أُسدل الستار يوم الثلاثاء الماضي على المرحلة الأولى من الانتخابات المصرية التي شهدت كثافة وإقبالا من المصوّتين غير طبيعي في المحافظات التسعة التي أُقيمت بها الانتخابات، وكانت صناديق الاقتراع رحيمة ببعض المرشّحين؛ فأعطتهم ما في جعبتها من أصوات، وكانت قاسية على البعض الآخر؛ فإما أولتهم ظهرها أو أبقتهم للإعادة. عمرو حمزاوي رئيس حزب مصر الحرية، وعبد المنعم الشحات المتحدّث الرسمي باسم الدعوة السلفية بالإسكندرية؛ كانا أحد أبرز مواليد انتخابات نوفمبر 2011، كلاهما يعبّر عن تيار مغاير للآخر، أحدهما ليبرالي حتى يحترق العالم، والآخر سلفي ولو انطبقت السماء على الأرض، وبين هذا وذاك مسافات ومواقف متباينة، ولكن هذه النتيجة هي مؤشّر لخريطة مصر الجديدة، ولا أقصد تلك الدائرة الليبرالية جدا التي خرج منها حمزاوي باكتساح، بل أقصد "مصر كل التيارات". لهذا ولكل ما سبق أردنا أن نسلّط الضوء على هاتين الشخصيتين؛ كي نعرف إلى أين يقودنا كل منهما، بين وعد بجنة الله على الأرض وجنة الله على السماء نبقى متأرجحين بين هذا وذاك. عبد المنعم الشحات.. رجل كل المواقف عبد المنعم الشحات هو المتحدّث الرسمي باسم الدعوة السلفية بالإسكندرية ومرشّح حزب النور عن دائرة المنتزه، وهو واحد من الوجوه السلفية التي كانت ترفض فكرة الديمقراطية أو التغيير لا بالبرلمان أو بغيره، كان يرى أن السياسة مفسدة، وأن الإخوان المسلمين فرّطوا في الدين بقبولهم دخول انتخابات 2010. كان لاعبا أساسيا في أزمة كاميليا شحاتة -زوجة كاهن دير مواس- وكان له كتابات وتسجيلات في هذا الشأن، وألقت سُلطات النظام السابق القبض عليه في شهر ديسمبر، عقب أحداث كنيسة القديسَين وأُعيد إطلاق سراحه. المتابع لتسجيلات عبد المنعم الشحات قبل أحداث 25 يناير سوف يكتشف أنه اتهم الشباب الذين يدعون إلى هذه التظاهرات بأنهم يسعوْن إلى خراب البلاد بضغطة زر من على الإنترنت، مؤكّدا أن الشباب السلفي لن يضيع نقطة دم واحدة بل دقيقة واحدة في سبيل ذلك، رافضا في الوقت نفسه فكرة دخوله أو دخول الجماعات السلفية الانتخابات البرلمانية 2010؛ بسبب عدم استعداده "لتقديم قرابين منهجية أو القبول بالمناهج العلمانية أو الديمقراطية". والآن وبعد قيام الثورة، عدّل الشحات عن موقفه، وقرّر خوض غمار الانتخابات التشريعية عن دائرة المنتزه بالإسكندرية -معقل السلفية- كمرشح عن حزب النور، واعتنق السياسة والبرلمان ومظاهر الديمقراطية التي طالما رفضها، متحججا في ذلك بالمقارنة بين مفسدتين، إما مفسدة المشاركة في السياسة، أو المفسدة الأكبر بترك السلطة لغير الإسلاميين. د. عمرو حمزاوي ليبرالي وأفتحر هو رجل الليبرالية في مصر إن جاز التعبير، يُؤمن بمبدأ مدنية الدولة حتى يحترق العالم، يعتقد في حقوق الأقليات.. في التعايش مع الأغلبية التي يراها المسئولة عن احتواء سلوك الأقلية. عمرو حمزاوي قضى أغلب فترات عهد الرئيس السابق بالخارج ككبير لباحثي الشرق الأوسط لمعهد كارنيجي بواشنطن، كان معروفا قبل الثورة للنخبة فحسب، يتحرّك في أوساطها وغير ملامس مع العامة من الجماهير. ولكن الحال بعد الثورة -وتحديدا في أيامها الأولى- اختلف كثيرا بعد عودة حمزاوي ومشاركته بفاعلية في الأحداث والتعليق عليها، ثم عزمه فيما بعدُ تكوين حزب "مصر الحرية"، ورفضه لوزارة الشباب في حكومة د. شرف الانتقالية، كل هذه الأمور جعلت الناس تعرف وتميّز اسم عمرو حمزاوي بمجرّد ذِكْره. ولكن لا يخفى على كثيرين أن اسم عمرو حمزاوي ربما يكون فزاعة للجماعات الإسلامية ولكثير من البسطاء؛ بسبب اعتقادهم في كرهه الشديد لفكرة تطبيق الشريعة الإسلامية وتنفيذ الحدود، ويروْن فيه داعيا للحرية التي تنتهي بالفجور، وربما ساعدهم في ذلك تصريحه السابق لإحدى قنواته الفضائية بعدم ممانعته لتطبيق الزواج المدني في مصر. هكذا وبكل بساطة.. أفرزت المرحلة الأولى للانتخابات طرفَين متباينَين يُعبّر كل منهما عن شريحة وأفكار مغايرة تماما للآخر، ويوضح درجة ضبابية الخريطة خلال المرحلة القادمة. اضحك مع حمزاوي والشحات!! بمجرّد أن ذاع خبر نجاح عمرو حمزاوي وعبد المنعم الشحات في الانتخابات البرلمانية عن المرحلة الأولى، انتشرت التعليقات الساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك وتويتر؛ بسبب المفارقة الكبيرة بين التيار الفكري الذي ينتمي إليه هذا، والآخر الذي ينتمي إليه ذاك؛ محاولين تخيّل شكل برلمان الثورة كله بهذه الشاكلة. وكان من أبرز تلك التعليقات: -بعد فوز حمزاوي والشحات.. بقينا محتارين هنربّي شَعْرنا ولا هنربّي دقننا؟!! - يساري: بإذن الله مصر هتفضل إسلامية.. لا شيوعية ولا علمانية.. أنا كنت بامثّل إني شيوعي علشان أخترق مجتمع الشيوعيين. تعتبر علياء المهدي أشهر واحدة قلعت في مصر، وتعتبر ثورة 25 يناير أشهر واحدة لبست في مصر. - بعد نجاح الشحات وحمزاوي هايكون الخلاف الأيديولوجي الأهم في المجلس.. شَعَر ولا دقن؟ - حمزاوي للشحات: سمّع اللي حفظتوا لك امبارح.. الشحات: حاضر.. وان.. تو.. ثري.. فور.. فايف.. سكس والعياذ بالله.. سفن.. ايت.. حمزاوي: والباقي؟ الشحات: كان عندي درس في المسجد ماكنتش فاضي.