تقع بمدخل خليج السويس الاستراتيجي .. لماذا يتجه السيسي لبيع رأس شُقير الغنية بالبترول للإمارات!؟    بعدما صمتوا على منع "مادلين" .. ناشطون : الجيش سيُنفّذ أوامر السيسي بحصار قافلة الصمود الداعمة لغزة    حماس تنفي تفاصيل مفاوضات وقف إطلاق النار التي يتداولها الإعلام الإسرائيلي    الزمالك يحيل تحويل أحمد حمدي للتحقيق بسبب التهكم على الإدارة    نائب محافظ الوادي الجديد تتابع جاهزية لجان واستراحات الثانوية العامة    ختام عرض أرض الأمل ضمن المسرح التوعوي بسوهاج    وزير الري: مصر تقوم بإدارة مواردها المائية بحكمة وكفاءة عالية    كوريا الجنوبية: بيونج يانج تعلق البث المناهض عبر مكبرات الصوت    عالم أكثر إنصافًا.. بيان عربي مشترك في يوم مكافحة عمل الأطفال 2025    «حافظ للقرآن والنبي قدوته».. الأول على الإعدادية الأزهرية بقنا: «ربنا كرمني»    الأحد 22 يونيو.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن المرحلة الثامنة التكميلية بالعبور الجديدة    إصابة 5 بطلقات نارية في مشاجرة بين أبناء عمومة بسبب خلافات الجيرة بسوهاج    ضبط كيانات مخالفة لإنتاج الأدوية البيطرية مجهولة المصدر بالمنوفية    بعد إسدال الستار على القضية.. نوال أحمد الدجوي تهاجم من اتهم والدها    وفد عمل مصر الثلاثي يُشارك في منتدى «التحالف العالمي للعدالة الإجتماعية»    تذاكر المتحف المصري الكبير.. الأسعار وطرق الحجز    أسرار بناء أقدم عجائب الدنيا |رحلة عبر الزمن لفهم تاريخ ونظريات ومراحل بناء الأهرامات    حسام حبيب يدعم تامر حسني بعد خضوع نجله لعمليتين جراحيتين    «عصمت» يفاجيء مستشفى الكهرباء بألماظة ويجرى حوارات مع العاملين والمرضى    مبادرات جديدة للذكاء الاصطناعي.. شراكة استراتيجية بين الرعاية الصحية وشركة عالمية    انقطاع شامل للاتصالات والإنترنت في قطاع غزة    الكشف عن برنامج خبيث ينتحل هوية تطبيق الذكاء الاصطناعي "ديب سيك"    اكتملت كتيبة الأحمر.. وسام أبو علي ينضم لمعسكر الأهلي في ميامي    "كانوا بيلعبوا ب40 ألف بالضرائب".. نجم الزمالك السابق يثير الجدل بصورة الجيل الذهبي    ريال مدريد يحسم صفقة الأرجنتيني فرانكو ماستانتونو حتى 2031    مانشيني: أريد العودة لتدريب منتخب إيطاليا    أهلي جدة ينتظر موقف ميسي    استعدادًا للصيف.. 8 توجيهات عاجلة لرئيس صرف صحي الإسكندرية- صور    وزير الاستثمار يلتقى مسؤولى شركة AXA العالمية العاملة بمجال التأمين الصحى    انخفاض تكلفة التأمين على الديون السيادية لمصر لأدنى مستوى في 3 سنوات    محافظ المنيا: إزالة 215 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة والبناء المخالف    في لفتة إنسانية.. محافظ الإسكندرية يستجيب لطلب مواطن من ذوي الهمم- صور    وزير البترول: مشروع إنتاج حامض الفوسفوريك تحرك هام لتعزيز الصناعات التحويلية    رسميًا.. رابط الاستعلام عن نتيجة مسابقة تعيين 20 ألف معلم مساعد للغة الإنجليزية    حقوق الإنسان بمجلس النواب تستضيف رئيس الطائفة الإنجيلية وأعضاء الحوار المصري الألماني    بعد وفاة الدكتور محمد عبد الحليم، «البحوث الإسلامية» يطلق حملة لمواجهة الخصومات الثأرية    حجز والدي عروس الشرقية على ذمة التحريات في واقعة زفاف عريس متلازمة دوان    عبد الخالق فريد مديرًا لمهرجان بورسعيد السينمائي الدولي    كريم عبدالعزيز يصل ب"المشروع x" ل100 مليون جنيه وينتظره رقما قياسيا في شباك التذاكر    عبد العاطي يؤكد ضرورة الحفاظ على السودان وصون مقدّراته    مصر تعرب عن خالص تعازيها لجمهورية الهند في ضحايا تحطم طائرة غرب البلاد    الصحة العالمية: رصد متحور كورونا الجديد في ألمانيا    قافلة مجانية للكشف عن الأورام ب مستشفى قويسنا في المنوفية السبت    5 فواكه تُعزز عملية إزالة السموم من الكبد    ننشر تفاصيل لقاء الهيئة البرلمانية لدمياط مع وزير الشباب والرياضة    مدير تعليم القليوبية لمصححى الشهادة الإعدادية: مصلحة الطالب أولوية عظمى    تامر حسنى وديانا حداد نجوم أحدث الديوهات الغنائية    تصادم دموي بوسط الغردقة.. إصابة 5 أشخاص بينهم طفل في حالة حرجة    20 مليون جنيه مخدرات وسقوط 5 خارجين عن القانون.. مقتل عناصر عصابة مسلحة في مداهمة أمنية بأسوان    إسرائيل.. المعارضة غاضبة لفشل حل الكنيست وتهاجم حكومة نتنياهو    برئاسة السيسي وولي العهد.. تعرف على أهداف مجلس التنسيق الأعلى المصري السعودي    كل ما تريد معرفته عن نظام المنافسة فى كأس العالم للأندية 2025    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025 في مصر    أمين الفتوى يوجه رسالة لمن يفوته صلاة الفجر    مراد مكرم ساخرًا من الأوضاع والنقاشات في الرياضة: بقى شغل عيال    أنغام تدعو بالشفاء لنجل تامر حسني: «ربنا يطمن قلبك وقلب أمه»    حكم توزيع لحوم الأضحية بعد انتهاء أيام عيد الأضحى    آداب الرجوع من الحج.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. نبيل فاروق يكتب.. ليالي رمضان (2)
نشر في بص وطل يوم 13 - 08 - 2012

