بعد أحداث العنف التي لحقت باللقاءات المصرية الجزائرية خصوصاً في التصفيات المؤهلة لكأس العالم، كان من اللازم تتبع العنف الذي يجري في الملاعب الجزائرية كمقدمات منطقية على ارتكاب المشجعين الجزائريين لأعمال العنف مستخدمين الأسلحة البيضاء تجاه جمهور الفريق المنافس، لنقول إن أحداث الشغب التي وقعت في أكثر من بلد عربي وآخر غربي لم تكن غريبة على جمهور الفريق الأخضر الذي تشهد بلاده يوميا أحداث شغب في الملاعب المحلية ويذهب ضحيتها العشرات حتى أصبحت قضية العنف في الملاعب الجزائرية قضية محل نقاش في عدد كبير من اللقاءات وتعقد من أجلها المؤتمرات.. فبالعودة قليلا إلى الخلف وبالتحديد في عام 1989 وعقب هزيمة المنتخب الجزائري على يد نظيره المصري في مباراة كفل الفوز فيها للمنتخب المصري الصعود المباشر لكأس العالم في إيطاليا 1990، افتعل المنتخب الجزائري بأكمله في استاد القاهرة ووسط 100 ألف مشجع مصري، افتعل شجارا حادا مع نظيره المصري أظهرت صور الفيديو مدى شراسته، وتطور هذا العراك إلى الحد الذي قام على إثره لاعب المنتخب الجزائري الأخضر البلومي بالتعدي على طبيب المنتخب المصري وفقأ له عينه مسببا له عاهة مستديمة صدر على إثرها حكم بالحبس ومنع البلومي حتى هذه اللحظة من العودة لمصر.
ولكن الآن قد شهدت جامعة الجزائر مناقشة رسالة ماجستير للأستاذ محمد دحماني تناولت تأثير الصحف الرياضية على انتشار فوضى العنف الرياضي في الملاعب الجزائرية المختلفة واستخدامها لعناوين تهتم بالجذب على حساب المصداقية والضوابط المهنية والأخلاقية.
وأكدت الدراسة أيضا أن كثيرا من السلوكيات العنيفة التي شهدتها الملاعب والمدرجات الجزائرية كانت تتغذى بالأساس من نوعية الكتابة الصحفية المنتشرة آنذاك وأنها -أي الكتابة الصحفية في الجزائر- تلعب بالأساس على المشاعر والعواطف وإثارة النعرات وبث قيم عدوانية تثير فيما بعد الرغبة في الثأر.
ومؤخرا وفي أعقاب فوز المنتخب الفرنسي على نظيره الأيرلندي وتأهله لكأس العالم خرجت الجماهير الفرنسية إلى الشوارع من أجل الاحتفال بتأهل بلادهم إلى كأس العالم فصادفوا في طريقهم مشجعين يحملون أعلاما تشبه أعلام المنتخب الأيرلندي تبين فيما بعد أنهم مشجعو المنتخب الجزائري وحدثت بعدها صدامات عنيفة بين الطرفين.
ومن جهتها أفردت صحيفة الجارديان البريطانية تقريرا مطولا عن العنف الذي انتاب سلوك المشجعين الجزائريين في فرنسا تحديدا بعد المباراة الفاصلة مع المنتخب المصري في السودان وأكدت الجريدة أن الغضب الذي أظهره الجزائريون ليس له علاقة بكرة القدم والعنصرية فقط، ولكنه ينبع من حقيقة أن المواطنين الجزائريين سواء الذين يعيشون في فرنسا أو الجزائر لم يتحرروا أبداً من علاقة الحب والكراهية التي ربطتهم بالدولة الفرنسية لفترة طويلة، وتحديداً خلال فترة الاحتلال الفرنسي التي بدأت عام 1830 عندما كانت الجزائر مستعمرة فرنسية؛ حيث كان يعامَل فيها الشعب الجزائري كمواطن درجة ثانية وتحدثت الصحيفة إلى أحد المواطنين في الجزائر حيث قال: فرنسا بالنسبة لنا تعني الحرية والمساواة والأخوة وهذه الأمور لم نشهدها بهذه الطريقة في الجزائر ربما تبدو بلدنا مثل فرنسا ولكنها على العكس تماماً، فنحن لا نستطيع العيش هنا حيث لا نملك أموالاً كافية فالجزائر حقاً سجن كبير. نائبة الحزب اليميني الفرنسي المتطرف مارلين لوبون استاءت بشدة من أعمال الشغب التي قام بها الجزائريون في فرنسا وطالبت بإلغاء ازدواج الجنسية وتخيير الشباب الجزائري بين الجنسية الفرنسية أو الجزائرية، قائلة: على ما أظن إنه يجب تغيير قانون الجنسية وإلغاء حق الأرض (حيازة الجنسية بحكم رباط الأرض)، وأعتقد أنه يجب إلغاء الحق في ازدواج الجنسية". أعتقد أنه يجب أن نطلب من هؤلاء الشبان أن يختاروا. لا يمكن أن يكون في القلب وطنان، وولاءان.
أخيرا وليس أخرا أثارت الصافرات التي أطلقها مشجعو المنتخب الجزائري أثناء عزف السلام الوطني للمنتخب الفرنسي ونزولهم أرض الملعب غضب الرئيس ساركوزي، وقرر على إثرها بعدم عقد أية لقاءات ودية في المستقبل مع المنتخب الجزائري.
اقرأ أيضاً * التاريخ الرياضي للجزائر مع الفرق المصرية * العنف في الملاعب الجزائرية خبر يومي في صحفها الرياضية * شهادات من الجزائر وخارجها: جمهورنا عنيف بطبعه ولازم حل وإلا..!!