اسعار اللحوم اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    السيسى يوجه بتوفير حوافز و تيسيرات لمستثمرى قطاعات البترول والغاز والتعدين    عاجل- الأمم المتحدة: 16 ألفًا و500 مريض بحاجة لرعاية طبية عاجلة خارج قطاع غزة    تصعيد قاسٍ في أوكرانيا... مسيّرات وصواريخ "كينجال" ومعارك برّية متواصلة    «متذيل الدرجة الثانية» بلدية المحلة يتحدى الزمالك في كأس مصر    ضبط 15 شخصًا لقيامهم باستغلال الأطفال الأحداث في أعمال التسول    موجة برد قوية تضرب مصر الأسبوع الحالي وتحذر الأرصاد المواطنين    تأجيل محاكمة المتهمة بتشويه وجه خطيبة طليقها بمصر القديمة ل20 نوفمبر    أحمد مالك: لم أعد متعطشا للسينما العالمية    الأعلى للثقافة: الحجز المسبق ينظم دخول المتحف الكبير ويضمن تجربة منظمة للزوار    عروض فنية وإبداعية للأطفال في ختام مشروع أهل مصر بالإسماعيلية    قافلة تنموية شاملة من جامعة القاهرة لقرية أم خنان بالحوامدية    مؤتمر جماهيري حاشد ل«حماة الوطن» بالدقهلية لدعم مرشحه في النواب 2025 | فيديو    فيريرا يغادر القاهرة بعد فشل مفاوضات الزمالك واتجاه لشكوى النادى فى فيفا    كاف يخطر بيراميدز بموعد وحكام مباراة ريفرز النيجيري فى دوري الأبطال    الموسيقار هاني مهنا يتعرض لأزمة صحية    محافظ أسوان يتابع الحالة الصحية لمصابى حادث إنقلاب أتوبيس الطلاب    المدير التنفيذي للهيئة: التأمين الصحي الشامل يغطي أكثر من 5 ملايين مواطن    الصحة العالمية: 900 وفاة في غزة بسبب تأخر الإجلاء الطبي    محافظ الجيزة يُطلق المهرجان الرياضي الأول للكيانات الشبابية    فرص عمل جديدة بالأردن برواتب تصل إلى 500 دينار عبر وزارة العمل    التعليم العالى تقرر إلغاء زيادة رسوم الخدمات لطلاب المعاهد الفنية.. تفاصيل    اتصال هاتفي بين وزير خارجية مصر ونظيره الباكستاني    وزيرة التنمية المحلية تفتتح أول مجزر متنقل في مصر بطاقة 100 رأس يوميا    بتكوين تمحو معظم مكاسب 2025 وتهبط دون 95 ألف دولار    استمرار رفع درجة الاستعداد القصوي للتعامل مع الطقس الغير مستقر بمطروح    انخفاض ملحوظ فى أسعار الطماطم بأسواق الأقصر اليوم السبت 15 نوفمبر 2025    لاعب دورتموند يسعى للانتقال للدوري السعودي    معاش شهر ديسمبر 2025.. اعرف الموعد ومنافذ الصرف    «التخطيط» تطبق التصويت الإلكتروني في انتخابات مجلس إدارة نادي هليوبوليس    عمرو سعد يكشف تطورات الحالة الصحية لشقيقه أحمد بعد حادث العين السخنة    «الطفولة والأمومة» يتدخل لإنقاذ طفلة من الاستغلال في التسول بالإسماعيلية    «حكايات من الصين المتطورة: لقاء مع جوان هو» في أيام القاهرة لصناعة السينما| اليوم    لو مريض سكر.. كيف تنظم مواعيد دواءك ووجباتك؟    