تنتظر جماهير الأهلي بلهفة أن ترى فريقها في ثوبه الجديد مع البرتغالي مانويل جوزيه في ولايته الثالثة؛ لقيادة القلعة الحمراء إلى منصات التتويج، وتحقيق البطولات والإنجازات مرّة أخرى. وكعادة الخواجة منذ تولّيه منصبه كمدير فني كانت له تأكيدات واضحة، وأخرى خفيّة وراء كلمات كانت لها مغزى كبير؛ مثل: كبر سن اللاعبين، الأهلي والمنتخب، الجماهير، الزمالك، مساعديه، الصبر وصفحة جديدة، وكتاب مفتوح، أسلحة، ودروع، وحرب.. وبنظرة تحليلية كانت هناك قراءات في تصريحات جوزيه، وكشف لبعض أفكاره الخفيّة. المنتخب والأهلي أكّد مانويل جوزيه أن الأهلي مؤثِّر وقوي للغاية، مبشراً بأنه عندما يعود لاعبو الأهلي لسابق عهدهم سيكون فألا حسنا ليس على الأهلي فقط، وإنما على المنتخب الوطني أيضاً، في إحراز البطولات على كل المستويات؛ لأن لاعبي الأهلي هم الأجدر في مصر برغم كبر سنّهم؛ لأنه كبر سن بخبرة وليس بعجز. الجمهور مَن يعرف جوزيه عن قرب، يتفهّم بالطبع أنه ذكي للغاية، ومِن خلال استخدامه لهذا الذكاء، وبسنوات خبرته ومعرفته بطبيعة الشعب المصري؛ فالرجل يتفهّم جيّدا أن جمهور الأهلي الأكبر إفريقياً وعربياً بل وعالمياً -50 مليون أهلاوي تقريبا- هم رأس حربته ودرعه الذي يحميه.. ولهذا ركّز جوزيه بشكل تام منذ أُعلن بشكل رسمي عن عودته للقلعة الحمراء في مخاطبة ود الجماهير، واللعب على أوتار عاطفة جماهير نادي القرن الفياضة تجاه ناديهم، وحبّهم الجارف له، وقلقهم المتزايد عليه مِن فقدان بطولة الدوري العام، والتي يحملها الأهلي للعام السادس على التوالي. ومع فطنة جوزيه وذكائه الكبير كان كل خطابه موجّها -ومن اللحظة الأولى- لجماهير الأهلي؛ حيث أعاد أكثر من مرة استخدام جملة: "نحن في البرتغال دائما ننتظر عودة الابن الشاطر والناجح لبيته مهما طالت فترة غيابه، وأنا عدت لبيتي الذي عشت فيه أفضل لحظات حياتي، والذي أنجزت فيه الكثير والكثير مع اللاعبين". لم يكتفِ أن يكون جمهور الأهلي حربته التي يستخدمها في حربه الكروية -كما وصفها- أو درعه ضد أي انتقادات من القنوات الفضائية التي يتوقّع أن تجنّد له في كل مباراة فريق تصوير يرصد أنفاسه، برغم أن هذا لم يحدث ولا يحدث مع أي مدير فني آخر في الدوري، حيث وجد للجمهور استخداما آخر ليكون هذه المرّة دواء للحالة المعنوية السيئة التي لمس اللاعبين عليها؛ ولهذا طالب الجمهور بالوقوف خلف الفريق ليعود من جديد. اللاعبون صُدِم جوزيه وبقوة من حجم التخريب الحادث في نفسيات اللاعبين، واعترف الرجل بأنه لمس بنفسه حجم التراجع الفظيع في الروح المعنوية، ولأنه جرّاح ماهر وطبيب بارع في قراءة الشخصيات والنفسيات، فقد بدأ فورا في علاج هذا الجانب الخطير من القصور، والتي لن توضّح عمله مهما اجتهد هو وجهازه المعاون، ولذلك كانت أهم روشتة في العلاج تصريح جوزيه بأنه يتحمّل أي فشل أو أخطاء قد تظهر من الفريق، وأنه حتى مع عدم تنفيذ اللاعبين لخطة اللعب فإن القصور فيه هو وليس في الجهاز أو اللاعبين. ثاني داء ودواء في الروشتة