أحمد الجار الله لم تعد إيران قادرة على إخفاء شهوتها إلى التوسع والاحتلال والاغتصاب، الدولة المارقة التي احتلت إقليم الأحواز والجزر الإماراتية الثلاث، ها هي الآن تعلن، وبكل صفاقة، نيتها احتلال البحرين ومنع المملكة من ممارسة حرية قرارها في تقرير مصيرها بالاتحاد مع المملكة العربية السعودية في إطار مشروع الاتحاد الخليجي الأوسع، وما التظاهرات التي سيرتها والبيانات التي أصدرتها والتصريحات التي أدلى بها قادتها الدونكيشوتيون سوى دليل على وصول نظام طهران إلى حافة الهاوية. ليست البحرين أو السعودية أو أي دولة خليجية بحاجة إلى إذن من الملالي أو من قيادة الحرس الثوري الإيراني لممارسة حقوقها المشروعة؛ لأنها دول تتمتع بالسيادة الكاملة على أراضيها وشعبها وسلطة قرارها، وهو ما على قادة إيران استيعابه جيدا قبل أن تدور عليهم الدوائر جراء قصر نظرهم السياسي المبني على عنجهية قوة موهومة. عندما تصاب بعض الأنظمة ب"الزهايمر" سياسي تكون بدأت مسيرة نهايتها، ونظام الملالي ليس مصابا ب"الزهايمر" فقط؛ بل يعاني خرفا مزمنا جعله يتصور نفسه القوة المهيمنة في المنطقة، يستطيع متى يريد شطب هذه الدولة أو تلك عن الخريطة وضمها إلى دولته ومتوهما أن العالم مزرعة إيرانية لا قبل لأحد فيه على تأديب النظام الخرف، ولهذا مرة يرسل التهديدات إلى البحرين والسعودية ودول الخليج، وفي أخرى يزرع خلاياه التخريبية في كل دول "مجلس التعاون"، فيما يدرك قادته أن كل هذه الأعمال ليست إلا محاولة يائسة لن تجديه نفعا في الهروب من مواجهة معضلة وجوده كنظام مرفوض من شعبه ومنبوذ خارجيا. البحرين لم تكن يوما أرضا إيرانية أو تابعة إلى الإمبراطورية الفارسية كما يصورها التدليس الإيراني ولن تكون، كما لن تغير تصريحات أكبر مراجع نظام الملالي المنتفخ أو أصغرها من الواقع شيئا، فما الاعتراف الرسمي الإيراني بالمملكة وتبادل السفراء إلا دليل دامغ على زيف كل المزاعم الإيرانية، لأن البحرينيين حسموا قرارهم منذ العام 1971 حين أجمعوا على رفض الهيمنة والتدخل الإيراني في شئونهم الداخلية في ذاك الاستفتاء التاريخي الذي لم يسبق لشعب أن أعلن تمسكه بهويته الوطنية والعربية كما فعل أهل البحرين منذ 39 عاما، رغم أن نظام الشاه كان يومها أكثر قوة من نظام طهران الحالي، ورغم ذلك لم يستطع إرهاب هذا الشعب العربي صاحب الحضارة العريقة والأرض التي كانت دائما شوكة في حلق كل الغزاة الذين حاولوا التعدي عليها. ليفهم ملالي طهران أن مشروع الوحدة الخليجية ليس وليد الساعة أو هو رد فعل على أحداث يرتكبها بعض مأجوري "الحرس الثوري" والجواسيس في بعض دول الخليج؛ بل هدف استراتيجي وضعه زعماء المنطقة عندما أعلنوا "مجلس التعاون" في العام 1981، وسعت إليه دول المجلس منذ ذلك الوقت عبّر كل الاتفاقات بينها، وبالتالي لن يعرقل مسيرة هذه القافلة المباركة نعيق الغربان، فهم أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من مصيرهم المحتوم. عن موقع السياسة نُشِرَ بتاريخ 22/ 5/ 2012