخر خلالها الطعام قبل أن يلتهم هتلر وجبته؛ بحيث تظهر أي آثار للطعام -في حال كان مسموما- على النساء. عاشت السيدة فولك مع حماتها خارج مقر الزعيم النازي؛ حتى وقعت محاولة فاشلة لاغتيال الفوهرر على يد الضابط الألماني كلاوس فون شتاوفنبرج بقنبلة مخبأة داخل حقيبة في ما عرف ب"مؤامرة 20 يوليو" سنة 1944. ومنذ تلك اللحظة احتجزت داخل إحدى المدارس، وكان يسمح لها برؤية حماتها في عطلات نهاية الأسبوع تحت أعين وحدات "إس إس". وعندما هجر هتلر مخبأه بعد 800 يوم قضاها بداخله في نوفمبر عام 1944، ساعدها أحد الضباط الكبار على الفرار والعودة إلى برلين عن طريق تهريبها على متن قطار جوزيف جوبلز -وزير الدعاية النازي ورفيق أدولف هتلر حتى الدقائق الأخيرة من حياته- أما الذواقات الأخريات فتعتقد فولك أنه قد تم قتلهن على أيدي الروس. عام 1946، شهد جمع شمل فولك مع زوجها التي افترضت أنه في عداد القتلى، وعاش الزوجان معا حتى وفاته عام 1990.
ذواقة هتلر * دنيا الأدب اضغط على الصورة لمشاهدة الجاليري: