بالتعاون مع الإمارات.. «التعليم» تنظم التصفيات النهائية لمسابقة «تحدي القراءة العربي» للعام الثامن    «مدبولي»: أسعار السلع الأساسية تراجعت 27% بمختلف المحافظات    جوتيريش: أرقام الضحايا في غزة مروعة وغير مسبوقة في سرعتها وحجمها خلال ولايتي    قائد الجيش الجزائري: التعاون مع الناتو ساهم في إرساء شراكة متينة ومثمرة    مندوب روسيا بمجلس الأمن: الشرق الأوسط على شفا الهاوية جراء التصعيد الإقليمي في المنطقة    توفيق السيد ردًا على أحمد سليمان: لم أجامل الأهلي والدليل نيدفيد    عمرو جمال يقود تشكيل فاركو في مواجهة فيوتشر بالدوري    إيهاب جلال يعلن تشكيل الإسماعيلي لمواجهة زد    خطوة عاجلة بشأن تعاقد ليفربول مع خليفة كلوب قبل توقيع العقود    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بمحور الضبعة الصحراوي    دار الكتب والوثائق القومية تنظم ندوة للاحتفال باليوم العالمي للتراث    المخرجة عايدة شليفر مديرا للمسابقة الرسمية للأفلام الروائية بالدورة 40 لمهرجان الإسكندرية    مدرب شيفيلد يونايتد يهاجم الاتحاد الإنجليزي بسبب مباريات الإعادة    البنك الأهلى.. إصابة" أبوجبل" اشتباه في قطع بالرباط الصليبي    وزير قطاع الأعمال: القطاع الخاص شريك رئيسي في تنفيذ مشروعات التطوير وإعادة التشغيل    بسبب خلافات مالية.. مسجل خطر يقتل عامل بالسلام    بعد تغيبه.. العثور على جثة طفل غريق داخل ترعة في قنا    انخفاض الأسعار مستمر.. غرفة الصناعات الغذائية تزف بشرى للمواطنين    مجلس النواب يعقد أولى جلساته فى العاصمة الإدارية الأحد المقبل    «القومي لثقافة الطفل» يحتفل باليوم العالمي للتراث غدا    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    2022 شهد انخفاض النسبة إلى 0.38%.. «الصحة»: فحص أكثر من 60 مليون مواطن وعلاج أكثر من 4.1 مليون حالة بمعدل شفاء 99%    النيابة تخلي سبيل 3 متهمين بالاتجار في النقد الأجنبي بالرحاب    الاتحاد الأوروبي: نرفض أي عملية عسكرية في رفح الفلسطينية ونخشى حدوث كارثة    مسئول بأوقاف البحر الأحمر: زيارة وكيل مطرانية الأقباط الكاثوليك تعزز روح المحبة    129 متدربا اجتازوا 4 دورات بختام الأسبوع 31 من خطة المحليات بمركز سقارة    يسهل إرضاؤها.. 3 أبراج تسعدها أبسط الكلمات والهدايا    تعاون ثقافي بين مكتبة الإسكندرية والمكتبة الوطنية البولندية    مفتي الجمهورية يفتتح معرض «روسيا - مصر..العلاقات الروحية عبر العصور» بدار الإفتاء..صور    بعد انتهاء شهر رمضان .. جودر يتصدر نسب المشاهدة في مصر    طارق شلبي : مرسى علم ضمن أفضل 10 شواطئ في العالم    بيلينجهام يمدح حارس الريال بعد التأهل لنصف نهائى دورى أبطال أوروبا    جامعة كفر الشيخ تستضيف المؤتمر السنوي السادس لطب وجراحة العيون    قافلة طبية تخدم 170 مواطنًا بقرية الحمراوين في القصير البحر الأحمر    لو هتخرج من بيتك.. 5 نصائح لأصحاب الأمراض المزمنة أثناء التقلبات الجوية    شوقي علام يفتتح أول معرض دولي بدار الإفتاء بالتعاون مع روسيا (صور)    محافظ الشرقية: إحالة المقصرين في عملهم بالمنشآت الخدمية للتحقيق    الطاقة الإنتاجية لصناعة البتروكيماويات الإيرانية تزيد عن 100 مليون طن    5 خطوط جديدة خلال الربع الأول من العام تستقبلها موانئ دبي العالمية السخنة    وكيل الأزهر يتفقد التصفيات النهائية لمشروع تحدى القراءة في موسمه الثامن    وفاة معتمرة من بني سويف في المسجد النبوي بالسعودية    زاخاروفا: مطالب الغرب بتنازل روسيا عن السيطرة على محطة زابوروجيا ابتزاز نووى    إلغاء إقامتها.. مفاجأة جديدة عن بطولة الدوري الأفريقي في الموسم الجديد    