الفكر الاستثماري الذي يستبق به الأهلي كل الأندية في العالم العربي والقارة السمراء؛ هو ما جعله النادي الوحيد الذي استطاع أن يُوفِّر لنفسه مصادر تمويل تحميه من الانهيارات التي طالت كل الأندية التاريخية. هذا الفكر الاستثماري يجب أن يستثمره مسئولو القلعة الحمراء في الترويج لمنتج رهيب لديهم يُدعَى محمد أبو تريكة -صانع ألعاب الأهلي- الذي نال تشجيع جماهير الفرق المنافسة؛ مثل الوداد المغربي والمولودية الجزائري أثناء تغييره. أبو تريكة كان مثالا لنبذ التعصُّب المقيت بين الفرق والمنتخبات العربية؛ خاصة الشمال إفريقية؛ حيث تصبح المباريات بين الأشقاء العرب عبارة عن معارك حربية بمعنى الكلمة، إذ تنتج عنها إصابات تصل للمستشفيات بل ولغرف العناية المركزة، وأحيانا تحدث عاهات مستديمة حتى تصل الأمور للمحاكم والسجون (مثلما حدث في مباراة مصر والجزائر). ساحر القلوب الذي قارب على إنهاء مشواره في الملاعب، ووصل إلى السن الحرجة، وأصبحت تلوح في وجهه عناوين الاعتزال، نال أكبر تقدير واحترام خلال 21 يوما فقط، وهي الأيام التي جمعت الأهلي في مباريات مع المولودية الجزائري والوداد المغربي وما بالك بالجمهور المغربي أو الجزائري المتحمّس دائماً!! وقبلها مع الترجي التونسي في قلب العاصمة الخضراء. أبو تريكة أدهش الجميع من الحب الذي وهبه الله تعالى له في قلوب هذه البلاد العربية العاشقة بل المهووسة بكرة القدم، ويكفي أن استقبال أبو تريكة في المطار والتدريبات والفنادق وحتى خلال المباريات أصبح خبراً روتينياً في سفريات الأهلي. ما زالت أذني تسمع التصفيق الحار الذي ناله من جمهور المولودية، والتشجيع الهادر أمام الوداد المغربي، وكأنه كابتن الوداد صاحب الأرض، وليس الأهلي الفريق الضيف والمنافس على التأهل وقتها. محبة أبو تريكة ليست في الوطن العربي فقط، وإنما في ربوع القارة السمراء من خلال انتصاراته مع المنتخب الوطني والأهلي، وموقفه الذي لا ينساه أحد عندما كَتَب على قميصه دعماً لغزة في كأس الأمم الإفريقية بغانا، وهو ما لفت له أنظار العالم كله، وبالرغم من حملة الانتقادات الصهيونية؛ فإنها كلما زادت عليه زادت محبته في القلوب. ولهذا وجب على الإدارة الحمراء ألا تهيل التراب على أبو تريكة فور اعتزاله أو تضعه في أرشيف الفريق والنادي الأحمر، أو يدخل في شريط بقناة الأهلي، وإنما على الإدارة الحمراء بل وإدارة الرياضة المصرية في صناعة مشروع -لن أجازف وأقول قومي- لاستغلال اسم أبو تريكة، وجعله سفير فوق العادة للاستفادة منه لصالح الأهلي ومصر؛ بحيث يتمّ تسخيره لصالح نبذ التعصُّب والعنف الرياضي، ونشر السلام والمحبة، والترويج لاسم مصر والأهلي لتجنّب الكثير من الخسائر المعنوية التي تعود على الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وهنا أُذكّركم بما قاله الخواجة جوزيه لأبو تريكة: "الآن عدت محمد أبو تريكة الذي أعرفه منذ زمن"؛ حيث أثنى الخواجة على صانع ألعابه، وعلى قوة إرادته، ومحاربته للعودة من جديد للمستوى الذي كان يعرفه به منذ خمس سنوات. وزيادةً في التقدير لم ينسَ جوزيه أن يشكر أبو تريكة بشكل كبير أمام لاعبي الفريق، ويُطالبهم بأن يكونوا على نفس عزيمة تريكة القوية. وأشار جوزيه إلى أن مقدار حب الجماهير في الفرق المنافسة مثل جماهير تونس والجزائر والمغرب برغم قوة المنافسة مع هذه الفرق؛ فإن احترام هذه الجماهير وحُبّها لأبو تريكة جعل المقابلات معها أقل خطورة برغم قوة إثارتها. أبو تريكة يحتاج الأهلي أن يصنع له من الآن مسمّى وظيفيا يرتبط بالفريق حتى يكون معهم في كل مكان؛ بحيث يُفيد في نقل هذه المحبة للأهلي، ودرء التعصّب، وهو ما سيكون له نتائج رهيبة، مع استمرار وضعه تحت الوهج الإعلامي والجماهيري حتى لا ينطفئ. هل نعي ونستثمر أبو تريكة.. أم سنتركه يصدأ بعد اعتزاله؟!!