تكره مرسي ولا تريده أن يستمر في الحكم؟ ربما كان هذا من حقك، بشرط أن تجيبني أولا: ماذا بعد سقوطه هو جماعته؟ سؤال عجز عقلي واجتهادي عن استنباط إجابته في ذلك الواقع المربك، لا سيما بعد حادث قطار أسيوط، ومداخلات أهالي الضحايا الذين أكدوا في مداخلات تليفونية مع برامج التوك شو أن الصعيد هو الذي أنجح مرسي، وهو الذي سيسقطه بعد أن ظنوا أنه رجل متدين سيتقي الله في شعبه ويحكمه باسم الدين، فجاءت النتائج عكس توقعاتهم بشكل جعلهم يخسرون فلذات أكبادهم كما كان يحدث في العهد البائد، قبل أن يقول المنشد الديني الشهير ياسين التهامي -ابن عم والد أحد الضحايا- إن الشعب لو أسقط مبارك في 18 يوما، فالصعايدة لا يحتاجون لإسقاط مرسي أكثر من 3 ساعات. واليوم.. ومع تصاعد أحداث العنف من جديد في الذكرى الأولى لأحداث محمد محمود، وتجدد الاشتباكات مع الشرطة في شارع قصر العيني، في ظل هتافات تتردد في الأفاق وتطالب بسقوط مرسي، تزامنا مع تصاعد حالة من الغضب الشعبي تجاه ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وتدهور الأوضاع في سيناء، إلى جانب عدم تنفيذ وعود الرئيس قصيرة المدى خلال مائة يوم، من نظافة وخبز وأمن ومرور ووقود، بخلاف القصاص لأرواح الشهداء الذين أقسم أن دماءهم في عنقه، تعالوا نفتح كل الاحتمالات، وعندها لن تجدوا ما هو أهم من التساؤل حول مصير مصر إذا سقط مرسي وجماعته. هل سيكون السقوط سلميا ويتنحى مرسي والإخوان المسلمين عن الحكم بسهولة؟ أم ستشهد البلاد حربا أهلية بين فئات الشعب المتناحرة والمختلفة أصلا، مثل الإخوان، والسلفيين، والليبراليين، بخلاف الجياع والفقراء والمعدومين الذين لا ينتمون سوى إلى لقمة العيش؟ هل ستكفي الاعتصامات بميدان التحرير فقط مثلما حدث خلال فترة الثمانية عشر يوما في عهد مبارك؟ أم سيتم التصعيد بشكل أعنف وأقوى؟ هل سيتم هروب المساجين والمسجّلين خطر مرة أخرى ليدمروا البلاد؟ أم سيتكفل الطلقاء الأحرار بالقيام بهذا الدور؟ هل سنجد في هذه المرة لجانا شعبية تحمي البنوك والمتاجر والمستشفيات وباقي هيئات ومرافق الدولة؟ أم ستصبح غنيمة لكل من يشعر أنها حقه تعويضا لما لاقاه وعاناه في هذا البلد؟ والأهم من هذا وذاك: لقد كان هناك عند سقوط مبارك بدائل وأمل في منظومة الجيش والقضاء، فمن الذي سنثق فيه هذه المرة ونسلمه الإرادة الشعبية لإدارة دفة البلاد لبر الأمان، بعد أن فقدت قطاعات كبيرة من الشعب الثقة في كل شيء؟! لقد تساءلت بصوت عالٍ بميدان التحرير حين كنت واحدا من ملايين الشباب الذين نزلوا في ثورة 25 يناير للمطالبة ب"عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية"، ما مستقبل البلد حين يرحل مبارك؟ ومن سيكون خليفته؟ فجاءتني إجابات مليئة بالحنق والضيق لأني ليس من حقي أن أسأل مثل هذا السؤال المفتِّت للعزيمة، وأن واجبي أن أطالب بسقوط مبارك فقط، ثم يحلها المولى عز وجل بمعرفته! قبل أن يسقط في أيدينا بالفعل بعد سقوط مبارك، وتتقاذفنا الأمواج في مرحلة كانت انتقالية وانتقامية، دفعنا فيها المزيد من الخسائر والكوارث، ولا زلنا ندفع ثمنها. أعترف أني لا أحب الرئيس مرسي، ولا جماعة الإخوان المسلمين -من الناحية السياسية على الأقل- رغم منح صوتي لدكتور عبد المنعم أبو الفتوح في الجولة الأولى بانتخابات الرئاسة، لكن لماذا لا نواجه أنفسنا بنتائج سقوط "مرسي" وجماعته، وضريبة هذا السقوط، والقائد الجديد الذي سيتولى المسئولية من بعده في بلد كشفت ثورة 25 يناير عن عورته المتمثلة في التشرذم والتحزب لفئات متناحرة؟! واجهوا أنفسكم قبل أن تلعبوا لعبة الثورة الجديدة مرة أخرى إن كانت قد راقت لكم، فقد استنفدنا فرص استكمال ال"جيم"، وليس في انتظارنا سوى "جيم أوفر"، أو الوصول إلى المرحلة الجديدة، وكل الخيار للشعب هذه المرة.