أنا عمري ما فكرت أفضفض؛ لأني من النوع الكتوم، بحب أكتم في قلبي وأسكت؛ لكن دلوقتي معلش هاطول عليكم. أنا عندي 23 سنة، وكنت بحب واحدة أكبر مني عندها 27 سنة، وكنا بنحب بعض جدا، وعشت معاها أجمل أيام حياتي، وعملنا كل حاجة حلوة مع بعض، وأنا كنت مقتنع بيها جدا، وقعدنا مع بعض أكتر من سنة؛ بس في الآخر المشكلات كترت ما بينا؛ لأنها كانت عايزة ارتباط رسمي؛ علشان مامتها كل شوية تقول لها أنا هاجي إمتى، وكمان هي كانت بتغير عليّ أوي وكده.
وفعلا أنا قررت إني آخد خطوة، وروحت أتكلمت مع أهلها، وهم رحبوا بيّ، وكلمت أهلي بس وفعلا خدت أمي ورحنا شفناها؛ بس ماعجبتش أمي خالص؛ لأنها معاها معهد وأنا كلية، وعلشان فرق السن، وكمان هي من بلد وأنا من بلد تانية خالص.
حاولت أقنعها كتير، وهي كانت رافضة رفض كبير، وماعرفتش أقنعها خالص، وطبعا علشان أنا بحب أمي ومع المشكلات اللي بتحصل؛ حسيت إني وصلت لطريق مسدود، نهيت الارتباط بطريقة قاسية أوي علشان تنساني وتعيش حياتها؛ بس مع إني سايبها بقالي أكتر من سنة؛ لكن ذكرياتنا مع بعض لسه قدامي، وحاسس بذنب رهيب؛ علشان أنا سبتها، وحاسس إني ظلمتها معايا، خاصة إنها كانت إنسانة طيبة وحنينة أوي.
أنا جربت أرتبط بعدها يمكن أنسى؛ بس ماكنتش باقدر أكمل، كنت باشوفها في أي بنت قدامي، يا ريت تقولوا لي اللي أنا عملته ده صح ولا غلط؟؟!
أنا مابقتش عارف أشتغل ولا أعمل حاجة.. يا ريت تردوا عليّ بسرعة، وبجد شكرا. أسير الذكريات
يبكي المولود عند ولادته؛ لأنه يظن أن حياته قد انتهت عند خروجه من بطن أمه، ويبكي الطفل عند فطامه؛ لأنه يكون متأكدا أن حياته لا تتم بوجود أمه، ويبكي عند دخوله المدرسة؛ لأنه يرى أن العالم الخارجي لا يناسبه، ولن يحتويه، ولن يستطيع إيجاد نفسه فيه، ويضطرب الشاب عند تخرجه ودخوله سوق العمل؛ لأنه يجد نفسه تائها لا يستطيع مواصلة حياته في نظام جديد، ويخاف كل شاب وفتاة من مسئولية الزواج؛ لأنه يخاف أن يخفق في تحمل المسئولية.
وقبل أن أتحدث معك صديقي عن مشكلتك -التي قد انتهت بالفعل- يسرني أن أخبرك أنك قد انتقلت بالفعل لحياة أخرى، واستطعت أن تعيش بعيدا عن حبك السابق، بغض النظر عن المتسبب في إنهائه.
المهم أنك الآن تعيش وتنجح وتمتلك القدرة على المبادرة ومحاولة الحب والزواج؛ حتى إن فشلت هذه المحاولات؛ لكنها لا شك تحميك من الفشل الأكبر؛ لأنك تتدرب على تلافي ما تقع فيه من تسرع، ومن حكم غير متروٍ على الأمور.
والآن دعنا نعود لقصتك السابقة؛ ليس بغرض التمحيص فيها؛ بل للاستفادة من تفصيلاتها، وما وقع فيها حتى تتلافاه في المستقبل: - لا شك أن فرق السن والتعليم كان واضحا بالنسبة لك، وكان يشكل لك بعض القلق؛ ولذلك كان من السهل على والدتك أن تستخدمه كسلاح إقناع مع وسائل ضغط أخرى، ولذلك تعلم أن تتوقف قليلا قبل قراراتك أو اختياراتك؛ حتى تكون متأكدا منها، فإذا عزمت على أمر فلا تتراجع عنه ما دام لم يظهر لك جديد.
- أحييك على حبك واحترامك لأمك ولرأيها؛ لكن يا صديقي هناك أمورا لا يستطيع سواك أن يختارها؛ كملبسك، وطريقة عملك، والفتاة التي ستختارها زوجة لك، وقد يمدك والداك ببعض خبراتهما في هذا الشأن؛ لكن يبقى اختيارهما غير مناسب إلا لهما.. وبالمناسبة فمخالفتهما في هذا الأمر لا يُعدّ من العقوق في شيء باتفاق العلماء.
- إياك أن تبادر بالدخول في قصة حب أو خطبة لتتناسى القصة السابقة؛ فقلبك سينفتح وحده حينما يجد من يملكه، ولا تدع الفراغ يسكن نفسك؛ بل أشغلها بالكثير من الأنشطة والمناسبات الاجتماعية، فهذا أفضل لك حتى تجد من يناسبك.
- وأخيرا فالأمر ليس بهذه القسوة التي تقسو بها على نفسك؛ فالزواج إيجاب وقبول من الطرفين ومن الأسريتين، وبحث عن نقاط التوافق والتفاهم... إلخ؛ وعليه فإنه يمكن لأي شخص في أي مرحلة أن يطالب بفسخ الاتفاق إذا لم يشعر بالتفاهم والتناسب والتكافؤ.
وفقك الله وأراح بالك، ورزقك بالزوجة الصالحة التي تسعد أيامك.