في تصريحات سابقة لصحيفة الجارديان حول البرنامج النووي الإيراني، وسعي الجمهورية الإسلامية الدءوب للحاق بالنادي النووي؛ حذّر وليام هيج -وزير الخارجية البريطاني- من تحوّل منطقة الشرق الأوسط إلى ساحة حرب باردة جديدة، إذا ما نجحت طهران في حيازة أسلحة نووية. وقال هيج: "الإيرانيون يستأنفون برنامج أسلحتهم النووية بشكل واضح"؛ مضيفا: "إذا ما توفرت لهم القدرة على تصنيع أسلحة نووية؛ حينئذ أعتقد أن دولا أخرى في الشرق الأوسط سترغب في تطوير أسلحة نووية". وتابع: "وبالتالي ستبدأ أخطر جولة من انتشار الأسلحة النووية منذ اختراع الأسلحة النووية، مع كل الآثار المترتبة على ذلك من زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، والتهديد بحرب باردة جديدة في ظلّ عدم توافر آليات السلامة الضرورية؛ وهو ما يهدد بكارثة في الشئون العالمية". وبحسب الصحيفة؛ فإن تعليقات هيج تأتي بعدما أعرب مسئولون في واشنطن عن مخاوفهم من أن إيران تتجاهل العقوبات الاقتصادية؛ وهو ما يزيد من احتمالات شنّ إسرائيل والولاياتالمتحدة هجوما ضد الجمهورية الإسلامية هذا العام. ومن جانبه أكد هيج أن المملكة المتحدة لا تؤيد في الوقت الراهن القيام بعمل عسكري ضد طهران؛ لافتا النظر إلى أن "كل الخيارات يجب أن تبقى مطروحة على الطاولة". هيج أعرب عن رغبته في إعطاء واشنطن مزيدا من الوقت لتفعيل العقوبات الاقتصادية؛ رغم تزايد اقتناع بعض المسئولين البارزين في إدارة أوباما بأن العقوبات لن تردع طهران عن مواصلة برنامجها النووي؛ حيث يعتقدون أنه ليس هناك أي خيار أمام الولاياتالمتحدة سوى شنّ الهجوم ضد إيران أو مراقبة إسرائيل وهي تفعل ذلك. وقد أوضح الرئيس الأمريكي -للرأي العام وبوجه خاص لإسرائيل- أنه يعتزم إعطاء الوقت الكافي للتدابير الأخيرة؛ التي تشمل: الحصار المالي، والحظر النفطي الأوروبي الذي يلوح في الأفق؛ للضغط بصورة أكبر على الاقتصاد الإيراني المتضرر بالفعل؛ قبل أن يتراجع عن استراتيجيته الرئيسية للضغط على طهران. غير أن هناك تيارا قويا داخل الإدارة الأمريكية -يضمّ وزارتي الدفاع والخارجية- يعتقد أن العقوبات محكوم عليها بالفشل، وأن هدفها الرئيسي تأخير العمل العسكري الإسرائيلي، وكذلك طمأنة أوروبا أن أي هجوم لن يأتي إلا بعد اختبار سبل أخرى. وقال مسئول مُطّلع على سياسة الشرق الأوسط للصحيفة: "البيت الأبيض يريد رؤية نتيجة عمل العقوبات، وبوش لم يعُد يديره الآن، وهو في غنى عن الدخول في أي صراع آخر"؛ مضيفا: "المشكلة هي أنهم في طهران يتصرفون وكأن العقوبات لا تهمّهم، وكأن اقتصادهم لا ينهار، أو أن إسرائيل لن تفعل أي شيء، العقوبات هي كل ما لدينا لمواجهة المشكلة.. وإذا ما فشلت؛ فمن الصعب ألا نرى أنفسنا نتحرك باتجاه خيار أشدّ قسوة". الجارديان أشارت إلى أن البيت الأبيض قال مرارا إن كل الخيارات مطروحة على الطاولة؛ بما في ذلك استخدام القوة؛ لمنع إيران من حيازة سلاح نووي؛ ولكن التركيز ينصبّ بقوة في الوقت الحالي على الدبلوماسية والعقوبات. إلا أن الأحداث الأخيرة -بحسب الصحيفة- عزّزت الشكوك الموجودة بالأساس منذ فترة طويلة لدى المسئولين الأمريكيين حول إمكانية إغراء الإيرانيين، أو إقناعهم بمفاوضات جادة؛ مما دفع أحدهم للقول: "إننا لا نرى سبيلا للمضي قُدما"؛ مضيفا: "السجل يظهر أنه لا يوجد شيء للعمل عليه". الأكثر من ذلك عندما زعم محمود أحمدي نجاد -الرئيس الإيراني- في وقت سابق، أن إيران قد حملت أول قضيب وقود محلي الصنع في مفاعل نووي، وتهديده أيضا بقطع الإمدادات النفطية عن 6 بلدان أوروبية؛ وهو ما تمّ قراءته كدليل إضافي على أن طهران لا تزال ملتزمة بالمضي قُدما في برنامجها النووي. وإذا ما توصّل أوباما إلى استنتاج أنه ليس هناك من خيار سوى مهاجمة إيران؛ فإنه من غير المرجّح أن يأمر بذلك قبل الانتخابات الرئاسية في شهر نوفمبر القادم، ما لم يكن هناك سبب عاجل للقيام بذلك؛ لكن يبقى السؤال إذا ما كان الإسرائيليون سيكبحون جماحهم طيلة هذا الوقت. أيضا فقد أعربت الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي عن تفاؤلهما بإمكانية استئناف المحادثات مع إيران؛ وقالت هيلاري كلينتون -وزيرة الخارجية الأمريكية- إن رسالة من إيران إلى الولاياتالمتحدة وحلفائها "هي ما كنا ننتظره". وفي المقابل شكا مسئولون أمريكيون آخرون من أن العرض الإيراني الأخير للتفاوض مع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بدا أنه لا يحتوي على تنازلات جديدة مهمة، وأعربوا عن اعتقادهم بأن استئناف المحادثات سيقود المناقشات على الأرجح بعيدا عن البرنامج النووي. وعزّز من هذا الرأي التحركات العدائية المتزايدة -التي ألقي فيها باللائمة على طهران- مثل المحاولات الفاشلة لمهاجمة دبلوماسيين إسرائيليين في تايلاند والهند وجورجيا.. مثل هذه التحركات تضاعف من الشعور بأن إيران بعيدة عن الاستعداد للتفاوض. أيضا فقد صرّح أوباما بأنه لا توجد خلافات مع إسرائيل بشأن إيران؛ واصفا إدارته بأنها ترتبط ارتباطا وثيقا بالدولة اليهودية؛ إلا أن الولاياتالمتحدة وإسرائيل على خلاف بشأن أهمية مزاعم إيران حول بدء تخصيب اليورانيوم في منشئه تحت الأرض في فوردو قرب مدينة قم المقدسة، وبالتالي توقيت أي عمل عسكري. وفي نفس السياق حذّر إيهود باراك -وزير الدفاع الإسرائيلي- من أنه لا يمكن السماح لإيران بإقامة "منطقة حصانة"؛ تسمح لها بالعمل لتطوير سلاح نووي على عمق كبير الأرض؛ وهو ما يجعلها منيعة أمام أسلحة إسرائيل التقليدية.