بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وأهلا ومرحبا بكم في هذا اللقاء الجديد المتجدد على موقع "بص وطل".. نجيب فيه على أسئلتكم التي منها: إذا كان ابني شهيدا ولم يلقَ من قتله جزاءه القانوني هل يجوز لي أن أقتص له بيدي؟ لا يجوز للإنسان أن يفتات على الإيمان -والافتيات على الإيمان باب كبير في الفقه الإسلامي- وإذا كان القاضي قد عُرضت عليه الأدلة، فترجحت عنده ولم يستقر في يقينه أن هذا هو القاتل؛ فكيف عرفت أنت أنه القاتل؟؟ بظن؟ وبوهم؟ وبتفكر بأدلة ناقصة؟! حكم الحاكم -كما تقرر في الفقه الإسلامي بإجماع- ينفذ ظاهرا وباطنا؛ ظاهرا يعني بين الناس، وباطنا يعني عند الله؛ ومعنى هذا أن القاضي لا يتتبع حكمه، فقد خرج منه الحكم كما تخرج طلقة الرصاص من المسدس، أو كما يخرج السهم من القوس، هكذا أراد الله سبحانه وتعالى، ولا يكون في كونه إلا ما أراد، ويجب علينا أن نحترم القضاء. إذن القاضي لم يصل بعد التدبر، وبعد إجراء قوانين العدالة، وبعد التأمل في أن هذا يكون قاتلا؛ فلماذا حكمت أنت عليه بأنه قاتل؟؟ حتى لو كنت رأيته بعينيك قد قتل هذا الابن؛ فأنه لا يجوز لك أن تقتص منه؛ لأن حتى هذه الرؤية يمكن أن تكتنفها احتمالات عشرة -كما يقول الإمام الرازي في "الاحتمالات العشرة"- يجعلها غير واردة.. من قال إنه كان يقصده؛ حتى لو رأيته يصوب ضده. إذن ما دمنا وصلنا إلى أن دولة الإسلام هي دولة القضاء، وهي دولة العدالة؛ فينبغي أن تحترم العدالة غاية الاحترام، وينبغي علينا أن نصبر {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ}، وينبغي علينا أيضا ونحن نؤمن باليوم الآخر أن نؤجل هذا القصاص الذي لم يرده الله سبحانه وتعالى في الدنيا؛ ولو كان قد أراده لألهم هذا القاضي بأن يحكم على ذلك الإنسان بأنه قاتل، ويأخذ منه القصاص، علينا أن نصبر لأمر الله كما صبر أولى العزم من الرسل، ومن الأولياء، ومن الخيرين من الناس إلى يوم القيامة. ولا يظلم عند الله أحد، و"الظلم ظلمات يوم القيامة"، والله سبحانه وتعالى يقتص يوم القيامة؛ حتى إنه يقتص من الشاه القرناء للشاه الجلحاء -والحلجاء: التي لا قرون لها- استضعفها التيس الذي له قرون فضربها وجرحها وآذاها؛ فإن الله لا يترك هذا يوم القيامة؛ بل يقتص من هذا العدوان، وإن كان في عالم غير التكليف؛ لكنه يفعل ذلك سبحانه وتعالى حتى يعلمنا نحن أننا لسنا بمنأى من حسابه يوم القيامة. أما أن نأخذ بأيدينا فإنها الفوضى، فإنه الخروج عن مقتضيات ما أقره الله ورسوله، فإنه الخروج والطغيان؛ ولذلك ما دام ليس لنا سلطان وهبه الله لنا، فما دمنا ليس معنا هذا السلطان؛ فلا نستعمل هذا السلطان. إلى لقاء آخر أستودعكم الله،،، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته إضغط لمشاهدة الفيديو: