عمر سليمان رجل المخابرات المصرية الشهير الذي قرر أن يترشح لرئاسة جمهورية مصر العربية بعد ثورة 25 يناير، وسط جدل كبير بين من يراه قرارا مناسباً في وقت مصر أحوج فيه إلى من يكبح جماح الفوضى بها، وبين من يراه خطوة استفزازية في وجه الثورة. وفيما هو قادم سوف نحاول تسليط قليل من الضوء على الهوية الحقيقية لمرشح الرئاسة القادم، الذي أذاع بيان التنحي الشهير للرئيس المخلوع حسني مبارك.
من هو عمر سليمان اللواء عمر محمود سليمان، هو من مواليد محافظة قنا لعام 1936 انضم إلى القوات المسلحة عام 1954 وسافر ضمن البعثة المصرية إلى الاتحاد السوفيتي سابقاً؛ لتلقي العلوم العسكرية بأكاديمية "فرونزي" بموسكو، حصل سليمان على ماجستير في العلوم العسكرية، كما حصل على نفس الدرجة العلمية في العلوم السياسية من جامعة القاهرة.
عمل سليمان رئيسا لفرع التخطيط العام في هيئة عمليات القوات المسلحة، ثم مديرا للمخابرات الحربية، ثم رئيسا لجهاز المخابرات العامة المصرية من عام 1991 حتى عام 2011.
ومن الحروب العسكرية التي شارك فيها سليمان حرب اليمن، وحرب يونيو 1967، وحرب أكتوبر 1973. وبحلول الألفية الجديدة، بدأ اسم سليمان يظهر على الساحة الإعلامية باعتباره سياسيا مفاوضا في قضايا الصراع العربي الإسرائيلي عن الجانب المصري؛ كما تولى ملف المصالحة بين فتح وحماس.
وقد أتت ثورة الخامس والعشرين من يناير لكي يظهر ويسطع فيها نجم عمر سليمان بشكل جلي، فكان هو ممثل النظام أمام الثوار في جولة مفاوضات الإصلاح الدستوري، وذلك بعد تعيينه في منصب نائب رئيس الجمهورية في خامس أيام الثورة، ذاك المنصب الذي ظل فارغا طوال فترة حكم الرئيس السابق.
في يوم 10 فبراير ومع تطور الأوضاع وازدياد الرفض الشعبي لبقاء الرئيس السابق في منصبه أعلن الأخير في خطبته الأخيرة تفويض صلاحياته لنائب رئيس الجمهورية، ولكن استمر تصاعد الأحداث.
لن ينسى كثيرون وجهه في تلك اللحظات، وصوته الرخيم الذي بدا ضعيفا وقتها، وذلك عندما أعلن عمر سليمان بيان تنحي الرئيس السابق عن إدارة شئون البلاد، وتكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد، وانتهاء فترة تولي عمر سليمان كنائب رئيس.
عمر سليمان وسباق الترشح للرئاسة لقد فاجأ قرار عمر سليمان بالترشح لرئاسة الجمهورية كثيرين لم يتخيلوا أن نائب الرئيس السابق في واحدة من أهم فترات التاريخ المصري الحديث ينوي الترشح على منصب رئاسة دولة سبق أن لفظت رئيسها ورئيسه السابق، ولكن التدرج في طرح اسم سليمان كمرشح للرئاسة نقطة مهمة تحتاج التوقف بجوارها قليلا..
في بداية الأمر بقي سليمان بعيدا عن الأضواء، لا يجري حوارات، لا يظهر في أماكن عامة، يتابع عن بُعد حالة الزخم الشعبي التي أعقبت الثورة، حتى بدأ اسمه يُطرح، والبعض يطالب بتوليه إدارة شئون البلاد، وكانت ذروة تلك الفترة مطلع الشهر الجاري، وتزايدت الأنباء المؤكدة لنيته خوض السباق الرئاسي، ولكنه يعود ليفاجئ الجميع بالاعتذار عن الترشح في الرابع من الشهر الجاري، في بيان عام صاغه المفكر السياسي د. مصطفى الفقي.
ولكن سليمان فاجأ الجميع مرة أخرى بعدوله عن قراره يوم 6 إبريل وقبل يومين فقط من إغلاق باب الترشح، وقام بسحب الأوراق اللازمة من مقر اللجنة العليا للانتخابات مع حشد من مؤيديه.
وأدلى عمر سليمان ببيان مهم حول سبب عدوله عن قرار الترشح, قائلاً: "إن النداء الذي وجّهتموه لي أمر، وأنا جندي لم أعصِ أمرًا طوال حياتي، فإذا ما كان هذا الأمر من الشعب المؤمن بوطنه لا أستطيع إلا أن ألبي هذا النداء، وأشارك في الترشح، رغم ما أوضحته لكم في بياني السابق من معوقات وصعوبات، وإن نداءكم لي وتوسمكم في قدرتي هو تكليف وتشريف ووسام على صدري، وأعدكم أن أغيّر موقفي إذا ما استكملت التوكيلات المطلوبة خلال يوم السبت".
