أنا شاب عمري 30 سنة باشتغل مدرّس من حوالي خمس سنين.. كان معايا مُدرّسة زميلة في المدرسة حبتها، وماعبَّرتش ليها عن مشاعري؛ علشان كنت شايف في عنيها نظرة إعجاب لمدرّس زميل ليّ في المدرسة. وفعلا كان إحساسي صح؛ المشكلة إن اللي كان صاحبي مابدلهاش نفس الشعور، وبسبب ده تعبت البنت، وكلمت الشخص اللي بتحبه، وقلت له إنها إنسانة كويسة ونصحته إنه يتقدِّم لها، بس هو قال لي إن مش في دماغه الارتباط دلوقتي؛ لأنه عايز يسافر.
كان بيني وبين البنت دي تليفونات كل فترة كبيرة علشان نطمّن على بعض، وحاولت كذا مرة تعرف إنا ليه ما ارتبطش لحد دلوقتي؛ وطبعا كان جوابي لأن مش فارقة ما دام ما خدتش البنت اللي بحبها؛ فكل البنات واحد أتجوز في أي وقت مش فارقة معايا.
هي حاولت تعرف مين البنت اللي بحبها، بس أنا طول الفترة دي ماعرّفتهاش إنها هي؛ رغم إني كنت متأكّد إنها عارفة إني باتكلّم عليها.
وفي لحظة غباء مني وبعد إصرار منها؛ قلت لها إنها هي الإنسانة دي!! المشكلة إنها دلوقتي بتحاول تقرّب مني.
أنا ما انكرش إني باموت فيها، بس أنا جوايا إحساس إني لو ارتبطت بيها هتكون خطوة غلط؛ لأن كل اللي حواليا من أهل وأصحاب عارفين موضوع حبها لزميلي في المدرسة؛ لأن كان معايا مُدرّسة في المدرسة من أقاربي، وكذلك أغلب أصحابي؛ لأن طبعا زميلي اللي في المدرسة بيسهر في نفس المكان اللي باسهر فيه.
مش عارف أبعد ولا أقرب رغم إني لو خدت خطوة الارتباط فممكن أي كلمة بعد كده من أي شخص تكون سبب في انفصال بعد الجواز؟! حاسس إن ارتباطي بيها هيكون على حساب كرامتي.
حاولت أبعد؛ قفلت موبايلي وفضلت حوالي أسبوع ما اروحش مدرستي، هي طبعا جت لي الشركة اللي باشتغل فيها بعد 12 يوما، والدموع في عنيها ما اعرفش دموعها دي كانت بسبب إنها زعلانة إني بعدت، ولا بسبب إنها لما جت الشركة ده ليه تأثير على كرامتها.
قولوا لي أعمل إيه؟!! أنا ما اقدرتش أتكلّم مع حد في الموضوع ده؛ لأنه بيمس حاجة أنا باعتز بيها أوي؛ وهي كرامتي ولكم كل الشكر.
m_say الكرامة معنى كبير يحوي بداخله معاني وقيم وقوة شخصية وإرادة وأخلاقيات وقدرة على تحمّل المسئولية تجاه النفس والآخرين، ومعاملات لا يُمكن إطلاقها إلا على الإنسان الذي يتحلّى بكل هذه الصفات.
إذن فالكرامة نابعة من ثقة في الذات تدفعنا للثقة في اختياراتنا؛ فهي ليست مجرد كلمة وتفكير في صورتنا أمام الناس، ولا تتعارض مع تفهم ظروف الآخرين ودوافعهم أو إعطائهم الأعذار كما قال الرسول الكريم.
بالنسبة لك كما ذَكَرت فعمرك 30 سنة، ومضى خمس سنوات على تعرّفك بزميلتك؛ أي أن عمرها كان أقل من 25 سنة، وبالتالي فقد كانت في مرحلة تجعل قراراتها وعوامل إعجابها بأي إنسان غير مستقرّة، ومبنية على أشياء وأفكار وصفات قد تختلف جذريا مع مضي الوقت والتعرّض للتجارب واكتساب الخبرات.
الفيصل في أي قرار ستتخذه هو علاقة الفتاة بالله عزّ وجلّ، أخلاقها وطريقة تعبيرها عن إعجابها بزميلكما، وأسلوب تعاملها مع الآخرين، شخصيتها ومدى احترامها لذاتها بالتالي للإنسان الذي سترتبط به.
ماذا سيفيد أو يضرّ رأي الناس فهم لا يكفّون عن الحديث والتعليق؛ خاصة إذا سمحت لهم بالتدخّل في حياتك، وإبداء الرأي والتأثير على اختياراتك.
لا أرى أي داعٍ لخوفك من رأي الآخرين؛ فالبنت لم ترتكب جريمة في إعجابها بزميلها، بشرط أن يكون تعبيرها عن هذا الإعجاب غير مبالَغ فيه، وأن تكون ملتزمة أخلاقيا؛ فهناك ملايين يتزوّجون بفتاة كانت مخطوبة أو مكتوبا كتابها، ونجاح أو فشل الزواج يتوقّف على شخصيتها وعلى شخصية الزوج ومدى حبّه وتقبّله للأمر.
أخي.. أشعر أن حبّك لهذه الفتاة ينقصه الاقتناع الكامل برغبتكَ في أن تكون شريكة حياتك، قد تكون معجبا بها، لكن ليس بالقدر الذي يجعلك ترمي بكلام الناس وراء ظهرك.
كما أشعر أن ما دفعك إلى التصريح لها بأنها الفتاة التي تفكّر فيها، لم تكن لحظة غباء عقلي لا سمح الله، وإنما هي لحظة وددت فيها الثأر لكرامتك، حينما تخبرها بأنك تُفكّر فيها ثم تبتعد عنها.
ماذا في الموضوع يمسّ كرامتك؛ هل لهذه الدرجة تترك الناس يتدخّلون في اختياراتك؟!! أين إرادتك وتحمّلك لمسئولية اختياراتك، أرجو أن أكون أسأت فهمك وإلا فستواجه في حياتك مشكلات كبيرة.
فلنفترض أن الفتاة لم تكن معجبة بزميلك وسبق لها الخطبة، وكانت حسنة الخلق والشخصية والطباع؛ هل كنت ستلتفت لرأي الآخرين أم ماذا؟
سواء كانت دموع الفتاة بسبب بُعدك عنها أو لأنها مُحرَجة من قدومها بنفسها لمكان عملك؛ فالأمر سيّان فقد ظلمتها وظلمت نفسك بلا أي مبرر مقنع دينيا أو عقليا.
نصيحتي لك أن تستخير الله عز وجل، وأن تلقي بكلام الناس ورأيهم خلف ظهرك، ثقْ في أن كرامتك جزء لا يتجزّأ من قوة علاقتك بالله عز وجل وحرصك على كرامة مَن تحبّ واحترامك لكلمتك، لا تظلم الآخرين لمجرد مرورهم بتجربة أو اختيار خاطئ.
وأهم شيء إذا قرّرت الابتعاد عن الفتاة فيكون ذلك بذوق وتأدّب ومراعاة لمشاعرها؛ بحيث لا تكسرها أمام نفسها وأمام الآخرين.
أما إذا قرّرت الارتباط بالفتاة وهذا ما أرجوه؛ فلا تُقدِم على هذه الخطوة إلا بعد أن تتيقّن من قرارك حتى لا ترمي بنفسك وبها في سلسلة من المشكلات أنتما في غنى عنها، وترهقها نفسيا وعصبيا بلا داعي؛ فبالفعل لا أجدها ارتكبت جرما يستحق المعايرة.