اعتاد البحارة قديما إذا صادفوا حوتا ضخما فى البحر أن يلقوا إليه بقارب فارغ ليشغلوه به عن مهاجمة السفينة حتى لا تغرق، ثم يحاولون صيد الحوت وهو منشغل بمناطحة القارب الفارغ.. وهو ما يفعله صناع الثورة المضادة بمشاركة ضمنية أو بالصمت، وهو نوع من الرضا سواء من حكومات ما بعد الثورة أو المجلس العسكري.. الصراخ ليس كافيا وبعد تزايد نزيف الدم المصري، لم يعد مقبولا الاكتفاء بالصراخ عبر الميادين وعلى فيسبوك وتويتر: يسقط يسقط حكم العسكر.. إحنا الشعب الخط الأحمر.. فلا بد أن نزرع بعقولنا وقلوبنا ضرورة أن تكون كل نقطة دم مصرية خطا أحمر، وأن نسعى بكل الطرق السلمية؛ لإيصال ذلك لكل من يهمه الأمر، وليعلم كل من يراهنون بأن كثرة نزيف الدماء ستزرع الخوف في نفوس المصريين، سواء من البلطجية الذين يتم استخدامهم ببراعة منذ موقعة الجمل وحتى أحداث الاعتصام أمام وزارة الدفاع.. يتعمّدون العجز ونتوقف عند البراعة في استخدام البلطجية والعجز المتعمد عن التصدي لمشاكل المواطنين وإغراقهم في أزمات متلاحقة، واكتشافنا قيام البعض بكل "فُجر" بسكب البنزين والسولار في الصحراء لافتعال الأزمة، ورد وزير التضامن اليساري الذي يجب أن يدخل به موسوعة جينيس عندما سئل كيف يتصرف لمواجهة أزمات الأرز؟ فقال: "فلتقم ربات البيوت باستخدام لسان العصفور بدلا من الأرز في عمل المحشي"! أبرياء ولكن ونؤمن تماما بصحة المقولة الرائعة: الأبرياء العزّل من الخبرة والفطنة يهلكون.. فقد أثبت الواقع أن كل استحقاق ديمقراطي يلزم المجلس العسكري بتنفيذ ما أقره وأعلنه وأقسم عليه بتسليم السلطة للمدنيين، لا بد أن يتم افتعال مواجهات لا نعرف كيف تبدأ ثم تنتهي بدماء مصرية نقاتل لمنع إراقة أي نقطة منها حتى لو كانت لبعض البلطجية الذين يتم استغلالهم لضرب المنادين بالحرية.. يريدون إخافتنا وبالطبع لا ندافع عن البلطجية؛ فأيديهم ملطخة بخطيئة سفك الدماء وأيدي وقلوب من يستخدمونهم ملطّخة بعار تعمد إراقة دماء المصريين؛ لإخافتهم لمنع وصول الحكم إلى الشعب من خلال اختيار شعبي حر نستحقه بعد اغتيال دامٍ لأكثر مما ينبغي لإرادتنا ولحقوقنا في اختيار الرئيس القادم، أيا كان التيار المنتمي إليه.. لا للثور الأبيض فلنتسلح جميعا بالوعي لصيانة دماء المصريين، ولنتحد معا بكافة التيارات والأيديولوجيات ضد من يحاولون التفرقة بيننا، وليكن لنا هدف واحد لا نحيد عنه، ونتوقف عن حملات التخوين لشركاء الوطن، ونوجّه سهامنا فقط نحو الذين يستهينون بالدم المصري.. ولنتذكر قصة الثور الأبيض الذي سمح للأسد بالتهام إخوته مقابل أمانه الشخصي، وكان مصيره قيام الأسد بالتهامه بعد فراغه من التهام إخوته الذين تخلى عنهم.. فمن العار وعدم الذكاء الفرح بأي نقطة دم تسيل لأي تيار نختلف معه كما يفعل البعض. بل ثورة الشعب ولنتذكر الدماء التي سالت قبيل انتخابات مجلس الشعب، بعد محاولات تأجيل الانتخابات، حتى يستعد الثوار للانتخابات، وتناسوا أن 20 مليونا من المصريين شاركوا بالثورة بنسب متفاوتة بالطبع، وأن الشعب لم يقتنع بخداعه بأن الشباب هم الذين صنعوا -وحدهم- الثورة، ثم تصدير بعض الشباب لم نعرف من أين جاءوا بهم للحديث باسم الثورة، وافتقد غالبيتهم للأدب ولأخلاق الحوار في إساءة متعمدة للثورة.. الاعتصام بشروط وحتى يكون الدم المصري خطا أحمر لا بد أن نصرّ على حق الاعتصام