كما وضعها جوزيه كان انتقادات الكثيرين لكبر سن لاعبي الأهلي، الذي اعترف به جوزيه، ولكنه أيضا رأى أن كبر السن وسنوات العمر لن توقف العبقرية والتفكير السليم أو أن تصيبه بالعجز، وأعطى مثالا لذلك ببركات وأبو تريكة واللذين يعتبرهما أفضل لاعبَيْن في مصر، مؤكّدا أنهما ما زالا الأفضل في مصر، مشيرا إلى أنهما حققا أفضل الإنجازات طوال الفترة الماضية. وحرص البرتغالي على طمأنة الكل بأنه قادم لبناء فريق جديد من الكبار والصغار، ولعلمه بأن القماشة الموجودة حالياً هي الباقية حتى نهاية الموسم، نافيا تماما حدوث أي تغيير فيها، أو رغبته في ضم لاعبين من الخارج؛ مثل: وليد سليمان، وحسني عبد ربه، وعبد الله السعيد. وأكّد مدرّب اتحاد جدة السابق أنه يعلم جيّدا أن خزينه الأهلي لا يوجد بها المال الكافي لشراء لاعبين بمبالغ كبيرة، هذا من ناحية، وثانياً أننا لدينا لاعبون نحتاجهم في هذه المراكز؛ مثل: عاشور، وإينو، وشهاب الذين سيكونون من أفضل اللاعبين في مصر وإفريقيا. علاقات قديمة كانت أهم قضية عند جوزيه هي علاقاته الشائكة مع بعض اللاعبين في الفريق؛ مثل: محمد شوقي، وأحمد حسن، ومحمد فضل، ومدى تخوّف هؤلاء اللاعبين من عودة جوزيه، مؤكداً أنه اجتمع مع محمد شوقي وسأله: "أين شوقي الذي نعرفه؟ أنا نسيت الماضي.. وأنتظر عودته؛ لأن الأفضل سيُشارِك، ولكن أيضا مَن يريد الرحيل لن نتمسّك به". أما عن أحمد حسن فقال: "أعلم أنه مِن اللاعبين الجيدين، وعلى اللاعبين الكبار في الفريق مساعدته في المرحلة القادمة الحسّاسة، فهو يمتلك من الخبرات الكثير، والسن عنده لا يمثل مشكلة، وإنما الأهم التفكير بطريقة سليمة في كيفية الاستفادة من خبراته". الزمالك لعب جوزيه على أهم أوتار الجماهير عاطفة وحماس وهو نادي الزمالك؛ حيث وضع اسم الزمالك في أكثر من موضع في البداية والوسط والنهاية؛ حيث طمأن الجمهور وعشّاق الأحمر بأن فارق الست نقاط ليس بالصعب أبدا، مؤكّدا أن هناك دورا ثانيا، مشيرا إلى أن الزمالك احتاج ل6 سنوات لبناء فريقه، وأنه لم يفُز بالدوري من 7 سنوات.. وكشف مخططه على أنه سيضغط على الزمالك، وخفف جوزيه الوتيرة بتحية حسام وإبراهيم حسن، مؤكّداً على احترامه للزمالك. وقال مدرّب منتخب أنجولا السابق: "إن فارق 6 نقاط ليس كبيرا، وإذا رَاقَبَت فرق الدوري شيكابالا سيقف فريق الزمالك كله، وسيقل الفارق". وضغط جوزيه بقوة على منافس الأهلي ليرضي الجمهور الأحمر بتذكير الجميع بالفوز الأسطوري 6/ 1، وهو ما جعل الكل يُصفّق له. جوزيه لم ينسَ أن ينفي ما ردّده البعض بأنه فشل مع اتحاد جدة السعودي أو المنتخب الأنجولي، كما نفى تماما أن تكون الإدارة قد عارضته في تشكيلة الجهاز الفني الحالي الذي يضم مساعدين برتغاليين بجانب ثالث أرجنتيني. وفي النهاية هناك تحدٍّ صعب في انتظار الخواجة البرتغالي مانويل جوزيه المدير الفني للأهلي وجهازه الفني، الذي تطالبه الجماهير بالاحتفاظ بالدوري -البطولة الأغلى للجماهير الحمراء- وكذلك عودة الأمجاد الإفريقية مرة أخرى.