أدب الحدود بين الهامش والمتن" هو العنوان الذي حملته المائدة المستديرة التي عقدت الإثنين الماضي بمعرض الكتاب. الكٌٌتاب المشاركون ومعظمهم من خارج القاهرة عبروا عن عدم رضائهم عن هذا العنوان حيث قال أحمد أبو خنيجر: "بعد 25 يناير يجب أن نعيد قراءة بعض المفاهيم الخاطئة التي ترسخت في حياتنا الثقافية منها عنوان هذه الندوة الذي أعتبره امتدادا لمنهج القولبة ووضع الكتاب في أدراج وقوالب سابقة التجهيز، فليس هناك أدب هامش ولا مركز، ونحن لا نسأل مثلا هل يعيش ماركيز في العاصمة أم يعيش علي في مدينة إقليمية؟". أبو خنيجر أعلن رفضه لمقولة جمال حمدان "القاهرة رأس كاسح والباقي جسد كسيح" فالأدب في رأيه يكتسب قيمته من مضمونه وتجربته الفنية لا مكان إقامة الكاتب. كما انتقد أبو خنيجر في كلمته استمرار منهج وزارة الثقافة في التعامل مع الأدب والإبداع وفق تلك التقسيمة الجغرافية وقال: "للأسف وزارة الثقافة لا تميز بين أدائها وأداء وزارة الإعلام، حيث لا تزال تعتمد علي الاستعراض والمهرجانات وليس البناء الثقافي الحقيقي. كيس الكاتشب والشيبسي يصل إلي البدوي في خيمته والجنوبي في قريته في قلب الجبل فلماذا لا تصل المنتجات الثقافية لهؤلاء وأبسطها الجرائد والمجلات الثقافية؟". وأضاف أبو خنيجر "نحتاج إلي التعرف علي بعضنا كمصريين مرة أخري بعيداً عن الأفكار السابقة التجهيز، ومع احترام الخصوصية الثقافية لكل جماعة في هذا الوطن، لأن مصر تحولت إلي جماعات معزولة". أما الكاتبة حنان صادق من الإسكندرية فقد أكدت في مداخلتها أن الوضع في الإسكندرية، رغم اعتبارها العاصمة الثانية بعد القاهرة، لا يختلف عن مدن الأقاليم أو المدن الحدودية، وقالت حنان: "نعاني ككتاب سكندريين من التجاهل وحينما نخرج للمجتمع لا نجد الاهتمام الكافي، البعض يلقي بالمسئولية علي الكتاب ويفترض أن الكاتب يجب أن يروح لكتاباته بنفسه، وهو ما أرفضه شخصياً" وأضافت حنان "الثورة غيرتني وأعتقد أنها أثرت علي الكثير من الكتاب. قبل الثورة كنت أكتب كتابة ذاتية لكن بعد الثورة بدأت في الخروج بكتابتي للعالم والاهتمام بالقضايا الكبري". ومن سيناء تحدث الشاعر حسونة فتحي الذي أرجع بداية تهميش سيناء إلي القرن التاسع عشر حينما أرسلت المخابرات الإنجليزية المستشرق "بالمر" إلي سيناء لتحييد قبائل سيناء ضد عرابي حيث كان هناك أكثر من 1300 من فرسان القبائل يحاربون مع عرابي. اكتشف بدو سيناء مهمة بالمر فقاموا بقتله وعرف الإنجليز فقاموا بإعدام فرسان سيناء، ومن وقتها بدأ تهميش سيناء. وانتقد الشاعر السيناوي سالم أبو شبانة محاولات النظام السابق تشويه صورة المواطن السيناوي وتصويره كتاجر سلاح ومخدرات بعدما كان هناك احترام للبدوي في عهد السادات كمقاتل وحارس علي أرض سيناء. أما الشاعر أشرف العناني فقد انتقد في كلمته تنميط الشخصية المصرية علي النموذج القاهري فقط، وقال إنه يجب احترام التنوع الثقافي فهناك أمازيغ مصريون وبدو ونوبيون. وقال عناني: "بعض الكتاب يستغلون أزمة الهامش والمتن لصالحهم عن طريق الابتزاز العاطفي كأن يقول الكاتب أنا أعيش في مطروح وعلي الهامش انشروا لي، رغم أن كتابته لا تكون ذات مستوي جيد". أما حاتم الجوهري من القاهرة فقد حمل النظام السابق مسئولية وضع التفرقة بين الهامش والمركز وقال: "النظام القمعي كان يصدر لنا نخبة بلاستيك هُزم مشروعها الايدلوجي فتحالفت مع النظام، والنظام وضعهم في صدر المشهد لكي يصدروا لنا هزائمهم وكان هذا النظام يريد الحفاظ علي هذا الوضع لكي يستمر في رأس السلطة." سهير المصادفة مدير الندوة عبرت في نهايتها عن اتفاقها مع كل الأراء قائلة إن وزارة الثقافة التي تعمل بها تحتاج إلي تغيير طريقة تفكيرها والتوقف عن التعامل مع الأدب باعتباره مركزاً قاهرياً وكل ما هو خارجه هامش.