السلام عليكم.. أنا عمري 29 سنة. مشكلتي إني بلا هدف وعمري ما عرفت أنا عاوزة إيه، أنا مجرد أداة تنفذ اللي حواليها عاوزينه.. أنا حتى مش عارفة أنا باشتغل ليه في شركة ماسكة حسابات بجد مش عارفة ليه، وكمان مش عارفة أنا عاوزة إيه.. المشكلة إني زهقانة يمكن لأني مش عندي هدف، أنا باعمل حاجات كتير.. باقرأ وباحفظ قرآن وباسمع خطب، وبالعب على النت وبادخل مواقع كتير بس برضه مش مبسوطة ومضايقني إني مش عارفة أنا عاوزة إيه.. عمركم شفتم كده؟؟ وعلى فكرة أنا باعاني من تشتت الانتباه وفرط الحركة من صغري ومع ذلك كنت من الأوائل بس بصعوبة؛ لأني كنت بابذل مجهود جامد باذاكر طول النهار والليل أنا كمان حاسة إني وحيدة طول الوقت ومش باصدق أبدا حب الناس ليّ باقول دول هبل معقول يحبوني؟ لأني حاسة إني مش جديرة بالحب، ليه؟؟ ما أعرفش، يمكن تفضيل ماما لأختي طول الوقت من أيام ما كنت طفلة حسسني إني عمري ما هتحب وكمان أنا باعتذر كتير جدا وأصحابي بيقولوا بطلي حساسية إنتي مش بتضايقينا في حاجة أصلا.. أنا باتكلم في أكتر من موضوع، ومشتتة، صح؟ أنا متضايقة بجد أنا نفسي يكون فيه حاجة عاوزة أعملها ومش الجواز؛ لأن ده رزق. أنا عاوزة هدف أتعب عشانه. تعرفوا أنا باسأل نفسي كتير أنت عاوزة إيه من الدنيا دي ألقاني مش عاوزة حاجة خالص ودايما كمان حاسة بالذنب ودايما خايفة أزعّل حد وأفضل أسأل إنتم زهقتم مني؟ أنا مضيقاكم؟ أنا آسفة على الإزعاج طول الوقت، وكمان حاسة بوحدة جدا أنا باسمع إذاعة القرآن طول الوقت وبحب التنمية البشرية وباقرأ فيها كتير، أنا مش عارفة إيه حل مشكلتي يا ريت تقولوا لي إزاي أحب نفسي لأنها بجد طيبة جدا وإزاي أصدّق إني ممكن أتحب؛ لأن أصحابي بيقولوا إنك فعلا تتحبي ليه بتسألي السؤال ده؟ ومن كتر ما سألته بقوا يقولوا لا.. أكيد زهقتم مني أنا آسفة على الإزعاج مش قصدي أنا متشكرة لكل اللي هيقرأ الرسالة حتى لو مش هتردوا أنا متشكرة وأتمنى لو مافيش فيها إزعاج تردوا عليّ حتى لو اتأخرتم مش مشكلة المهم إنكم تردوا أنا متشكرة وآسفة. سلمى أبداً يا ابنتي، فلقد كنت واضحة جدا ومنظمة على عكس ما تتصورين، فلقد حددت أن أهم مشكلاتك هي أن تصدقي أن نفسك تستحق أن تُحب، وأنك تبحثين عن هدف تحبينه وتسعين لتحقيقه في حياتك أليس كذلك؟، واسمحي لي قبل أن أقول لك على خطوات للحل أن تستمعي لخبرة الحياة التي تعلمتها من خلال التعامل الكثير مع البشر فيما يخص المشكلتين، وهي أن ما نعجز أن نعطيه لأنفسنا أولا، يصعب جداً أن يعطيه لنا الآخرون، فكيف ستحصلين على حب من حولك وتصدقيه إن لم تحبي نفسك وتصدقيها أنت أولا؟ أما أهدافنا في الحياة، فهي ليست شمسا ولا قمرا يعرض نفسه علينا ويقدم خدماته يومياً فنراه فنحبه ونطلبه، ولكن الهدف يحتاج لمعرفة أولا ثم سعي، فنعرف أنفسنا لنعرف قدراتنا واهتماماتنا فنضع أيدينا على الهدف حتى نبدأ في السير إليه، لذا أصبح السؤالان هما: كيف أحب وأصدق نفسي؟ وكيف أعرف نفسي لأحدد هدفي وأتمناه وأسعى له، وسأبدأ بحبك لنفسك؛ لأنه أساس كل شيء فلتعي تلك النقاط: - دربي نفسك على تقبل نفسك، فكل البشر يحملون بداخلهم السيئ والجيد حتى أنت، فتقبلك لها سيجعلك تتعاملين معها برفق وإنصاف حتى تحبيها، وليس معنى حبها أن تكوني أنانية أو مغرورة، ولكن حبها هو أن تهتمي بها وتراعيها وتحافظي عليها بتهذيبك لها وتطويرها وتنميتها برفق ومثابرة. - الحب بين البشر موجود؛ لأنه يحقق المصالح!، وقد يتصور البعض أن الحب عطاء بلا مقابل أو أنه شعور لا يجوز معه كلمة المصلحة وأنا أقول لا، فالحب احتياج للإنسان؛ ففيه الاهتمام والدفء والعناية والاحترام والتكامل، فنحن نقدمه لمن نحب ونأخذه أيضاً، لذلك قصص الحب الفاشلة أو الصداقات المتعثرة يكون سببها أن هناك من يُعطي والآخر يأخذ فقط فتنهار العلاقة، لكن الحب تبادل لتلك الاحتياجات المشروعة جداً والطبيعية جداً، لذلك حب من حولك لك ليس مزيفاً والدليل ليس كلامهم فقد يكونون مجاملين، ولكن الدليل هو وجودهم في حياتك حتى هذه اللحظة، فالحب والقرب بين الناس يحدث؛ لأنهم يجدون جزءا من احتياجهم لدى من يحبونهم، ففكّري ماذا تعطينهم ويرتاحون له معك؛ فقد يكون الاهتمام أو الحنان أو الثقة أو الإصغاء أو القلب المخلص في المساعدة... إلخ، ولكنهم لا يعرفون كيف يعبّرون عن احتياجهم لك، فلا يجدون سوى الاستغراب من سؤالك؛ لأنهم كل ما يشعرونه أنهم فعلاً يحبونك. - يحتاج حبك لنفسك أن تزيدي من صقل إمكانياتك وعطائك حتى تتحسسينه، وسيحدث ذلك حين تحددين هدفا وتعيشين من أجله فتحققين فيه إنجازا يساعدك على حبك لنفسك وتقبلها ورؤيتها لاستحقاق حب من حولك. - تعلمي أن تري ما بك من خصال طيبة وتصرفات نبيلة وقدريها وغيّري من حديثك لنفسك، فلو سألتك عن شخص لا تعرفينه ما رأيك فيه وكل ما وصل لك أنه يقرأ ويحفظ القرآن ومتدين ويحافظ على ألا يجرح أحد وطيب جداً، ماذا ستقولين عنه؟ هل ستنفرين منه؟ هل تتصورين أنه يستحق الكراهية؟ فهذا ما تفعلينه مع نفسك تماماً، فما بالك بما لم تقوليه عن نفسك معنا؟ كل ما قلته لك سابقاً سيزيد من حبك وتقديرك لنفسك وتصديق حب من حولك لك، فواظبي عليه حتى وإن أخذ وقتاً، أما ضياع الهدف منك فسببه الجهل!، فكيف ستتعرفين على نفسك ثم هدفك وأنت لا تقومين إلا بعملك أو تجلسين على النت لتلعبي؟ فالحياة من حولك يملؤها التنمية والتطوير واكتشاف الذات فلتخوضي وتجربي وتسألي وتأخذي محاضرات ودورات لتضعي يديك يوماً بعد يوم على ما يستهويك وتشعرين بانجذابك له لتحققي إنجازاً، والمجالات كثيرة وستضربين بذلك عصفورين بحجر؛ أولهما اكتشاف نفسك واكتشاف ما يستهويك ومن ثم تغيير نظرتك وتقديرك لنفسك، وكذلك تغيير نمط حياتك والشخصيات من حولك فتقتلين الملل والشعور بالضياع.. هيا لا تتأخري.