على الرغم من أنه لم يمرّ على تسلمه مقاليد وزارته سوى ثمانية أشهر فقط؛ فإنه لم يلقَ قبول الداخل والخارج معا، وكثيرا ما رفضت دول خارجية استقباله على خلفية مهاجمته الرئيس حسني مبارك، وتطاوله على الكثير من الرموز العربية والإسلامية، ومطالبتهم الاعتراف بيهودية إسرائيل، وإطلاقه المستمر للتصريحات المتضاربة! فمنذ إعلان تشكيل الحكومة الإسرائيلية في الأول من أبريل الماضي، وتولي رئيس حزب "يسرائيل بيتنا" الصهيوني المتطرف أفيجدور ليبرمان حقيبة الخارجية، وهو مثار جدل كبير من الإسرائيليين أنفسهم قبل الدول العربية والعالمية؛ خاصة وأن له مطالب يمينية متشددة؛ فهو شخص صريح، لا يجيد المداهنة أو الكياسة، ولا يخشى أحدا، ولا يتمتع بأي نوع من الدبلوماسية أو الحنكة السياسية أو الخبرة الحياتية التي تؤهله لاعتلاء أكبر مناصب الدولة الإسرائيلية، ورأس الدبلوماسية فيها.
في البداية أثير جدل واسع أثناء وبُعيد تشكيل الحكومة الإسرائيلية الحالية حول المنصب الرفيع الذي يتولاه ليبرمان، وضرورة ابتعاده عن أي منصب رفيع حتى لا يسيء إلى إسرائيل؛ لكن يبدو أن صداقته لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو كانت حافزا قويا للأخير إلى تعيينه في أرفع منصب حكومي إسرائيلي وهو توليه لحقيبة الخارجية، التي جلس على كرسيها من كانوا أكثر ذكاء منهم ودهاء، مثل أبا أيبان، وجولدا مائير، وموشيه دايان، وإسحاق شامير، وإسحاق رابين، وشيمون بيريز؛ ورغم أنهم إسرائيليون؛ لكنهم كانوا يتمتعون بنوع من الذكاء الدبلوماسي والحنكة السياسية!
وخرجت كافة وسائل الإعلام الإسرائيلية عقب الإعلان عن تعيين ليبرمان وزيرا للخارجية منددة بالتعيين وبحكومة نتنياهو من الأساس التي تضم عتاة اليمين المتشدد؛ خاصة وأنه سبق وأن تطاول على الرئيس مبارك، وهدد بتدمير السد العالي، وطالب بالاعتراف بيهودية إسرائيل، ونقل عرب 48 إلى أماكن خارج ما يسمى "بأرض إسرائيل"، ولا تزال حملات الهجوم الإعلامية على رئيس حزب يسرائيل بيتنا حتى الآن؛ رغم مرور ثمانية أشهر كاملة على تعيينه على رأس الدبلوماسية الإسرائيلية.
فقد طالعتنا مؤخرا صحيفة هاآرتس الإسرائيلية يوم الثلاثاء الماضي الموافق التاسع والعشرين من ديسمبر، بتقرير لرئاسة تحريرها قالت فيه إن ليبرمان قد التقى بعشرات السفراء الإسرائيليين بالخارج بمدينة القدسالمحتلة بعد أن تجمعوا ليستمعوا ويتعرفوا على سياسة إسرائيل القادمة؛ لكنها أوضحت أن ليبرمان يصر على إعادة إسرائيل إلى الوراء، لسياسة العالم كله ضد تل أبيب! مشيرة إلى أنه شخص غير مرغوب فيه في دول كثيرة في الشرق الأوسط -وتقصد مصر بالطبع- والاتحاد الأوروبي، حتى أن مقعده بات مقعد "مهرجين" -على حد وصف الصحيفة الإسرائيلية نفسها- كما أن ليبرمان يطلق تصريحات لا ترضي الإسرائيليين بوجه عام، مثل تصريحه عن السلطة الفلسطينية بأنهم "مجموعة مخربين"، والعودة إلى الخط الأخضر لن يؤدي إلى إنهاء الصراع مع الفلسطينيين، وهي تصريحات متضاربة مع ما يقوله نتنياهو خلال جولاته الخارجية؛ حيث اعتبرتها الصحيفة بمثابة عودة بإسرائيل إلى الوراء!
ووصفت الصحيفة ليبرمان بسياسي متطرف وعديم المسئولية، وأن اعتباره نافذة إسرائيل أمام العالم كان قرارا خاطئا، وأن نتنياهو قد أخطأ في تعيينه وزيرا للخارجية؛ حتى أنها طالبت رئيس الوزراء بإقالة ليبرمان فورا إذا أراد أن يستكمل مسيرة السلام!
الغريب أن صحيفة يسرائيل هيوم نشرت مقالا ليوسي بيلين شدد على الطلب السابق نفسه، من أن تعيين ليبرمان أساء للواجهة الدبلوماسية الإسرائيلية أمام العالم، ومن الضروري تنحيه عن منصبه؛ لأن هذا المنصب لا يصلح له شخصية متطرفة مثل ليبرمان.
فهل يشهد العام الجديد إقالة نتنياهو لوزير خارجيته المتطرف ليبرمان؟!