تجديد الاعتماد للمركز الدولي للتدريب بتمريض أسيوط من الجمعية الأمريكية للقلب (AHA)    أمريكي يعتدي على شباب مسلمين أثناء الصلاة في ولاية تكساس.. فيديو    في ذكرى وفاته| محمود عبدالعزيز.. ملك الجواسيس    كولومبيا تعلن شراء 17 مقاتلة سويدية لتعزيز قدرتها الدفاعية    الدفاع السورية: تشكيل لجنة تحقيق لتحديد مكان إطلاق الصواريخ على دمشق    عمرو حسام: الشناوي وإمام عاشور الأفضل حاليا.. و"آزارو" كان مرعبا    مدفعية الاحتلال تقصف شرق مدينة غزة ومسيرة تطلق نيرانها شمال القطاع    نشرة مرور "الفجر".. انتظام مروري بمحاور وميادين القاهرة والجيزة    طرق حماية الأطفال ودعم مناعتهم مع بداية الشتاء    الصين تحذّر رعاياها من السفر إلى اليابان وسط توتر بشأن تايوان    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 15 نوفمبر 2025    جامعة القناة تقدم ندوة حول التوازن النفسي ومهارات التكيف مع المتغيرات بمدرسة الزهور الثانوية    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    في غياب الدوليين.. الأهلي يستأنف تدريباته استعدادا لمواجهة شبيبة القبائل    الحماية المدنية تسيطر على حريق بمحل عطارة في بولاق الدكرور    حكم شراء سيارة بالتقسيط.. الإفتاء تُجيب    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    باحث في شؤون الأسرة يكشف مخاطر الصداقات غير المنضبطة بين الولد والبنت    جوائز برنامج دولة التلاوة.. 3.5 مليون جنيه الإجمالي (إنفوجراف)    حبس عصابة استدرجت صاحب شركة واستولت على أمواله بالقاهرة    زعيم الثغر يحسم تأهله لنهائي دوري المرتبط لكرة السلة    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. نبيل فاروق يكتب.. "الستار الأسود": غبار
نشر في بص وطل يوم 11 - 11 - 2012

انعقد حاجبا درويش بمنتهى القسوة والشراسة، وهو يجلس واضعا إحدى ساقيه فوق الأرض، متطلعا إلى ذلك الشاب، الذي لم يتجاوز العشرين من عمره بعد، والذي أمسك به اثنان من رجاله، وأجبراه بقسوة على الركوع أمامه، وهو يهتف في ذعر باكيا:
- أقسم إنني سأدفع ثمن ما أخذته.. غدا سأحضر لك المبلغ المطلوب.. إنها أزمة عابرة فحسب..
زمجر درويش في شراسة، جعلته أشبه بذئب برّي متوحش، وهو يقول:
- لقد أمهلتك أسبوعين كاملين، لتدفع ثمن البضاعة، واليوم تنتهي المهلة، وليس من عادتي مدّ المهلة، مهما كانت الأسباب.
بكى الشاب في انهيار، وهو يقول:
- ولكنني أقسم أن أدفع المبلغ غدا.. أمهلني فقط حتى ظهر الغد، وسأسدد الثمن كله، حتى ولو اضطررت لسرقة مصاغ والدتي، و...
قاطعه درويش بزمجرة أكثر شراسة:
- لا يوجد غد.. بالنسبة لك على الأقل.
انهار الشاب أكثر، وهو يقول ودموعه تغرق وجهه:
- الرحمة.. أرجوك.
صرخ فيه درويش:
- ليست مسألة رحمة.
ثم تراجع في مقعده، وأضاف في شيء من الزهو الوحشي:
- إنها مسألة مبدأ.
كاد الشاب المسكين يفقد الوعي، وهو يقول:
- ولكنني وحيد والديّ، ولن يبخلا بأي شيء في مقابل حياتي.
لوّح درويش بذراعه، في حركة مسرحية، وهو يقول:
- هراء... إنهما حتى لم يحسنا تربيتك.
لم ينبس الشاب ببنت شفة، وهو يبكي وينتحب بصوت مرتفع، فتابع درويش، وقد اكتست لهجته بلمحة من الشماتة:
- أنت شاب مرفه، من أسرة ذائعة الصيت، ووالداك من طبقة تتصور نفسها فوق كل الطبقات، وتنظر إلى أمثالنا من علٍ، نظرة احتقار وازدراء، وينفقان عليك بسخاء؛ لتصل إلى أعلى مستويات التعليم، الذي لم نحظ نحن بأدناه.
