ذهبت مرة واحدة لمولد؛ لمعرفة ما يحدث به بعيدا عما يبثه الإعلام، واستجبت لنصائح الأصدقاء بألا أرتدي أي حلى ذهبية، وأن أترك حافظة نقودي وحقيبتي بالسيارة.. على وشّها تنور على ظهرها تنور! وأتمنى أن نتعامل "بحذر" مع من يذهب لموالد وسائل الإعلام المختلفة، ومع أدعياء الثورة، ومن يحاصروننا ليل نهار، وألا نكتفي بالمشاهدة، وننزل لأرض الواقع لنرى بأنفسنا الحقائق دون تزييف. وفي المولد نرى الصيحات: على وشها تنور على ظهرها تنور! وهو ما نجده من أدعياء الثورة، فمن عارضوها في البدء مثل سامح عاشور ورفعت السعيد ومرتضى منصور وغيرهم يصرخون دفاعا عنها، ومن سعوا لإجهاضها عبر لجنة الحكماء التي كانت تسعى لبقاء مبارك لنهاية العام، وهو ما يعني: قول يا شعب للثورة باي باي واستنانا في المشمش اللي جاي! وهم الذين يتصدرون الحديث عن الثورة ومنهم: منصور حسن، وعمرو حمزاوي، ونجيب ساويرس، وأحمد كمال أبو المجد، وعمرو الشوبكي، وإبراهيم المعلم، وعمار الشريعي... وغيرهم، وستجدهم في جوجل لتنعش ذاكرتك.. الراقصة وال3 ورقات ونجد بالمولد من يلعب بال3 ورقات وفي أدعياء الثورة الكثيرون.. فمن "يصدّق" أن بعض الناصريين يتحدثون الآن بحماس "رهيب" عن الليبرالية، والناصرية = الاشتراكية والقومية العربية، والليبرالية = الرأسمالية والانحياز للغرب.. وفي المولد رأيت صياحا لتقديم راقصة السينما والمهرجانات الدولية، فاقتربت فوجدت سيدة بدينة تضع كميات كثيرة من مساحيق التجميل ولا تحسن الرقص.. وهو ما نراه بالمشهد السياسي؛ حيث يقدم لنا إعلام المخلوع أناسا لا نعرفهم ويقدّمهم "وكأنهم" نشطاء سياسيون، ويقوم كل منهم بالحديث بتعالٍ، ويدعي الحكمة ويلقي علينا أطنانا من الانتقادات للشعب الغبي الذي لم يفهم الثورة ولم ينقدْ وراءهم، ولم يهتف بحماس: بس انت تغنّي واحنا وراك لو اديتنا ظهرك هنبوس قفاك! بقرة ب5 أرجل!! وفي المولد وجدت جمعا كبيرا من الناس يشاهدون بقرة لها خمسة أرجل، ورجل يصيح بالميكروفون: شاهدوا المعجزة فلن تتكرر، ويستطيع السيطرة على البعض بكثرة الصياح، بينما ابتسم الآخرون بسخرية، فقد قام بلصق قدم إضافية للبقرة! وهو ما نشاهده عند أدعياء الثورة؛ حيث يتحدثون عن دورهم البارز بإيقاظ الشعب من الغيبوبة وقيادتهم للثورة ودفعهم الأثمان الباهظة.. ونتوقف عند حكاية سائق التاكسي الذي كان يهاجم الثورة والثوار بشراسة؛ لأنهم "يقبضون" من الخارج، وإذ "بالصدفة" البحتة يتضح أن من يستقل التاكسي واحد من "مفجّري" الثورة، فيقدّم نفسه للسائق الذي يستغرب "بشدة": وهل تركبون التاكسي؟ ألا تمتلكون سيارات فاخرة؟؟ وينتهي الحديث باعتذار سائق التاكسي، ووعده بأن يجعل كل من يعرفهم "يفهمون" حقيقة الثوار.. ومن الغريب تكرارها ممن يحتكرون الثورة لأنفسهم بعد أن ذكرها وائل غنيم وأسماء محفوظ! الكبار "الوحشين" اللي على الذل مدمنين وفي المولد نجد من يبيع الأوهام ويعرض منشّطات تجعل العجوز شابا.. ومن الأوهام أن الثورة قام بها الشباب وسُرِقت منهم، فإذا كانوا ساذجين وقام البعض بسرقتها فكيف نستأمنهم على مصر لقيادتها؟ وطرد الكبار "الوحشين" اللي على الذل مدمنين واللي من الكرامة محرومين ومن القهر والجهل واكلين شاربين وإذا كان الشباب "وحدهم" هم من قاموا بالثورة ولم يقم الشعب بأي دور، فلماذا لم "يورونا شطارتهم ويعملوا ثورة ثانية وثالثة"؟! وتدين الثورة بالفضل بعد الرحمن بالطبع لثورة تونس ثم للسويس مدينة البطولة؛ لصمودها أيام الثورة الأولى، وكان قائد الثورة بالسويس "الشاب" حافظ سلامة!! ثم لالتفاف الملايين بكافة الميادين لتحتضن الثورة وترفض العودة إلا بعد التنحي.. حلقات الذكر ولعب القمار.. ونجد الصراخ لتولي الشباب مقاليد البلاد، ومنهم مسئولة بالخمسينات، فقلت لها: اتركي منصبك لشاب بالثلاثينات، فصرخت: لا بالطبع فلدي خبراتي.. وأقصد ترك مناصب عملاء النظام السابق فقط!! ونجد بالموالد حلقات الذكر ولعب القمار.. ويتضح بالقول بعبقرية الشباب الذين يتعمدون تصديرهم للمشهد ليسهل تحريكهم من وراء الستار، وعندما يخطئون يقال: التمسوا لهم الأعذار لصغر أعمارهم وضآلة خبراتهم، وعندما يسيئون الأدب ويتحدثون بصفاقة يُقال: حماس الشباب، ولنكن الوالد الذي يحتوي ابنه إذا خرج من حدود الأدب!! وإذا رددنا بنصح يقال: اتركوهم فمصر ملكهم، والحقيقة أن مصر ملك لكل من يعيش عليها أيا كان عمره وجنسه ودينه. شجيع السيما في رائعة صلاح جاهين الليلة الكبيرة: ورينا القوة يا واد انت هوه أنا شجيع السيما.. ونجد شجيع السيما بالثورة وبالبرلمان.. فنستمع لشاب يهتف: ليس من حق جيل "من خاف سلم" الاعتراض على جيل "أموت وبلدي تعيش"!! فمن الذي قام بتربية الجيل الجديد؟ وتقسيم مصر لأجيال خطة مقصودة، فلنعترف بالحقيقة.. وبالبرلمان رفع ممدوح إسماعيل الأذان في تحدّ للائحة المجلس، وهو محامٍ ومن المؤكد أنه لا يؤذن بالمحكمة عند وقت الصلاة، وندعو للصلاة بوقتها ولكن بعيدا عن شجيع السيما.. وهم كثر فنائب يعتصم بالمجلس بمنتصف الليل، ونائب يترك اللجنة التي كُلّفت بمعاينة أحداث وزارة الداخلية و"يزوّغ" ليظهر بالفضائيات قبل الجميع!! ومصطفى النجار يذهب للبرلمان بالتي شيرت "ما هي ثورة شباب"، وفي الدنيا كلها لا يرتدي أحد "الكاجوال" بالاجتماعات الرسمية. يتاجرون بدماء الشهداء عندما ازدادت الجموع وتضاعف الزحام بالمولد نصحني من كانوا برفقتي بالمغادرة، فستسوء الأمور وعلينا حماية أنفسنا من رؤية وسماع ما "نكره"، فمن يجلس وسط الدخان سيتسرب جزء منه بداخله دون رغبة أو إرادة منه. وأتمنى الابتعاد عند رؤية المزايدات الإعلامية باسم الثورة، فلنحمِ عقولنا وقلوبنا من التأثر بمن يتاجرون بدماء الشهداء -وهم من احتفلوا برأس السنة بالتحرير- ليفرضوا علينا ما يتعارض مع مصالحنا ومصالح أبنائنا وأحفادنا ومن يستهينون بنا؛ لتثبيت الفساد الداخلي ولخدمة أطماع الخارج.