بدأ عامي الأخير في المرحلة الثانوية مع بداية رمضان عام 1973.. كانت قوانين تخفيف الإضاءة المتبعة منذ نكسة 1967 قد تمّ تخفيفها على نحو يوحي بأن النظام قد قنع بحالة لا سلم ولا حرب؛ مما لا يجعل ضرورة قصوى لتخفيف الإضاءة..
وعاد الناس يعلقون زينة رمضان والمصابيح الملونة على نحو محدود..
ولما كنا قد تسلمنا منذ أيام كتبنا الدراسية.. فقد قرّرنا تأجيل دورة الشطرنج الرمضانية المعتادة إلى منتصف الشهر الكريم؛ بعد أن تكون قد استعدينا جيدا لعامنا الأخير في الثانوية العامة..
وفي العاشر من رمضان وقبل أن نبدأ ليالينا جاء الحدث الأعظم في تاريخنا.. اندلعت حرب استعادة "سيناء".
كان كل شيء من حولنا يوحي باستحالة حدوث هذا في ذلك التوقيت.. كنا قد تابعنا مشكلة القمح الفاسد في الصوامع..

ومشكلة انتشار ميكروب التيتانوس في المستشفيات..
وقرأنا الإعلان الذي فتح باب الحجز لضباط وجنود القوات المسلحة لأداء عمرة رمضان، وكان الرئيس السادات يبدو لاهيا لا مباليا..
كل شيء كان يستبعد قيام الحرب عن قريب بأي حال من الأحوال..
حتى خطب الرئيس السادات خلت تماما من أي حديث عن الحرب..
ثم فجأة نشب القتال على الجبهة وعبرت قواتنا.. وحطمت خط بارليف الذي قالت صحفنا نفسها إنه من المستحيل تحطيمه..
وارتفع العلم المصري على الضفة الشرقية لقناة السويس..
ومع الفرصة العارمة التي لم تشمل مصر وحدها، وإنما العالم العربي كله؛ ألقينا جميعا كل استعدادات دورة الشطرنج الرمضانية..
ففي الأسبوع الأول كنا نقضي معظم ليالي رمضان أمام شاشة التليفزيون مستمتعين بمشاهدة طوابير الأسرى الإسرائيليين..