ارتفع بكاء ونحيب الشاب أكثر، مما زاده انتعاشا وزهوا وشماتة، وهو يتابع:
- والأثرياء أمثالكم يتصورون أن المال هو كل شيء.. فقط لأنهم يمتلكونه.. وينسون أن التربية هي الأساس.
بدت هذه الموعظة عجيبة تتناقض وبشدة مع هيئة درويش، وعمله في تجارة المخدرات، إلا أن الشاب المنهار لم يعلق على هذا، واكتفى ببكاء عنيف، جعل درويش يزداد شماتة، وهو يقول في ازدراء متعمد:
- انظر إلى نفسك.. شاب يتلقى التعليم في أغلى جامعات مصر، وعلى الرغم من هذا لم يمكنه مقاومة ميله الطفولي لتجربة المخدرات.
تمتم الشاب في صعوبة، من وسط بكائه:
- أقسم ألا أعود إليها مرة أخرى.
أطلق درويش ضحكة عالية ساخرة وحشية، قبل أن يقول:
- قسم ستبرّ به حتما؛ لأنك لن تكون بيننا لتعود إليها مرة أخرى.
ثم بدأت لهجته تكتسي بالشراسة، وهو يضيف:
- ولا حتى إلى والديك.
تصور أحد الوحشين اللذين يمسكان بالشاب أن هذا بمثابة إصدار الحكم، فقال في غلظة بدت وكأنها جزء من شخصيته:
- هل ننهي الأمر؟!
ارتجف الشاب في رعب، في حين التمعت عينا درويش، وهو يشير بسبابته، قائلا:
- أرأيت أيها المدلل؟ بإشارة واحدة مني أهبك الحياة أو الموت.
انتفض الشاب في عصبية مفاجئة، وصاح على الرغم من دموعه وانهياره:
- ومن أنت حتى تهب الحياة أو الموت؟!
انتفض درويش بدوره، وحدق في الشاب ذاهلا، غير مصدق أنه قد نطق تلك الكلمات...
ولكن الشاب تابع في غضب عجيب، وكأنما أدرك أنه هالك لا محالة، فلم يعد يجد داعيا للتوسل:
- الله سبحانه وتعالى وحده يحيي ويميت.. أما أنت، وكل ضباعك الشرسة، فلستم سوى مخلوقات ضعيفة، لو سلّط عز وجل عليكم كلبا من كلابه، لما بقيت فيكم خلية واحدة حية، أو عرق واحد ينبض.
تضاعف ذهول درويش وغضبه واستنكاره، واحتقن وجهه في شدة من فرط شعوره بالمهانة، في حين غمغم أحد الوحشين، في ذهول مماثل:
- لقد جُنّ.
صرخ فيه الشاب:
- بل قل: إن مواجهة الموت قد أعادت إليّ عقلي وصوابي.. إنني أتساءل: كيف سقطت في هذا المستنقع؟! وكيف أسأت إلى نفسي وعائلتي وربي سبحانه وتعالى، بالتورط مع حقراء أمثالكم.
همّ أحد الوحشين بضربه على رأسه، إلا أن درويش استوقفه بإشارة صارمة من يده، نهض بعدها من مقعده، الذي يتخذه عرشا لمملكة المخدرات التي يتزعمها، واتجه نحو الشاب، بوجهه الذي لم يفقد احتقانه بعد، ومال نحوه، قائلا في وحشية غاضبة:
- كلب من كلابه؟! هل تصوّرت أن كلبا يمكن أن يرجف شعرة واحدة في رأس درويش، ملك الكيف في مصر كلها؟
أدهشه أن الشاب قد بدا وكأنه قد اكتسب شجاعة مفاجئة، وهو يقول في تحدٍّ، على الرغم من سوء موقفه:
- وهل تصوّرت أنت أن كلاب الله سبحانه وتعالى تشبه كلابنا نحن؟!
