السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا بحب موقعكم جدا جدا.. وأتمنى أكون صديق دائم ليكم. باشوف المشكلات اللي بتوصل لكم وبجد باستفاد من ردودكم.. ردود تراعي عاداتنا وتقاليدنا الإسلامية والعربية.
أنا عندي مشكلة.. يا ريت تساعدوني في حلها..
أنا مقيم في إحدى الدول العربية.. الحمد لله باراعي والدي ووالدتي جدا ومهتم بيهم، وكمان بأخويا الوحيد اللي أكبر مني، ومهتم كمان بأولاد أخي نظرا للظروف الاقتصادية المتواضعة في مصر، المشكلة إن زوجتي بتفكر إني مش بهتم بيها وبطفلنا اللي ربنا رزقنا بيه؛ دايما تفكيرها إن هي آخر حاجة ممكن أفكر فيها.. مع العلم إنها مش بتمانع إني باساعد أخويا.. التناقض ده بيضايقني كتير، وبالتالي بيحصل مشكلات كتير جدا..
هي بتحبني جدا وأنا كمان، بس المشكلة دي مش عارف أحتويها.. يا ريت تنصحوني..
المشكلة إنها كمان بتضغط عليّ دايما علشان أنزل مصر؟؟ أنا مشكلات شغلي بتمنعني إني أنزل مصر على فترات قريبة؟؟
zizo
صديقنا العزيز.. أشكر لك ما ذكرته بحق الموقع، وهذا يا صديقي حق قرائنا الكرام علينا.. ومن خلال رسالتك استشعرت كم أنت إنسان راقٍ نبيل صاحب أخلاق وضمير حي، ولذا أرجو أن تفهم كلامي جيدا..
لن تجد إنسانا سويا يعترض على مساعدتك لأهلك ورعايتك لوالديك وأخيك وأسرته، تقديرا منك للظروف المجتمعية الطبيعية في مصر، هذه خطوة جيدة تدل على حسن تربية وكرم أخلاق، ولكن زوجتك لا يعجبها الإسراف في هذا التصرف، وترى فيه تأخيرا لها، وعدم اهتمام كافٍ بها وبأسرتك أنت، وكلا الوجهين على حق، والصواب هو التوسط ومراعاة جميع الظروف والملابسات.. فأنت لست مخطئا حين تساعد أهلك، وهي ليست مخطئة حين تطلب منك اهتماما كافيا بها ومراعاة لأسرتك..
ذكرت ظروف أخيك وأولاده وظروف والديك بالتفصيل.. ولكني لم أتبين من رسالتك هل زوجتك معك في الخارج أم لا؟ وهذا ربما يدل يا صديقي على أنك تقدم أهلك على نفسك، وتفصل فيما يخصّ والديك وأخيك على ما يخصّك، وهذا نبل ورقى وسمو أخلاقي تحسد عليه.. ولكن ألا ترى أن الشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده؟ ألا تعلم أن الفضيلة هي كل وسط بين رذيلتين؟ ألا ترى أن حب التناهي شطط وخير الأمور الوسط؟ كل هذه أمثلة شهيرة على أن الذي يحقق العدالة والراحة والطمأنينة هو التوسط والتوازن، وربما كانت هذه السمة تحتاج إلى بعض الضبط في حياتك.
وهذا يعطي لرأي زوجتك وجاهة ومنطقية؛ إذ إنها لا تعترض على رعايتك لأهلك، ولكنها تطالبك بدرجة أعلى من الاهتمام بها وبطفلك وبحياتك، وأن تدخر مقابل هذه الغربة التي لا بد أن يكون هناك تعويض عنها..