ودباباتنا وهي تعبر فوق المعابر التي أعدّها سلاح المهندسين إلى الضفة الشرقية للقناة،
وكانت تلك أمتع ليالي رمضانية قضيتها في حياتي..
كانت ليالي بطعم الفرحة..
والانتصار..
والفخر..
ثم مع بداية الأسبوع التالي اجتمعت مجموعتنا لندرس ما الذي ينبغي أن نقوم به في مثل هذه الظروف..
وفي الصباح التالي تطوعنا في فرق الدفاع المدني، وبدأنا تدريباتنا، وعلى الرغم من مشاق التدريب؛ كنا نشعر بسعادة ما بعدها سعادة..
وكم تمنينا أيامها أن نلتحق بالقوات المسلحة لنخوض القتال على الجبهة جنبا إلى جنب مع جنودنا البواسل..
أيامها كل شيء حولنا كان يلهبنا بالحماس..
فرحة الشعب..
طوابير التبرع بالدم..
البيانات العسكرية..
صور الأسرى..
وحتى الأغنيات الوطنية..
كانت فترة لم تشهد مصر مثلها قط
فترة أعظم من كل ما حلمنا به..
وعلى عكس أيام 1967 كان الشعب يثق في قياداته والبيانات العسكرية ثقة لا حدود لها، ويرفض التشكيك في حرف واحد منها.
كان الشعب كله بالفعل يد واحدة
لم تكن هناك حالات سرقة..
ولا اعتداء..
ولا بلطجة
بل لم يكن هناك بلطجية من الأساس..
حتى عندما حدثت ثغرة "الدفرسوار" لم يحدّ هذا من حماس الشعب أو ثقته في النصر، وحتى مع حصار السويس..
وعندما أعلنت الهدنة يوم 24 أكتوبر خرج الرئيس السادات يؤكّد للشعب أن الهدنة لا تعني نهاية الحرب.. ونصحهم بأن يبقى سلاحهم صاحيا..
وبعد ساعات فحسب كان الفنان الراحل عبد الحليم حافظ يطلق العبارة نفسها في أغنية رائعة.. "خلى السلاح صاحي"..
المؤلفون والمطربون والعازفون أيامها كانوا مع المهندسين الإذاعيين جبهة وطنية فنية في مبنى الإذاعة والتليفزيون..
لم يكن أحدهم يغادر إطلاقا خلال أيام الحرب.. كان الكل باقيا في الاستوديوهات لتأليف وعزف وغناء الأغنيات الوطنية؛ لبث الحماس في نفوس الشعب وجيشه.
كل إنسان على أرض مصر يبحث عن دور يؤديه؛ من أجل وطنه الذي يخوض حربا طال انتظارها لست سنوات كاملة..
البعض تطوع في الدفاع المدني..
والبعض الآخر في وحدات الإسعاف..
والبعض الثالث وقف في طوابير للتبرع بالدم..
وكانت أروع ليالي رمضانية شهرتها مصر..
ليالٍ جمعت شعبها كله في بوتقة واحدة اسمها "الوطني"..
وانتصرنا..
وعلى شاشات التليفزيون شاهدنا بكل الحماس الرئيس أنور السادات وهو يعلن النصر في مجلس الشعب..
شاهدناه وهو يمنح الأوسمة والنياشين والرتب للقادة العسكريين الذين حققوا لنا أول انتصار حقيقي على الجيش الإسرائيلي..
وكانت المرة الثانية التي نرى فيها حسني مبارك على الشاشة..

المرة الأولى كانت في مشهد واحد في فيلم الله معنا والذي لعب فيه دور قائد الطيران..
شاهدناه وسمعنا حديث السادات عن كيفية تخطيطه وإعداده للضربة الجوية التي مهدت للعبور
مهما كان غضب البعض من حسني مبارك الآن، فالتاريخ سيذكر أن ضربته الجوية كانت عبقرية بحق..
والتاريخ لا يغضب ولا يجامل ولا ينفصل..
التاريخ يذكر الحقائق فحسب..
وفي لحظة كتابتي لهذه السطور أستعيد تلك الذكريات التي مضي عليها ما يزيد على ثلاث عقود، وأحاول أن أقارن بينها وبين ليالي رمضان الآن..
الليالي التي سرقتها منا شاشات الفضائيات ومسلسلاتها وبرامجها..
الليالي التي ازدحمت بكل ما لا يمتّ بصلة بشهر رمضان، وصارت على الرغم من هذا سمة مميزة له..

أحاول أن أقارن وأشعر بالحنين..
أقارن بين ليالي رمضان القديمة البسيطة..
وبين ليالي رمضان الحديثة المفرطة في كل شيء..
مفرطة في شاشات لا حصر لها.. تعرض عددا هائلا من المسلسلات..
وتعرض برامج للمقالب لست أدري ما الصلة بينها وبين الشهر الكريم..
مفرطة في بهرجتها..
في أفرادها.
وحتى في تعامل الدين الخفيف..
أقارن بين هذا وذاك وأشعر بالحنين لأيامي السابقة وليالي رمضان القديمة..
ولكن وكما قالت لي صديقة حكيمة معتدلة التفكير في هذا الزمن إنه في الأعقد أن تكون بسيطا..
وكم كانت على حق..
لقد صار في الأكثر تعقيدا الآن أن تكون بسيطا في رمضان..
وليالي رمضان..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.