احتقن وجه درويش أكثر، وأيقن من أن الشاب قد فقد عقله بالفعل، وإلا لما جفّت دموعه، واكتسب هذه الشجاعة المفاجئة!!
إلا أن هذا لم يصنع عنده فارقا...
لقد أهانه..
وأمام رَجُليه..
وهو ليس بالرجل الذي يغفر هذا..
أبدا..
وبكل غضبه ووحشيته، ووجهه الذي ازداد احتقانا، اعتدل درويش، وضغط أسنانه في قوة، حتى لا تخرج كلماته غاضبة عصبية..
وبعد لحظات من الصمت، قال في بطء وحشي:
- سأريك أنني أهب الحياة أو الموت بإشارة من سبابتي.
قال الشاب في تحدٍّ عجيب:
- هراء.
كظم درويش غيظه أكثر، وقال:
- سترى.. لا أريده أن يموت ميتة عادية.
ورمق الشاب بنظرة متحدية، مضيفا:
- أريده أن يذوق أبشع أنواع العذاب وأقساها وأقصاها، قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة.
كان يتصور أن كلماته ستثير الرجفة في أوصال الشاب، إلا أنه ارتطم بنفس النظرات المتحدية، فأكمل، غير قادر على كتمان عصبيته هذه المرة:
- وأريد تشويهه بشدة، وحرق أطرافه في بطء، حتى تصاب أمه بحالة من الهلع، لا تفارقها طيلة حياتها، عندما نلقي جثته أمام منزله.
مرة أخرى واجهه الشاب بتلك النظرة المتحدية، والتي أفقدته أعصابه هذه المرة، فصرخ بكل ثورته:
- الآن.. خذوه وافعلوا به هذا الآن.
جذب الوحشان الشاب في قوة، وكل شر ووحشية الدنيا يطلان من عيونهما، و...
وفجأة، ظهر هذا الغبار...
غبار كثيف، اندفع داخل تلك الحجرة، في قبو فيلا درويش، التي اختار لها تلك البقعة النائية، البعيدة عن العمران...
وكرد فعل طبيعي، التفت الكل إلى باب القبو، حيث ظهر الغبار..
ومع التفاتتهم، ارتفعت تلك الزمجرة المخيفة..
زمجرة قوية..
عالية..
رهيبة..
زمجرة زلزلت كيانهم، وارتجفت لها أوصالهم، وانخلعت معها قلوبهم..
ثم عبر ذلك الجسم الضخم سحابة الغبار..
وتجمّدت الدماء في عروقهم جميعا..
حتى ذلك الشاب..
فذلك الجسم، الذي عبر سحابة الغبار، ورمقهم بعينيه اللامعتين المخيفتين، كان آخر شيء يتخيلون رؤيته في قبو كهذا..
كان أسدا..
أسد قوي، رهيب، مخيف، في ضِعف حجم الأسود العادية..
على الأقل..
ولثوانٍ، أدار ذلك الأسد الهائل عينيه في وجوههم..
ثم توقف بصره عند الوحشين، اللذين يمسكان الشاب..
كان وكأنه قد انتقى فريسته الأولى، عندما توقف ببصره عندهما لحظات، حاول أحدهما خلالها أن يسحب مسدسه في حذر..
ولكن الأسد الهائل انقضّ فجأة..
وقبل حتى أن يجد أحدهما وسيلة أو مكانا للفرار، كانت مخالب الأسد تمزق عنق أحدهما، وأنيابه تنغرس في عنق الآخر..
وبكل رعبه، تراجع الشاب عدوا إلى ركن القبو، وانكمش هناك يرتجف في شدة..
وأمام عينيه، شاهد الوحشين البشريين يسقطان أرضا، والدماء تنزف من عنقيهما في غزارة مخيفة، وجسداهما يتلويان في ألم رهيب، وهما يلفظان أنفاسهما الأخيرة..
ثم رأى الأسد يلتفت إلى درويش، الذي تجمّد على عرشه الخشبي، واتسعت عيناه عن آخرهما، وارتسمت على وجهه أبشع آيات الرعب..
وفي بطء، اتجه الأسد نحوه، دون أن يرفع عينيه عن وجهه..
وعندما خمدت حركة الوحشين البشريين تماما، وتسمّرت نظراتهما، مع الرعب الذي لم يفارق ملامحهما، كان الأسد يقف أمام درويش مباشرة..
وكطفل مذعور مبلول، في طقس عاصف شديد البرودة، راح جسد درويش يرتجف، وراح يتمتم بكلمات وهمهمات، لم يتبيّنها الشاب المنكمش المذعور في البداية..
ثم، وفي حركة واحدة، انقضّ عليه الأسد..
ومع ثقل حجمه الهائل، سقط درويش مع مقعده أرضا..
وجثم الأسد الرهيب، بكل ثقله على صدره..
في تلك اللحظة، انهارت ثقة درويش، وانهارت معه غطرسته وزهوه..
لقد تحوّل إلى فأر مذعور، يصرخ بلا انقطاع، بنفس الكلمات، التي لم يتبيّنها الشاب في البداية:
- عرفتُ كيف يبدون.. عرفتُ كيف يبدون.
ومع آخر كلماته، مال الأسد برأسه نحوه في بطء، وغرس أنيابه في عنقه، ثم توقف على هذا الوضع، وكأنما يريد أن يذيقه بعض العذاب أولا..
وعندما جحظت عينا درويش عن آخرهما، من فرط الألم والرعب، أكمل الأسد عمله، وقضم قضمة كبيرة من عنقه..
ومع الدماء التي اندفعت كالشلال، رفع الأسد رأسه، ثم التفت إلى الشاب المسكين، الذي جحظت عيناه بدوره، والتصق بالجدار بشدة، في انتظار مصيره..
وفي هدوء، اتجه الأسد نحوه، وتطلع إلى عينيه مباشرة..
الطبيعي، في مثل هذا الموقف، كان أن ينهار الشاب تماما، مع قدر هائل من الرعب، يكفي مدينة كاملة..
ولكن العجيب أنه لم يشعر بهذا!!
شيء ما في عيني ذلك الأسد الهائل، الذي يفوقه حجما بأربع مرات على الأقل، جعله يشعر بشعور عجيب للغاية..
بالارتياح..
ومن خلف باب القبو المفتوح، والذي لم ينقشع عنه الغبار بعد، سمع الشاب صوت رجل يهتف:
- هنا.
وفي هدوء، التفت الأسد إلى مصدر الصوت، ثم اتجه نحو الباب، تاركا الشاب خلفه، وقد شمله هدوء نفسي عجيب وعميق..
"ولكن كيف فعلها؟!"
هتف مسئول حديقة الحيوان بالعبارة المتسائلة في دهشة بالغة، وهو يحدق في الشاب، الذي أجابه في هدوء أدهش الجميع:
- لقد رويت لكم كل ما حدث.
هزّ مسئول حديقة الحيوان رأسه في قوة، وهو يقول:
- ليس هذا ما أسألك عنه.. إننا نتساءل: كيف فرّ من قفص مُحكم، ونحن في طريقنا لنقله إلى حديقة الحيوان؟! ولماذا في هذه المنطقة بالذات؟! ثم وهو ما يحيرنا أكثر، لماذا قتل الرجال الثلاثة، ثم لم يمسَّك بخدش واحد؟!
تنهد الشاب في ارتياح، وأغلق عينيه لحظة، ثم عاد يفتحهما، وهو يجيب في خفوت:
- سل من أرسله..
ولم يفهم الرجل الجواب..
ولم يستوعب أيضا سر ابتسامة الشاب، وهو ينطق إجابته..
لم يستوعبها..
أبدا.

***


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.