أكتب إليكم بعدما فاض بي الكيل من نفسي ومن شيطانها، مع الأسف أنا أعرف مشكلتي ولكن لا أعرف كيفية حلها. أنا مهندس مصري متزوج منذ عامين، ولي طفلة عمرها عام.. مشكلتي باختصار هي إني بحب أشوف أخت مراتي ومرات أخوها وهما عريانينن! آه الكلمة صح مع الأسف؛ في أحد الأيام كنت بانقل ملفات من عند كمبيوتر أخو مراتي، ولقيت بالغلط إني أخدت ملف كله صور عريانة ليه هو ومراته، ومن ساعتها وماعرفش حصل لي إيه؟! لما ييجوا عندنا البيت باشغّل الكاميرا بتاعة الكمبيوتر، وأسيبها تسجل كل الوقت اللي بيقعدوا فيه براحتهم. أنا عارف إن ده غلط بس مش عارف أخرّج الموضوع ده من دماغي. eng.m أخي الكريم.. ما تتحدث عنه له عدة احتمالات سأحدّثك عن بعضها، ولكن أوضحها -ويبدو للوهلة الأولى أن به شبهة- هو وقوعك في نطاق مرض الوسواس القهري؛ وهو مرض نفسي شهير جدا يكاد يكون مرضا عالميا؛ حيث أظهرت الدراسات الحديثة له أنه فقط في مجتمعنا العربي قد تخطى نسبة ال95% من شباب الوطن العربي. تعريف المرض ببساطة شديدة: هو عبارة عن فكرة تتسلط على رأس صاحبها، تخرج من رأسه وحده؛ أي لم تأتِ له من أحد أو من خارج رأسه؛ وتظل في حالة "زن" وتسلُّط على صاحبها، وكلما حاول أن يقاومها ليتخلص من تسلّطها؛ كلما احتدت المعركة بينه وبينها، وازدادت الفكرة شراسة وتسلطا! فيضطر الشخص للقيام بفعل ليجعله ينهي تلك الفكرة وينتهي منها، وهذا الفعل اسمه "الفعل القهري"؛ وفيه يقوم الشخص بفعل ما تتسلط به عليه الفكرة ظنا منه أنها ستنتهي؛ فلو أخذنا وضعك كمثال: فالفكرة أنك تريد أن ترى صورهما وهما عاريتان، فتظل الفكرة تتسلط على رأسك وتقاومها فتزداد الفكرة قوة وشراسة؛ فتضطر أن تقوم برؤيتها أو التسجيل لهما وتشاهده فيما بعد للتخلص من تسلط الفكرة عليك، وأنت تتصور أنك ستهدأ وترتاح من تسلطها الشرس، ولكن تجد نفسك في النهاية -بالرغم من أنك رأيت أو سجّلت (هذا هو الفعل القهري)- فإنك لم تجد تغيرا ملحوظا في تسلط الفكرة على رأسك.
وهكذا الشخص الذي تتسلط عليه فكرة أن بيده ميكروبات ضارة أو مؤذيه؛ نجده يضطر للفعل القهري، فيقوم بغسل يديه ليتخلص من الفكرة، ولكنه يجد نفسه قد غسل يديه عشرين أو ثلاثين مرة؛ للتخلص من تلك الفكرة دون تطور يذكر. والشرط الآخر للتأكد من أنها فكرة تسلطية؛ هي أن صاحبها بنفسه يعلم تماما أو يدرك تماما أن تلك الفكرة تافهة أو سخيفة أو لا يصح أن يقوم بها، وحين تحدثت في البداية قلت لك "نطاق" الوسواس القهري وليس مرض الوسواس القهري تماما؛ لأن هناك من يصاب بمساحة قريبة جدا من المرض نفسه وكأنه يحوم حول حِماه الشائكة فقط، ولن يقطع في هذا الأمر إلا المعالج النفسي بالتواصل معك وجها لوجه؛ ليسمع منك مباشرة وتتمكن من الحديث معه بوضوح واستفاضة تجعله يدرك الدرجة التي تقف عليها من الوسواس القهري. وهناك كذلك عدة أمارات تؤكد وجود احتمال الوسواس القهري من عدمه؛ كأن يكون لديك وسوسة أخرى في موضوعات مختلفة ما زالت موجودة أو اختفت، ولكنها ظهرت الآن في تلك الرغبة في رؤية الصور العارية لهما، فالوسواس القهري كما يتميز بتسلط فكرته وخضوع معظم مرضاه للفعل القهري، فهو يتميز كذلك بالتقنع؛ فهو قد يختفي في مساحة ليظهر بعد فترة وجيزة في مساحة أخرى. وكذلك يجب ألا نغفل أنك قد لا تكون في نطاق الوسواس أو الوسواس القهري؛ خاصة لو وجدت انتفاء شروط وجود المرض لديك وأن الموضوع عارض، ولكنه الفضول الذي يعود لعدم متانة الخلق وثباتها وأنت أو متخصصك النفسي من سيحسم الأمر، وحينها ستقوم بأخذ كل طرق اللا عودة. وحاول أن تجد حالا؛ فلو اضطررت لبيع جهازك فلتقم بذلك، ولو اضطررت ألا تجلس مع نفسك وحيدا أبدا أو جعلت الجهاز في مكان متوسط من البيت بحيث يراه أي شخص حين يمر، وامسح تلك الصور، فلا تتردد لتتخلص من وسائل العودة، وتذكر الحُرمة الشديدة التي تتخطاها وأنك تنظر لعورات البشر، وأنك بذلك تهتك ستر البشر وتطلع على ما لا يحق لك. وتذكر كذلك أنك حتى الآن تحيا في ستر الله ومظلة رحمته، ولو هتك عنك ستره ستكون مشكلة من العيار الثقيل، ولن تتمكن من تجاوزها وقد تخسر فيها أفراد أسرتك المقربين، وأولهم زوجتك، والاحتمال الكبير هو وقوعك بمرور الوقت في براثن الإدمان الجديد؛ وهو "إدمان مشاهدة الصور العارية"؛ حيث إن الإدمان لم يعد في المخدرات والكحول فقط، ولكنه امتد حتى طال المواقع الإباحية، والصور العارية، والإنترنت، والجنس... إلخ. لذلك اقترح عليك التواصل مع متخصص؛ لتضعا معا أيديكما على حقيقة ما تمر به، وكذلك وضع خطة العلاج السلوكي والتدريبات التي تناسب ما تعانيه، وفقك الله.