طقس سئ.. غبار رملي على الطرق بالمنيا    تأجيل محاكمة حسين الشحات في واقعة ضرب الشيبي لجلسة 9 مايو    وكيل صحة قنا يجتمع مديري المستشفيات لمناقشة اللائحة الجديدة وتشغيل العيادات المسائية    مدفوعة الأجر.. الخميس إجازة للعاملين بالقطاع الخاص بمناسبة عيد تحرير سيناء    تعَرَّف على طريقة استخراج تأشيرة الحج السياحي 2024 وأسعارها (تفاصيل)    ضربات أمنية مستمرة لضبط مرتكبى جرائم الاتجار غير المشروع بالعملة الأجنبية    "الوزراء" يوافق على تعديل بعض أحكام قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية    وثائق دبلوماسية مسربة.. البيت الأبيض يعارض الأمم المتحدة في الاعتراف بدولة فلسطينية    ضربات أمنية مستمرة لضبط مرتكبي جرائم الاتجار في النقد الأجنبي    دعاء العواصف.. ردده وخذ الأجر والثواب    ردد الآن.. دعاء الشفاء لنفسي    وزير التعليم العالي يبحث تعزيز التعاون مع منظمة "الألكسو"    بلدية النصيرات: غزة تحوّلت إلى منطقة منكوبة جراء حرب الإبادة الإسرائيلية    علي جمعة: الرحمة حقيقة الدين ووصف الله بها سيدنا محمد    بيان عاجل من اتحاد جدة على تأجيل لقاء الهلال والأهلي في دوري روشن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جدد حياتك (13): متى تصفو المِرْآة؟!!


القلب..
موطن النوايا.
وبيت المقاصد.
ودفة التوجيه.
ومفتاح تحديد الهوية.
فيه تنبت البذور الأولى للأخلاق.
وفيه تتشكل القيم.
ولا تزال تنهمر عليه التعلقات والأهواء الصارفة.
وتراوده المطامع.
وتميل به الشهوات.
وفي المقابل لا تزال تقوى فيه المقاصد الصالحة.
التي يسير بها إلى الله تعالى.
وتتوقد فيه الهمم.
وتخالطه بشاشة الإيمان.
ويمتلئ باليقين.
فتفيض منه منظومة الأخلاق الراقية.
والقيم النبيلة.
التي يدرك بها مراد الله منه.
ويسعى في الأرض بالعمران
*********
ولهذا القلب أحوال صحة واعتدال.
وأحوال مرض واعتلال.
وأحوال موت واضمحلال.
*********
والأحوال التي يمرض فيها القلب يضعف فيها يقينه.
وتذبل فيه المقاصد الحسنة.
وتضمر عنده القيم.
ويتواري بالتدريج وهج الإيمان.
وتتمدد فيه الأهواء والأطماع.
فتنشأ الأخلاق الباطنية الرديئة.
من الكبر، والحقد، والحسد، والعجب، والمكر، والغل.
فتظهر منه السلوكيات المنحرفة.
التي تؤدي إلى اضطراب في علاقته الاجتماعية بالناس من حوله.
وربما انتشرت هذه المعاني حتى تصير سمة عامة للمجتمع.
فيتحول كله إلى كيان عدواني متسلط.
وهكذا تمضي منظومة البعد عن الله تعالى.
*********
وإذا ضعف اليقين، ووهن العزم، وخلا القلب من معاني الارتباط الصادق بالمولى سبحانه.
تراجعت منظومة القيم.
وضعفت مناعة القلب.
فيمتلئ ذلك الفراغ بسيل منهمر من طوفان العلاقات والارتباطات والمصالح والمكاسب والمطامع.
ومن التطلعات التي تفوق القدرات، ومن الشهوات الباطنية.
التي تحاول إشباع الأطماع المادية من نحو المأكل والمشرب، والملابس الفخمة، والمراكب الفارهة.
أو الأطماع الخيالية المعنوية من نحو الوجاهة، والشهرة، والتعالي.
أو التحيرات التي تطرأ على القلب من المفاهيم المادية الصرفة.
أو القيم الدنيوية البحتة.
المغرقة في التنافس والتكالب على الدنيا.
والمشبعة بمعاني النسبية المطلقة.
مما تغيب معه الآخرة.
ويهتز معه اليقين.
وتبذر بذور الشك والتحير.
*********
فانحصرت العلل والأمراض التي تطرأ على القلب في أمرين:
شهوات.
وشبهات.
أما الشهوات فأنواع وصور لا تنتهي، من المغريات التي تحرك في الإنسان أقصى معاني الحيوانية والاستهلاكية، وتصرفه عن الجد، والإيمان، والإنتاج، وبناء الأمة.
وأما الشبهات فأنواع وصور لا تنتهي من المفاهيم، والأقوال، والآراء، والفلسفات، التي تزلزل اليقين.
