قال الكاتب الأسواني أحمد أبو خنيجر إننا في مصر أصبحنا جماعات منعزلة عن بعضها، ونفشل في قراءة بعضنا بعضا؛ فالليبرالي لا يفهم الإخواني والعكس صحيح، وقال إن المجتمع المصري سيتخلص من حالة "حوار الطرشان" فقط إذا ما تحلى بفضيلة الاستماع، وشدّد على أن وجود ثقافة قوية لن يأتي إلا بتعليم قوي. وقال أبو خنيجر -في الندوة التي عُقِدت على هامش معرض القاهرة الدولي للكتاب أمس (الإثنين) تحت عنوان "أدباء الحدود"- أن وزارة الثقافة إذا كانت معنيّة حقا بتوصيل الثقافة إلى الناس فعليها أن تغيّر أسلوبها في العمل، وأن تغيّر آلياتها لتوصيل الثقافة إلى القرى والنجوع بدلا من مؤتمرات أدباء الأقاليم التي يقيمونها ليتخلصوا من هؤلاء الأدباء، ويغروا أدباء آخرين بالأكل والشرب، والإقامة في فنادق خمس نجوم؛ حتى يسكتوا عن حقوقهم ويخمدوا أي حديث في قراهم ومحافظاتهم من الشباب الناقم على سياسات الوزارة، وقال إن تصنيفات من قبيل أدباء الأقاليم والأدب النوبي.
وقد انتقد الكاتب الأسواني أحمد أبو خنيجر أداء وزارة الثقافة في السنوات السابقة، وقال إنها تحولت إلى وزارة إعلام كل ما يهمها هو "الشو الإعلامي"، واستعراض ما تقوم به دون جهد حقيقي لتوصيل الثقافة إلى الناس؛ وفقا لبوابة الأهرام.
وقال: أكياس الشيبسي وزجاجات الكولا موجودة لدى المواطن البدوي في خيمته، ولكنه لا يستطيع أن يجد الجريدة اليومية.
وقال الكاتب السيناوي حاتم عبد الهادي إنه يتمنى أن يردم قناة السويس حتى ينظر من هم بالقاهرة والأقاليم إليها؛ في إشارة مجازية إلى الإهمال الذي تعانيه سيناء بسبب بعدها الجغرافي، وليرأب الصدع بين القاهرةوسيناء المهملة ويجذب أنظار المصريين إليها؛ لأن عين العدو عليها.
وانتقد عبد الهادي الصورة النمطية التي تنقل عن البدوي والتي تمثله في تاجر السلاح أو المخدرات الذي يرتدي عباءة، وبعضها يشكك في وطنية السيناويين.
وعن التهميش الذي تعانيه النوبة والأدب النوبي؛ قال الكاتب النوبي يحيى مختار إن النوبة التي أسهمت في الحضارة المصرية عبر عصورها المختلفة جرى تهميشها دائما وتهميش أدبائها، وقال إن أول عمل أدبي عن النوبة ومعاناتها من خزان أسوان الذي بني في العام 1902 كان ديوانا شعريا كتب عام 1948 يوثق مأساة غرق القرى النوبية جراء بناء الخزان وتعليته أكثر من مرة.
ولكن المحاولة الأولى لدخول اللغة والتراث النوبي بشكل حقيقي إلى الثقافة المصرية المكتوبة كانت مع رواية "الشمندورة" للكاتب النوبي محمد خليل قاسم، والتي كتبها في سجن الواحات على أوراق "بفرة"، ونشرت عام 1968، وحكى فيها هجرة النوبيين ومعاناتهم؛ حتى أبرزوا جيلا جديدا من المثقفين الذين استطاعوا أن يؤمّنوا لأنفسهم مراكز مرموقة في الثقافة والحياة المصرية، وقال إن أكثر الأمور تأثيرا في النوبة هي هجرة النوبيين إلى الشمال، وعملهم بوظائف متدنية؛ لأنهم لم يكونوا يحترفون أية صناعات يستفيدون بها في العمل بالقاهرة والمدن بشكل عام.
وقال إنه بعد رواية "الشمندورة" بدأ مجموعة من الكتاب النوبيين الكتابة عن معاناة النوبة، وأولهم علي إدريس وحجاج أدول، وهي إبداعات حاولت التعبير عن الإنسان النوبي وعمليات التهجير المتواصلة، والسد العالي الذي أغرق 45 قرية وراءه.
وقالت الكاتبة حنان السعيد من الإسكندرية إن الناس يعتقدون أن الإسكندرية ستكون أسعد حالا من باقي الأقاليم لكونها ثاني أكبر مدينة مصرية؛ ولكن حالها لا يختلف كثيرا عن باقي الأقاليم؛ فالسياسة المطبقة بها هي نفس سياسات وزارة الثقافة التي تهمش دور المحافظات الأخرى وكتاب الحدود، وأضافت حنان أنها لم تكن تكتب سوى كتابة ذاتية؛ ولكن الثورة جعلتها تخرج من تلك القوقعة.