بعد افتراسنا طوال شهر رمضان الماضي بمسلسل "الباطنية"، وتفاصيله غير الملائمة لحرمانية الشهر الكريم سواء رقصات غادة عبد الرازق، أو الإسراف في شرب الشيشة وغيرها من التفاصيل، وبعد تساؤل عدد غير قليل من المشاهدين عن جدوى تحويل فيلم "الباطنية" قصة إسماعيل ولي الدين، وسيناريو وحوار مصطفى محرم إلى مسلسل تليفزيوني يناقش نفس الفكرة بتفاصيل مشابهة على مدار 30 حلقة، رغم أنها تمت معالجتها ومناقشتها بنجاح على مدار ساعة ونصف فقط، أطلت علينا شركة "عرب سكرين" بخبر يُفيد بتحويل فيلم "العار" تأليف محمود أبو زيد، وإخراج علي عبد الخالق، وبطولة نور الشريف، ومحمود عبد العزيز، وحسين فهمي، وإلهام شاهين إلى مسلسل تليفزيوني من المقرر عرضه في رمضان 2010، ومرشح لبطولته مصطفى شعبان، ومحمد رجب، وأحمد رزق، وشريف سلامة، إذ من المقرر أن يكتب حلقاته أحمد أبو زيد ابن مؤلف الفيلم، لتبدأ الأحداث من حيث انتهى الفيلم، لكن بنهاية مختلفة ستفترض نجاح صفقة المخدرات دون أن ينتحر وكيل النيابة، أو يفقد طبيب الأمراض النفسية عقله ويظل يغني بهستيريا: "الملاحة الملاحة.. وحبيبتي ملو الطراحة" فهل سيغنيها المشاهدون بدلاً منه وهم يتابعون "حسرة علينا.. يا حسرة علينا"؟! بغض النظر عن نهاية الفيلم بفشل صفقة المخدرات، ونحن نسمع الآيات الكريمة: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}، أو نجاحها بالحصول على المكسب الوهمي في بضاعة مكسبها "خمسمية المية" كما كان يردد "كمال - نور الشريف"، ما جدوى عرض قضية "المال الحرام" الذي يوقن الجميع -بل ويبصمون بالعشرة- أنه يضيع في النهاية من أصحابه مهما زاد وكبر، بعد أن يأخذهم معه إلى الجحيم؟!
وهل مشاهدو 2010 ما زالوا لا يعرفون خطورة المخدرات وآثارها المدمرة على المجتمع؟
وإذا كانت شركة "عرب سكرين" التي أعادت صياغة فيلم "الباطنية" في مسلسل يحمل نفس الاسم ليناقش فكرة المخدرات، هي نفسها الشركة التي ستعيد صياغة فيلم "العار" في مسلسل يحمل نفس الاسم؛ ليناقش أيضاً نفس القضية، فهل معنى ذلك أنه لدى الشركة المنتجة حساسية مفرطة ضد المخدرات دوناً عن غيرها من القضايا الهامة التي تهدد المجتمع ولم يسلط الضوء عليها بقدر كافٍ؟!!
انظروا معي إلى كم الملايين التي تتجاوز العشرين والثلاثين مليونا على أعمال درامية معادة، بدلاً من إنفاقها على أفكار جديدة، وقصص مختلفة تعود بالنفع على الجمهور، ونحن نقف على ظاهرة إعادة تحويل الأفلام إلى مسلسلات، وتعالوا نسترجع أشهر المسلسلات المأخوذة عن أفلام تعد من علامات السينما المصرية على غرار "الصبر في الملاحات"، و"بين القصرين"، و"قصر الشوك"، و"رد قلبي"، و"نحن لا نزرع الشوك"، و"عمارة يعقوبيان" وغيرها، لنرى أن الجمهور المصري غير مهيأ لمشاهدة أعمال درامية مأخوذة عن أفلام سينمائية، لما يعد من قبيل تضييع الوقت في مط وتطويل أحداث كان من الممكن اختصارها في ساعة ونصف إلى أكثر من 20 ساعة، بخلاف أن معظم الأحداث ستكون محروقة ومعروفة، اللهم إلا من بعد التعديلات الطفيفة التي لا تشبع نهم الجمهور أو تحرّك تشويقه، فضلاً عن مقارنات ستنعقد في الأذهان بين أداء أبطال تلك الأفلام ونظرائهم من أبطال المسلسلات، ولا ننسى ها هنا تصريح الفنانة "مريم فخر الدين" بالفم المليان أنه: "لا أحد يستطيع أن يُقدّم دور إنجي بنفس الحرفية والأداء اللذين قدمتهما في رد قلبي"، ليجد الجمهور نفسه في نهاية المطاف يدور في فلك قضية محسومة ومحروقة تستهلك وقته وطاقته على "ما فيش"، وكأن صنّاع الدراما صنعوها بهدف التغييب والتضليل وتمضية الوقت لا أكثر!
والآن وبعد كل ما سبق.. هل تتفقون معنا في نفس الرأي أم لكم فيها رأي مختلف؟ وما هو الفرق بين المسلسلات والأفلام المأخوذة عنها من وجهة نظركم؟ ولماذا تابعتموها؟ وهل أنتم مع استمرار هذه الظاهرة؟ أم سيكون لكم موقف منها مع المسلسلات القادمة؟