جاء في الأثر أن العمل عبادة، لكن يبدو أن هذه المقولة لا يطبقها الكثيرون منا في رمضان، بل على العكس، يعتبرونه شهر صوم، ليس فقط عن الطعام والشراب، ولكن أيضا عن العمل، بحجة عدم وجود طاقة كافية للعمل وعدم قدرة على التركيز، بسبب عدم تناول المنبهات من قهوة وشاي وسجائر وغيرها، ولو جاء في الحر كانت الحجة أشد، ويقوم البعض بتجميع إجازاتهم في الشهر الكريم، بينما قد يقوم البعض الآخر "بالتزويغ" مبكرا من العمل، أو الحضور والنوم على مكاتبهم، أو عدم إنجاز أي شيء من المهام المطلوبة، وبهذا يرتبكون ذنوبا أثناء صيامهم يجب عليهم الترفع عنها والتوقف عن إتيانها. كلنا يعرف أن غزوة بدر قامت في رمضان ولم يفطر المسلمون، كما جاءت معركة أكتوبر أيضا في رمضان ولم يفطر الجنود أيضا، رغم وجود فتوى بإفطارهم. والطب الحديث أكد أن الصيام يفيد البدن ويمده بالصحة والعافية ويخلصه مما يصيبه من كثرة الأكل، أي أنه من المفترض أن يشجع على العمل والإنجاز، لكن ما يحدث فعلا هو انخفاض الإنتاج في هذا الشهر الكريم بنسبة كبيرة، وهذا بالتأكيد ليس هدف تشريع الصيام ولا الأمر به. لأن الله سبحانه وتعالي أمرنا بإتقان العمل أمرا مطلقا وليس مقيدا بصيام أو فطر , وهذا يحرم في كل الأحوال, حتى لو هرب الإنسان من حرمة هذا بأن أخذ إجازة من عمله بسبب صومه، فإن الله تعالى يحب من بات مجهدا من عمله.