سنحتفل بانتصار الثورة يوم 25 يناير.. لقد آن الأوان أن نغير من شكل تجمعاتنا، ولا نتجمع فقط على الوعيد والمطالبات، من الممكن أن نتجمع بالملايين لنحتفل ونغني ونرقص لنجاح ثورتنا.. من الممكن أن نبكي ولكن ليس للوعة المأساة ولكن بدموع الفرح الغامر.. سنتذكر الشهداء نعم ولكن سنفعل كما كانوا سيفعلون هم لو أنهم كانوا مكاننا.. سيحتفلون بثورة عظيمة تتوالى نجاحاتها وتحصد الانتصارات كل يوم.. أما إذا أصررنا على أن نحتجّ ونطالب فإننا سنجعل آخرين يحتفلون هم بهزيمتنا.. آخرون لو نجحوا فقط في أن يهزمونا نفسيا ويهدموا احتفالنا بدعوى أن ثورتنا لم تنتصر بعدُ، فسيكتسبون قوة دافعة لمزيد من الهدم ومزيد من الانقضاض على الثورة.. لن نعطي المتربصين بالثورة فرصة ليشعروا بأي إنجاز.. لن نجعل الأعداء يفرحون بهزيمتنا نفسيا، ولن نسمح للمندسين بأن يفسدوا احتفالنا بالانتماء الشكلي للثورة واغتنام الفرصة في الإحراق والتخريب ليصفعونا صفعة إضافية.. ومش هتشمت فينا يا ريس.. لا بد أن نحتفظ بروعة يوم 25 يناير الملهم لكل العالم، ولا بد أن نتعلم شيئا من السياسة ونضغط على القائمين على الأمور بشكل احتفالي، ونوصّل رسالة بأننا سنحتفل في 25 يناير، ويمكننا كما تجمعنا نضحك أن نجتمع من جديد لنصرخ لو لم تسِر الأمور في الإطار المتفق عليه، لن يسكرنا الانتصار وكذلك لن نشوّه يوما عظيما ك25 يناير. أتعجب حقا ممن يريد أن يتظاهر ويحتجّ في ذكرى ثورة 25 يناير.. متعللا بأن الثورة لم تحقق أهدافها بعد.. وفي النقاط التالية سأوضح لك لماذا أقول إن الثورة انتصرت.. لأن النظام يتغير كان أول وأعظم شعار رفعته الثورة هو شعار "الشعب يريد إسقاط النظام"، واستطعنا في خلال العام الماضي كله أن نهدم أركان النظام السابق بالتدريج، لم يتبقّ منه مجازا إلا جزء يسير تكرّس المؤسسة العسكرية وجوده، ولكنها تفعل ذلك ليس عن سوء نية أو هدما للثورة، ولكن لأننا جميعا اتفقنا على أن بلدا كبيرا كمصر لا يمكنه أن ينتقل بضغطة زر من نظام إلى نظام، ولذا ارتضينا جميعا فترة انتقالية تحت قيادة المجلس العسكري، طالت نعم ولكن هذا بسبب الثورة المضادة والجراح العميقة التي فُتحت على إثر سقوط النظام من فتنة طائفية واحتجاجات فئوية وانفلات أمني.. ولكنها تسير في الإطار المتفق عليه، ولذا نستطيع أن نقول إننا في الطريق الصحيح، وإن ثورتنا انتصرت بالفعل.. لأن المحاكمات تجرى ولأن القتلة واللصوص يقبعون الآن خلف القضبان ينتظرون أحكاما بالإعدام، وإذا شكك أحد في نزاهة القضاء المصري المستقل فسيختلف معه الجميع؛ لأن القضاء لن يقضي بغير الحق، وإذا شككنا في منظومة القضاء وجسد العدالة نفسه، فهذا شيء قابل للتعديل مع وجود سلطات منتخبة، واللصوص حتى لو صدرت أحكام بتبرئتهم فهم موجودون وستتم ملاحقتهم من جديد في جو أكثر عدالة. لأن السياسة الخارجية تغيرت لأن مصر عالميا أصبحت بلدا يحظى بالاحترام، استرد المصري كرامته التي أهانها أوباش مبارك، وعاد للمصري فخره بأنه مصري، وأصبحت مصر تتعامل بندية مع العالم، بعد أن كانت منكسة الرأس.. لأن الوجه التشريعي تغيّر لأن مصر أصبح فيها برلمان منتخب ومجلس شعب يشكل شقا لا يستهان به من نظام الحكم، بجانبه التشريعي، وسيشكل حكومة تمثل الجانب التنفيذي، أتعرف معنى برلمان منتخب وحكومة ممثلة للشعب، معناه أن صوتك هو الذي يقرر وهو الذي ينفّذ، وهذا لبّ الديمقراطية التي خرجنا نطالب بها. لأن وجه الخريطة كله يتغير لأن مصر تتغير بالفعل، بتأنّ نعم ولكن هذا لثقل حمل الفترة الانتقالية، ولكن حين نتخلص من الضغوط والتوترات وصراعات البداية سنتحرك بشكل أسرع، لدينا سيناء آمنة تتحرك مع قافلة التنمية، لدينا نهر النيل يبحث عن أوجه استغلاله المثلى، لدينا مشروعات بحث علمي عملاقة، لدينا خطط للنهوض بالتعليم، لدينا إعادة هيكلة اقتصادية ممتازة.. مصر تتغير.. ولا نتحدث عن مصر وحدها بل لدينا عالم عربي يحتضن بعضه بعضا وشعوب تصنع مستقبلها، شعوب ستلتئم لتنهض من جديد، وتحقق المجد العربي الغائب، وتهزم فئرانا كبيرة جثمت على صدورها وامتصت خيرها منذ قرن من الزمان. مسألة وقت انتصار الثورة مسألة وقت.. وحسم معركة الديمقراطية في غضون شهور، وإغلاق الملفات المفتوحة كالمحاكمات وحقوق الشهداء والمصابين والأجور والخدمات مجرد إجراءات، فمصر تتشكل كما نريد.. روح المصري تغيرت وهنا الركيزة الأهم للتغيير.. والعامل الأهم في المعادلة كلها، أن روح المواطن المصري حقا تغيرت.. لم يعد يلهث خلف لقمة العيش ويقول يا عم دي بلدهم مش بلدنا.. أصبح المصري يعرف ويتابع ويناقش ويتحرك، ويقف في طوابير التصويت، ويشارك في الأحزاب والندوات والمؤتمرات السياسية، أصبح المصري غير المصري الذي ركب ظهره اللصوص، أصبح يطالب بحقه، ويعرف قيمة العمل الجماعي، ويعرف جيدا أين يقع ميدان التحرير.. علينا أن نحتفل بهذا الحلم الذي تحقق بتضحيات الشهداء الذين لا يجب أن ننساهم في هذا اليوم، ولهم سنغني، ومن أجل إسعادهم سنفرح في اليوم الذي اختاروه هم.. يوم 25 يناير.. وألقاكم في الميدان مبتسمين،،،