أنا أكره الأطفال.. تلك هي الحقيقة التي لابد أن أعترف بها أمامكم سيداتي سادتي.. أكره الأطفال، ولا أحد من فضلكم يخبرني كم أن الأطفال كائنات ملائكية بريئة، (فرويد) يعرف أكثر، ويؤكد أنها كائنات (هو) مطلقة تتبع غرائزها فقط حتى يتكون لديها (أنا) و(أنا أعلى) ربما تحكمها يوماً، وهو الشيء الذي لا يحدث هذه الأيام تقريباً، ولن يحصل في الأيام المقبلة أساساً.. أكره الأطفال وأعتبر أن من الحماقة أن تجلب شخصاً ما إلى هذه الدنيا الجميلة الرائعة لمجرد أن ترى أحداً يحمل نصف كروموسوماتك، بينما أنت لست نابليون ولا الإسكندر ولا حتى صيدناوي أو شيكوريل.. أكره الأطفال ولا أعتقد أنك بالمهارة والمقدرة التي تمكنك من رعاية شخص مدى حياتك.. أو مدى حياته.. أيهما أقرب.. وطبعاً الأعمار بيد الله.. لكنني لا أعرف حقيقة ما المُغري في أن تتحمل مسئولية كائن يبدأ مزعجاً، ثم ينمو مشاغباً، ثم يتحول مراهقاً متنمراً، ثم شاباً متطلباً، ثم عاطلاً أو متزوجاً لا يخرج أيضاً من نطاق مسئوليتك.. أكره الأطفال.. ومن فضلك لا تبدأ في حكي قصص من طراز الرجل الذي كان يكره الأطفال ثم أقنعته زوجته بالإكراه بإنجاب طفل واحد.. كبر وأصبح شاباً يانعاً ملء العين والبصر ليختطفه الموت فجأة، قبل أن تموت الزوجة حزناً عليه، ثم يصاب الزوج بالشلل عقاباً له على كراهيته للأطفال! أنا أكره الأطفال يا سيدي فلا تعتبرني كافراً جاحداً بنعمة الله.. ولا معانداً لقدر الله.. ولا تتلو عليّ آية {المَالُ وَالبَنُونَ زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا} لأنني مؤمن ولا أعتبر فكرتي كفراً ولا جحوداً ولا عناداً.. هو فقط option زائد أنا لا أريده، ودعني أذكرك بأنه {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ}.. أنا أكره الأطفال وهي ليست مشكلة حقيقية بالنسبة لي، لكنها بالتأكيد ستكون مشكلة في حال ما إذا قررت الارتباط، خاصة وأن فتيات هذا المجتمع نشأن على فكرة أنه: نفسي أكون أم.. وأن الأمومة (غريزة) أساسية لن تكون أنثى دونها.. وأنه "مش مهم أتجوز بس المهم يبقى عندي عيال"! أنا أكره الأطفال وقد اتخذت قراري فلا تبحث لي عن حل لمشكلة كراهيتي للأطفال، ولكن من فضلك أخبرني عن حل يقنع أي فتاة أتقدم لها بصحة فكرتي وعبقرية آرائي!! أو دعني أسهل عليك الطريق وابحث لي عن عروس مثلي ومن ثم لا تكون هناك مشكلة من الأساس.. وفّقكم الله! (بالمناسبة عمري 26 عاماً لا أعاني مشاكل أسرية ولم تكن أمي تحرقني بملعقة الشاي وأنا صغير! أتممت دراستي بتفوق وأعمل في مجال الجرافيك والملتميديا ولديّ شقة وهذا لا علاقة له بالعروسة! ولكن لأنني لا أريد تفسيرات متحذلقة لحالتي ليس أكثر.. ahmed أضحكتني كثيراً يا "حمادة"، فأنت إذن لا تحتاج لإرسال مشكلتك هنا وإنما تحتاج لخاطبة أو من يوفّقون رأسين في الحلال فلم أرسلتها هنا يا ترى؟ وعلى أية حال سأرد عليك من باب المساعدة لله، لذا أقول لك: للأسف أنت ستضطر للزواج من فتاة تكبرك بخمسة عشر عاماً على أقل تقدير! حيث تريد المتعة دون المسئولية؛ لأنها فقدت الأمل في أن تكون أمّا أصلاً، أو قد تتمكن من الارتباط بمطلّقة أو أرملة لا ترغب في أطفال بسبب مأساتها السابقة، أو البحث "الذاتي" عن أنثى لم تلسَعْها أمها بملعقة الشاي وهي صغيرة وترغب بمحض إرادتها الحرة عدم إنجاب أطفال!، وهذا يضمن لك حياة غير طبيعية بلا أدنى شك، وبما أنني ممن ينتمون للمجال النفسي فلن أستطيع أن أمنع نفسي من أن أقول لك الآتي: *إنك كنت طفلا أليس كذلك؟، ولو كان والداك حملا نفس هذا الكره لكنت نكرة لا يعرفك أحد ولا يفكر في الارتباط بك أحد. *لماذا تفترض أنك لن تجد من تفكر مثلك؟ هل تفسيره الوحيد أنه مجتمع متخلّف يربّي الفتاة على أوهام؟ أم أن هناك شيئا في قرارة نفسك يُشعرك بهذا؟ *اختزال الطفل في أنه كائن مُرهق فقط لمن حوله اختزال مُخلّ، فمن عجائب الزواج الاستمتاع بالمعاناة في تربية الأبناء!، فأجمل ما في الأطفال هو بذل الجهد والتضحية بمقابل!، حيث يكون المقابل حبهم لنا ورؤيتهم يكبرون أمام أعيننا وينجحون يوماً بعد يوم، ويرعوننا حين نحتاج للرعاية في الكبر والمعاناة مع الشيخوخة، ألم تجد شخصاً لم ينجز عملاً بطولياً كبيراً ولا غيّر في تاريخ البشر ولا حقق شهرة في مجال ما، وكان إنجازه الحقيقي ونقطة افتخاره هو نجاحه في تربية أطفاله وتنشئتهم تنشئة صالحة سوية؟؟ * لكي يشعر الإنسان بإنسانيته، عليه أن يتحمل ما يكره ويقاوم ما يحب. * هل حصولك على زوجة يعني أنك ستتعامل معها إنجليزي؟ أي لن تتحمل مسئولياتها أو تحل مشاكلها أو تحمل همّ إسعادها؟ أم إن الزواج سيكون فراشا فقط؟ *عليّ أن أعترف أنه من الشخصيات الصعبة في العلاج النفسي هو شخصية المريض الذي يتحذلق، إلا أنك تعاني من مشكلات ترجع لطفولتك -رغم محاولاتك معي لإثبات العكس للأسف- ومراهقتك وعلاقتك بوالديك، وما يكون قد ترسخ لديك من مفاهيم ضد الطبيعة البشرية السوية، وأكثرها وضوحاً عدم اعترافك برؤيتك لنفسك بأنك غير قادر على تحمل المسئوليات، فتضع لها مبرراً أنيقاً تسميه "لا أرغب"، ولولا كتابة أفكارك بشكل رائع وطريقة الرد عليها كذلك لكان من الممكن تصورك كإنسان أناني ونرجسي، ولكنك لست كذلك، وكما اعترفت لك بقوة طرحك وإيمانك بنفسك، عليك أن تعترف بأنك تعاني من مشكلات نفسية أخرى تخفيها عن السطح، كالخلل في بعض المفاهيم وليس العبقرية.