صمتاً أيها القادمون فإنني الآن أتلو صلواتي و أدعو الله أن يرحمني من هذا العذاب. إليكم يا من تسترقون السمع من خلف باب الألم. لا تعجبوا، لم يمسسني الجنون بعد. فقط أبتهل إلى الله أن يمنحني فيضاً وفيراً من النسيان حتى أقوى على الحياة بدونه.. أريد طوفاناً يجتاحني حتى اغتسل من حبه وأطهر الذاكرة من بقايا حنيني إليه. يا الله ساعدني. كن رحيما ً بي حتى أقوى على هذا الانسلاخ. كان الحبيب وقرين الروح. كانت أنفاسي تمر من رئتيه، كان حبه يملأني ويتخللني كضياء الشمس، أسكنته حنايا القلب وجعلت من أضلعي وطناً يأويه، حتى جرى منى مجرى الدم وصرت أتنفسه. لم يكن غير الفراق بديل. لا تسألوني لماذا.. ألف لماذا ولماذا عصفت بي وظل الفراق وحده الحقيقة البارزة كشوكة في حلق الواقع. دعوني الآن أنسلخ من نفسي فلقد جاء وقت المخاض، أريد أن أولد بذاكرة جديدة من رحم النسيان. يا لمرارة اللحظات وعنف الألم. ولكن بعد هذا الميلاد الحزين لي،أيستطيع أحدكم أن يخبرني من أنا؟! وهل سيبقى بداخلي شئ من مشاعر منتزعه؟! لا تنظروا إليّ هكذا.. إنه مجرد هذيان. وهل يعنيني بأي حال سأكون بعد ذاك! أيها الحمقى.. وهل للحياة معنى بدونه؟! هناك في نهاية المحراب يقف طيف الحب مشفقاً، فاجأني بحضوره الطيب الذي يبعث الطمأنينة في نفسي فمجرد وجوده يشعرني أنى ما زلت على قيد الحياة وانه ما زال بداخل قلبي نبضات أمل حتى لو كانت نبضات حزينة هزيلة. سيدي الحب لطفاً ساعدني، اطبع قبله على جبيني و دعني أرتمي بين ذراعيك، خبرني بعدها أنى شفيت تماماً ولم يعد بداخلي بقايا عشق ودع الشوق يتسرب من شراييني. سيدي لم َالصمت ؟!!! ألملم ذاتي فالآن انتهيت من تراتيلي. دعوني أعيش ميلادي الجديد في لحظات يتيمة سقطت سهواً من حقيبة الزمن، دعوني اغفل هنا،علني أجد في الصباح هدى، دعوا ذلك الجسد المنهك ينزوي في ركن المحراب فلقد اخترقته اليوم عشرات الطعنات حتى نزف كل ما لديه من مشاعر. لم أدرِ كم من الوقت مضى، ولكن عندما أدر كنى النهار لم أجد في قاع الذاكرة غير عبارة واحدة نسي أن يمحها النسيان... ما زلت أحبك..
إيمان زكي
التعليق: نص جميل، لغته ناجحة تماماً في تجسيد الحالة والمعاناة العميقة والتي يعيشها كل مهجور. الجملة الأخيرة شديدة الأهمية وهي التي جعلت النص قصة ممتازة. عليك فقط إصلاح الأخطاء اللغوية والإملائية. د. سيد البحراوي أستاذ الأدب العربي الحديث بكلية الآداب، جامعة القاهرة