سليمان وأبو إسماعيل ونظرية المؤامرة أثار ترشح عمر سليمان على منصب الرئاسة مؤخرا جدلا واسعا في الشارع المصري، بين مؤيد لهذا القرار وآخر رافض له بشدة. فهذا القرار يأتي بعد ارتفاع احتمالات استبعاد المرشح حازم صلاح أبو إسماعيل إثر ثبوت جنسية والدته الأمريكية، كذلك بعد استبعاد أيمن نور من الترشح؛ لعدم مرور مدة 6 سنوات كمدة قانونية تفصل بين سقوط التهم التي وجهت إليه وبين قدرته على الترشح، وأيضا بعد ترشح خيرت الشاطر عن جماعة الإخوان المسلمين كمرشح أساسي، وترشح محمد مرسي كمرشح احتياطي.
هناك من يرى في سليمان المرشح القادر على إخراج مصر من حالة الفوضى السياسية والأمنية التي تعيشها عقب الثورة إلى بر الأمان، خاصة -على حد وصفهم- مع فشل الإسلاميين في تحقيق الاستقرار لمصر. وجاءت هذه الجموع في حشد مؤيد لقرار سليمان بالترشح مع رفع لافتات "انزل يا سليمان أنقدنا من الإخوان"، و"علشان خاطر مصر انزل أنقذ مصر".
فأكد مرتضى منصور -المستشار القانوني- في حوار له مع جريدة الوفد "أن ترشح عمر سليمان سيثري العملية الانتخابية؛ لأنه شخصية مشرفة، ولم نسمع عنه أن يده تلوثت بمال حرام أو بدماء المصريين".
من جهته تنازل العالم الدكتور محمد النشائي عن الترشح لرئاسة مصر لصالح عمر سليمان، مؤكدا أنه هو الرجل الذي سيستطيع أن يضبط إيقاع البلد، وأنه لا حاجة له بالترشح ما دام سليمان قد ترشح.
الفريق أحمد شفيق -المرشح المحتمل ورئيس الوزراء في عهد الرئيس السابق- يؤكد أن ترشح نائب الرئيس السابق يعبّر عن ثراء التيار المدني العصري الراغب في حماية الهوية المصرية للدولة بالقيادات القادرة على حكم الدولة.
من جهته قاد توفيق عكاشة مالك قناة الفراعين حملة تأييد سليمان في ميدان العباسية، وهو من أعلن عليهم موافقته على الترشح لرئاسة البلاد؛ حتى ينقذها من حالة الفوضى التي تعيشها حاليا؛ باعتباره رجل مخابرات ملم بتلك التفاصيل الأمنية.
وكان حزب الوفد قد رفض ترشح عمر سليمان في بيان نشرته جريدته الرسمية؛ حيث أكد أن الهيئة العليا والبرلمانية للحزب قد اجتمعت وقررت رفض المرشحين أصحاب المرجعية العسكرية وهو ما ينطبق على عمر سليمان.
فيما أوضح معتز سعيد -عضو مجلس الشعب ورئيس حزب الحرية- في تصريح خاص بجريدة "إيلاف" "أن ترشح عمر سليمان عودة إلى نظام مبارك".
وفي نفس الجريدة أشار عماد جاد -عضو مجلس الشعب والخبير السياسي- إلى أن ترشح عمر سليمان سيقوم بقلب خريطة صراع الانتخابات الرئاسية، وأضاف أن سليمان يتمتع بتأييد كارهي الإسلاميين إلى جانب أعضاء الوطني المنحل ورجال الأعمال، مما يعطي له فرصة أكبر للفوز.
ويرى أبو العز الحريري -المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية- "أن عمر سليمان سيخرج بفضيحة كبيرة بتحقيق نتائج مخيبة في الانتخابات الرئاسية وسقوطه"، حسب قوله ل"إيلاف"، وطالب القوى الليبرالية وشباب الثورة بالعودة إلى الميدان لو نجح سليمان في الانتخابات القادمة.
وقال محمد الأشقر -مؤسس حركة كفاية- بمقال لنفس الجريدة "إن ترشح عمر سليمان جاء للردّ على الإخوان لترشح الشاطر، فمصير مصر أصبح لعبة بين العسكر والإخوان".
*************** ولمعرفة أخبار الحملة عبر الإنترنت: * للاطّلاع على الصفحة الرسمية لعمر سليمان
* لمتابعة الصفحة الرسمية لحملة عمر سليمان على فيسبوك