السلام عليكم.. أنا بنت عندي 15 سنة، حاسة إني مكروهة من كل اللي حوالي؛ حتى أهلي، وباحس إن أصحابي -اللي هم أغلى ناس في حياتي- بيبعدوا عني، أنا مصاحباهم من 7 سنين، أكيد هتقولوا لي هم مش أوفياء عشان خاطر اتفرقنا في الفصول في المدرسة أو كده؛ بس هاقول لكم حتى لو هم مش أوفياء، أنا مش هاقدر أنساهم، ولا حتى أبعد عنهم. أنا مش عارفة أنا عايشة ليه.. أنا باصلّي الحمد لله؛ بس ماليش في أي حاجة في الدنيا، مش شاطرة في دراستي، ولا حلوة، ولا حد بيحبني.. نفسي أعرف أنا عايشة ليه، وهاستفيد إيه لما أعيش.. أنا نفسي الناس تقرّب مني، ونفسي أهلي يحبوني، ونفسي إخواتي يحترموني لأن ماحدش بيحترمني، ونفسي ماما تحبني زي ما بحبها، وأصحابي كمان.. وقولوا لي إزاي أقرّب من أصحابي وأخليهم يحبوني.
Dj.samar
أنت الآن في مرحلة المراهقة، وهي مرحلة انتقالية بين الطفولة والرشد، وفي هذا الوقت يتأرجح الفرد ويحتار بين المرحلتين إلى أيهما ينتمي، والمشكلة التي تواجهك هي أنك تُطالبين من حولك أن يعاملوك معاملة الكبار؛ فتطالبينهم بالحب والاحترام والوفاء, وفي نفس الوقت لا تُقدمين شيئاً لهم؛ لأنك لا تزالين صغيرة ولا إمكانيات لديك؛ وبذلك تحكمين على نفسك بأنك كبيرة عند الأخذ، وصغيرة عند العطاء.. وهذا الازدواج في المعايير أوقعك في هذه المشكلات.
إن مطالبتك للغير بالحب والاحترام تشير إلى رغبتك في الحصول على مكانة اجتماعية مرموقة في الوسط الذي تتواجدين فيه؛ ولكن أين هو عطاؤك المرموق الذي يدفع الغير إلى حبك واحترامك؟
صديقتنا العزيزة.. يرى علماء الاجتماع أنه لكي يحصل الفرد على مكانته الاجتماعية (أي الامتيازات التي يتمتع بها)، عليه أولاً أن يقوم بدوره الاجتماعي (أي الواجبات الاجتماعية التي يجب عليه أن يؤديها لمن حوله).. وهي مشكلة نسبة كبيرة من المراهقين.
إنك تشيرين بأصابع الاتهام لكل من تتعاملين معهم؛ أصدقاؤك وزملاؤك وأفراد عائلتك، وتلومينهم على عدم الاحترام والحب والوفاء؛ فماذا قدّمتِ أنتِ لهم؟ هل قمت بواجبك نحوهم من حيث الحب والاحترام، وتقديم المساعدة، ومشاركة والديك في تحمّل المسئولية وأعباء الأسرة؟
هل تقدمين أية خدمات لأصدقائك أو تسألين عنهم وتجاملينهم في المناسبات؛ ولو بكلمة رقيقة، أو هدية رمزية بسيطة تعبّر عن حبك واهتمامك بهم؟
هل تحرصين على طاعة والديك والبر بهما والفوز برضاهما؟ هل تقومين بوظيفتك الأساسية، وهي أنك طالبة عليها مهمة دراسية يجب أن تجتازها بنجاح؟
إن احترام الآخرين وحبهم لنا لا يأتي من فراغ؛ ولكن من خلال ما ندفعه من فاتورة اجتماعية تثبت قدرتنا على العطاء؛ فالحكمة تقول: "عامل الناس بمثل ما تحب أن يعاملوك به".
ولتعلمي جيداً أن الله سبحانه وتعالى لم يخلق إنساناً بلا قدرات؛ ولكن البعض لا يعرف قدراته, وقد لا يفكّر حتى في البحث عنها.. ابحثي عن قدراتك, واكتشفيها واستفيدي منها, وأفيدي بها من حولك, وعليك أن تكفّي عن توزيع الاتهامات على الغير؛ لأن هذا يُشعرك بالضيق، ويبدد طاقتك النفسية فيما لا طائل وراءه.
انظري إلى تصرفاتك، وحاولي أن تحكمي عليها بصدق؛ تلك التصرفات التي دفعت أهلك للاعتراف لك بكراهيتك.. ولعلمك، لا توجد أم تكره ابنتها؛ بل هي تكره تصرفاتها وعنادها؛ فقد وضع الله فيها ما يسمى بهرمونات الأمومة التي تدفعها -دون وعي منها- إلى حب الأبناء وحمايتهم؛ ولكنّ كثيراً من الأبناء -وخاصة في مرحلة المراهقة- لا يُدركون هذا الحب، ويحكمون عليه بأنه سُلطة يجب مقاومتها، وأن الاستجابة لنصائح الأم تُترك فقط للصغار.
إن الله جل وعلا لم يوصِ الأم أو الأب بأبنائهما؛ بل وصّى الأبناء بالآباء؛ حيث يقول في محكم كتابه {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ} صدق الله العظيم.
عليك أن تنتقدي تصرفاتك قبل أن تنتقدي تصرفات الآخرين تجاهك, وهذا سوف يساعدك على تحسين علاقتك بهم، وينمّي قدراتك الاجتماعية، ويُساعدك على التواصل الناجح معهم، ويقضي على الشعور بالنقص وعدم الأهمية الذي تعانينه الآن.