السلمي، مع ضرورة تحديد أهدافه بوضوح ومنع أي متسللين من الانضمام إليه، والالتزام بضبط النفس ورفض الاستدراج لمعارك جانبية.. فمن حقنا التظاهر والاعتصام دون أضرار لا بالمواطنين من خلال قطع الطرق ولا بالمنشآت العامة، ولا باستدعاء الوقيعة ببين الشعب وبين الجيش. مع ضرورة الحرص على التظاهر أو الاعتصام بأعداد كبيرة حتى يصعب على البلطجية ومن يحرّضونهم ممارسة إجرامهم، فكلما قلّ العدد سهل الاستهداف والعكس صحيح.. حسرة وسلبية ونثق بتأييد البعض من المجلس العسكري لتسليم الحكم للمدنيين ولا بد من مساندتهم بكل طرق الضغط السلمية، حتى لا ينسى البعض أن هناك ثورة قامت بالبلد، ولن نتحدث عن حق الشهيد فقط، ولكن سنصرّ على الحديث عن حقوق الأحياء بألا يتحولوا إلى أشباه بشر يتنفسون الحسرة وينفثون سموم السلبية والعجز عند سكب كل دماء مصرية جديدة. لن ننحني ونقول مع القائل: إذا لم تنحنِ لن يستطيع أحد امتطاء ظهرك، والمصريون لن ينحنوا مجددا إلا للخالق -عز وجل- وستزيدهم كل نقطة دم عزيمة وإرادة جبارة للمضي في طريق الثورة والإصرار على تسليم المجلس العسكري للسلطة لرئيس منتخب قبل 30 يونيو، وبتنفيذ تصريح الفريق عنان بتسليم السلطة فورا للرئيس المنتخب إذا نجح من الجولة الأولى بمايو الحالي. ولنرفض كل محاولات الترويج لانتخاب رئيس مؤقت؛ فهي محاولة للغشّ وإيقاف الحياة السياسية بمصر كما حدث بتونس. فلنرفض الاستدراج فلتوقظ كل نقطة دم مصرية تراق ظلما وعدوانا نور الاعتزاز بقيمة واحترام النفس داخل كل مصري ومصرية.. وكل التيارات السياسية، ولنعرف أن الحياة ستمضي منا فجأة ومن العار ألا نعيشها بكرامة وحرية.. ومن العار أيضا أن يتم استدراجنا في معارك جانبية ليتم اصطيادنا الواحد تلو الآخر، وليوصل كل منا صوته عبر كل الوسائل المتاحة عبر الإعلام وصفحات المجلس العسكري وصفحات المسئولين بالحكومة، مرددين جملة واحدة: لن نقبل بتأجيل الانتخابات ولو ليوم واحد، والدماء التي أريقت أيقظت الثورة في عقول وقلوب المصريين، وستكون نورا يتزايد بقوة وبثبات. لن يستسلموا بسهولة ولن يكون غضبا يشتعل بداخلنا ليأكل طاقاتنا ويزرع اليأس في نفوسنا، وهذا ما يريده ويخطط له صناع الثورة المضادة، "فلنهزمهم" ولندرك أنهم لن يستسلموا بسهولة، وأننا لا نملك رفاهية التراجع، ولنتذكر المخلوع حينما تعاطف بعض الناس مع خطابه فردّ بموقعة الجمل، ويخطط صناع الثورة المضادة للتنكيل بالمصريين وزيادة إفقارهم وعقابهم على ارتكابهم لخطيئة الثورة في حال فوزهم -لا قدر الله بالطبع- وتساندهم أمريكا وإسرائيل التي ما زالت تنعي المخلوع باعتباره الكنز الاستراتيجي. فلنخلع الجذور وتعمل بعض الدول العربية ضد ثورتنا، وهي التي ساهمت في إجهاض ثورة اليمن، ومنحت قاتل الشهداء باليمن إقامة مريحة بأمريكا وحصانة من الملاحقة القانونية له ولأسرته، وتولى نائبه الحكم، وهو ما تريد الثورة المضادة تنفيذه بمصر؛ بإعادة صناعة نظام المخلوع بوجوه جديدة، ولا شك أن المصريين يريدون خلع كل جذور النظام؛ لنعيش بكرامة نستحقها ولنوقف نزيف الدماء والسرقة لأرزاقنا ولأحلامنا أيضا.. وكما هتفنا بالتحرير يوم تراجع المخلوع عن التنحي، وقهرنا الإحباط وواصلنا التواجد بكثافة بالتحرير حتى تم خلعه: ماتعبناش ما تعبناش.. الحرية مش ببلاش دماء تزيد من فزاعة الخوف لصالح مرشح العسكري..