تذكر أنه لديك مشكلات كثيرة في عملك، وتذكر أنك لا تتمكن من النزول إلى مصر في إجازات، وربما كان سبب في ذلك شيء من ضيق الحال، ولهذا فهي ترى أنك تبذل للآخرين ما ترى أن بيتك أحق ببعضه، وترى منك استبسالا في غير محله، وفقه الأولويات يعلمنا أن "ابدأ بمن تعول"، فبيتك وأسرتك أحق بالبذل والكفاية، وبعد ذلك تنظر إلى الأقربين وهكذا في دوائر لا تنتهي ما دام الله يعطيك؛ لأن المال ليس مالك ولكنه مال الله أعطاك إياه كي تعطي أنت منه فيكون لك الثواب والأجر، ولكنه في النهاية يجب عليك تحقيق كفاية بيتك ورعاية أسرتك، وتقدير غربتك، والتفكير في مستقبلك بشكل معقول، ثم تفكر فيمن بعد..
هذه ليست دعوة للأنانية بل هي دعوة للعقلانية، والتوازن والتوسط، إذا كانت زوجتك على خلق وقنوعة، فيجب أن تشعر أن مطالبها منطقية وحاجات فعلية، وعليه فهي أولى ببعض ما تعطيه لأهلك، وإذا كانت امرأة مسرفة وتريد تبذير المال أو ادخاره بلا هدف فلا تسمع لها.
والأمر أيضا يتعلق بالحالة المادية لأخيك.. فإذا كان لديه حياة مستقرة ميسرة، ولو لم تكن بنفس حياتك فهو ليس بحاجة إلى مساعدتك، ومساعدتك له في غير محلها، إذ ليس عليك واجب الإنفاق عليه من جانب، كما أن هناك من هو أولى بمن تسير حياته على نحو جيد أو معقول، أما إذا كان معدما ولا يجد ما ينفق به على أسرته؛ فعليك حينئذ أن توفر له عملا أو مشروعا صغيرا ينميه هو، ويكون بالشراكة بينكما أو باتفاق ما، بحيث تكون علاقتكما ليست علاقة إعالة بقدر ما هي علاقة بذل متبادل وعمل مشترك، لا تعلمه الاتكالية ولا تفرط في حقوق أولادك وأسرتك من أجل "إراحة" لا "إعانة" غيرك.
أما والداك فلن أقول لك حرفا فيما تفعله معهما، فهذا شيء يخرج من يدك فيكتب لك في السماء، فلا تبخل عليهما بشيء ولا تنتظر حتى يطلبان منك، ولو أعطيتهم كل ما تملك فلن توفي حقهما عليك صغيرا وكبيرا، فراعهما يا صديقي، وثق أن الله يكتب لك الأجر ويدخر لك الخير بإنفاقك عليهما..
من المهم أيضا أن تخلق حوارا مع زوجتك، وأن يكون بينكما مصارحة تامة، وأن تناقشها فيما تفكر فيه، وتعرف أسبابها وتشركها معك في رسم ملامح المستقبل، فهي شريكة في هذا المستقبل، وهو ليس ملكك وحدك لتقرر وحدك ما تفعل فيه.
المستقبل يا صديقي.. ماذا أعددت له؟ هل ستمر سنين غربتك وأنت تنفق على أسرتك وأهلك ولا تدخر لأولادك شيئا ينفعهم؟ هل تفكر في لحظة تحتاج فيها إلى الراحة فتستطيع؛ لأنك استعددت لها بتوفير مبلغ أو افتتاح مشروع ما؟ هل تفكر في تغير الظروف من حولك بما يستلزم خطة أمان؟ أنت في حاجة إلى مراجعة ذلك لأن الحياة ليست اليوم فقط، وأكرر أن هذا ليس دعوة للمادية أو الاستغناء عن عون الله أو التكالب على الدنيا؛ ولكنه دعوة للوعي والرشد والتدبير وحسن التخطيط، لأنك إذا تورطت يوما فإنك ربما تلوم نفسك وقبلها أخاك، ووقتها تنقلب النعمة إلى نقمة، والإحسان إلى إساءة ولو بينك وبين نفسك.. فكن مع زوجتك واعلم أن اليد العليا خير من اليد السفلى، وأن الصدقة عن ظهر غنى.
وفقك الله وأغناك بالحلال ورزقك حسن التدبير آمين.. لو عايز تفضفض لنا دوس هنا