*********
وإذا وردت هذه الواردات الجارفة على القلب.
مع بعده عن توهج الإيمان.
وتوقد المعرفة الخالصة بالله.
والتعلق القلبي التام بأصول اليقين.
والتحقق من قضية الآخرة.
فإنها تسبب للقلب أمراضا وعللا.
تطمس بصيرته.
وتضعف يقينه.
وتشوه مفاهيمه.
وتنحرف بها مقاصده ونواياه.
فلا يبني وطنا.
ولا يصنع حضارة.
ولا يسير إلى الله.
ولا ينشر الهداية.
بل يغرق في الحركة اليومية للأحداث والأخبار والوقائع.
مع أحلام وأوهام تعصف به، وتتقاذفه.
فلا تصفو مرآته.
ولا يجد للعبادة لذة.
ولا يرى في القرآن عمقا ونورا وهداية.
*********
قال الله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ
لِذِكْرِ اللَّهِ
وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ
وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ
فَطَالَ عَلَيْهِمْ الأَمَدُ
فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ}، سورة الحديد، آية 16.
*********
قال سبحانه: {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} سورة الحج، آية 53.
وقال جل شأنه: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ}، سورة محمد، آية 29.
فهذه إشارات إلى قلوب مرضت بالشبهات، واهتز فيها اليقين، وتأثرت بمفاهيم مغلوطة.
ثم قال سبحانه: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ
لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ إِنْ اتَّقَيْتُنَّ
فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ
فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}، سورة الأحزاب، آية 32.
وهذه إشارة إلى قلوب مرضت بالشهوات.
*********
فهذا القلب العجيب.
تجري داخله صراعات ومعارك محتدمة.
وحروب شعواء.
وتتصارع فيه المقاصد الصاعدة إلى الله.
والتي ترقى بالقلب إلى معارج الفهم عن الله.
والاعتصام بالقرآن.
مع الأهواء النازلة.
التي يخبو معها نور القلب.
وتخيم عليه الظلمات.
ويدخل في حال الجفاء للإيمان.
والبعد عن الله.
والتجافي عن الآخرة.
حروب تتصارع فيها شعاعات اليقين، مع ظلمات النفس والأهواء والرغبات.
وتشتبك فيها النوايا بالميول.
والموفق من وفقه الله.
*********
ولا تكاد الشهوات تنحسر عن النفس إلا بالصبر.
ولا تكاد الشبهات تذهب وتتفكك إلا باليقين.
وللصبر إجراءات وخطوات ومدارج.
ولليقين إجراءات كذلك.
ولأهل الله مناهج في تنقية القلب من كل ذلك.
{وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} سورة يونس، آية 25.
أما الصبر فهو ثبات نفسي، ورسوخ، واسترواح باطني إلى الفضيلة، وتمسك بها، وعشق لها.
وانفتاح على سير الأئمة والأكابر الذين فاضت قلوبهم بالنور واليقين.
والصبر أيضا معنى من التعالي على الأهواء والشهوات، مع استصغار لها، واحتقار لشأنها.
والصبر رؤية واضحة
ومرآة صافية.
يرى فيها العبد الطهر طهرا.
والنبل نبلا.
والنجاسات والأقذار المعنوية كذلك.
حتى إذا ما انهمرت واردات الأهواء تحطمت على هذا الثبات.
وأما اليقين فهو ثبات ذهني، ورسوخ عقلي، واسترواح فكري إلى الحق، وتمسك به، ويقين فيه.
ونظر منهجي مطول في الأدلة والبراهين.
ومناهج الفكر.
واليقين أيضا رؤية واضحة.
يرى العبد بها الحق حقا.
والباطل باطلا.
ويتعالى على التشكيك والاهتزاز والتزلزل والوهن.
حتى إذا ما طرأت المفاهيم، وتعالت المادية بزخرفها استوعبها واحتواها، ورأى ما قبلها وما بعدها.
وعرف منشأها ومآلها.
وسلط عليها من أنوار يقينه، وبشاشة إيمانه، ما تذوب به وتنمحي.
*********
فتلخصت علل القلب في الشبهات والشهوات.
وتلخصت مسالك سلامته في الصبر واليقين.
قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً
يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا
لَمَّا صَبَرُوا
وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}، سورة السجدة، آية 24.
فبالصبر تجاوزوا الشهوات.
وباليقين تجاوزا الشبهات.
فسلم القلب من العلل.
فصنع حضارة مبنية على إيمان وقيم ورؤية واضحة.
واستيعاب لفلسفات الدنيا من حولنا مع ثبات.
فتحققت لهم الإمامة.
*********
وأرى مجال القول يتسع.
وأرى المسالك تتشعب بنا.
ولنا إلى هذا المعنى عودة ثم عودة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.