سنة أولى قصة قصيرة.. باب ينضم إلى ورشة "بص وطل" للقصة القصيرة سننشر فيه بالتتابع القصص التي تعدّ المحاولات الأولى للكتّاب في كتابة القصة البسيطة. تلك الكتابات التي لا تنتمي لفن القصة القصيرة بقدر ما تعد محاولات بدائية للكتابة.. سننشرها مع تعليق د. سيد البحراوي حتى تتعرّف على تلك المحاولات وتضع يدك على أخطائها.. وننتظر منك أن تُشارك أصحاب تلك المحاولات بالتعليق على قصصهم بإضافة ملاحظات إضافية حتى تتحقق الاستفادة الكاملة لك ولصاحب أو صاحبة القصّة.. أبحث عني! ماذا تعرف عن الحب .. إخلاص .. ود .. كيان واحد منقسم بين اثنين .. نظرة لهفة في لحظة وداع .. ام حياة لا يمكن العيش فيها دون نصفك الاخر .. أي كان هو المعني الذي تعلمه وحدك او يوافقك عليه غيرك .. فالحب الذي تنتظره هي ..هو ان تقابل شخصا تشعر معه بالأمان .. من ضمة يد او نظرة عين .. وأن تري من أفعاله حنانا يٌغنيها عن عشرات الكلمات التي قد لا تعوضها ابدا بعضا مما يفيض حبه تقديرا لها .. وفيما كانت تنتظر تلك كل الاعراض لتتأكد انها أصيبت بلعنة ذلك المرض الجميل الذي ينتظره كثيرون .. لم تجد ايا منها ، فعندما تعرفت إليه .. لم يحدث يوما ان تلاقت أعينهما لتشعر داخلها بالامان المنتظر ، ولم يدر حتي بينهما الحوار الذي أثار بداخلها فضول انتظار الأفعال.. كانت فقط كلماته .. هل كل مفاتيح مشاعرها الغريبة تجاهه .. مشاعر ولدت بين سطور افكاره .. هو كاتب ليس ذو شهرة بالغة ، لكن اسمه علي الاقل لا يخفي عن عشاق كتباته ، وكلماته بالنسبة إليها كانت كفيلة بأن تربطه بها ، ولو في خيالها .. رأت نفسها في كل بطلاته ، وسمعت كل كلام العشق في حوراته الخيالية معهن .. كأنها لها وحدها ، وبعد ان أدمنت كلماته ، لم تتمني سوي رؤيته .. بشرط ان يكون حواره حينها معها وحدها .. وفي يوما قررت أن تتخذ أولي خطواتها لتحقيق أمنيتها ، بحثت عن اسمه علي الفيس بوك ، ولانه ككاتب له من المعجبين المئات ، لم يرفض دعوتها ان تكون له صديقة عندما ارسلت إليه دعوة تطلب ذلك .. ولم تتوقف عند تلك الخطوة ، فرغبتها في ان يتحول حبها الخفي إلي حب متبادل علي أرض الواقع ، دفعها إلي أن تبعث له أول رسائلها .. وأفصحت في اولها ما كانت تكتمه من أراء حول ما يكتب ما بين مؤيدة في سطر ومعترضة في سطر أخر ، وكانت تخاطبه بشكل ودي كأنه جالس امامها تراه يستمع إليها في انصات شديد ، وهو ما استغربه عندما قرء رسالتها وكأنها تعرفه منذ سنوات وتقرأ له منذ قرر أن يبدأ .. وجذبته تلك الطريقة إلي استكمال رسائلها شبه اليومية والرد عليها في حين ، وانتظارها في حينا اخر ، بل كان يرسل إليها يسأل عليها ان غابت .. مرت ايام واسابيع وهي تداوم علي مراسلته تشاركه افكارها وأرائها ، في وقت قصير اصبحت ملهمته في كتباته الجديدة ، وتخللت افكارها التي كانت يتسامران بها ليلا بعضا من تفاصيل حياتها الشخصية ، ومنه كانت المشاركة بالمثل .. أصبح يشاركها همومه .. أحلامه .. هواجسه .. حتي مخاوفه .. وهي الان في اسعد لحظات عمرها .. في سعادة لا تجد من الكلمات ما يعبر عنها .. يبقي لها حلم رؤيته .. في حضن عينيه .. لكنها لم تستعجل تلك الخطوة خشية ان تخسره في أي لحظة لا تعلمها .. وبعد اسابيع أخري .. ذهب إلي مجلته التي يعمل بها ليمد إجازته هناك ، ودخل بكلماته الرشيقة المعهودة يطلق تحياته علي زملائه في المكان الذي بدأ فيه اول مشواره الصحفي .. وبينهم وقعت عيناه عليها .. ليس فقط لانها الوجه النسائي الوحيد في الحجرة ، ولكن لفت انتباهه انها لم تعيره الاهتمام المتوقع لكاتب علي الاقل تصدر له كتب تحمل اسمه ، وبدوره لم يفكر إطلاقا او يوجه إليها أي كلام ، في حين ظلت تعمل صامته علي جهاز الكمبيوتر الخاص بها .. وظل يختلس هو النظرات من بين الحين والاخر ، لعلها ترمقه بنظرة خاطفة كما يفعل هو.. لكنها خيبت ظنه ولم تفعل .. ظل يفكر في وجها الملائكي الهادئ اثناء عودته إلي منزله ، وما إن فتح جهاز الكمبيوتر ووجد رسالة الاخري ، نسي معها كل شيء .. بل انه حكي لها عن الفتاة الاخري بصمتها الذي ينم عن رزانة جذابة وفضوله ان يتعرف إليها .. فردت عليه في رسالة قصيرة .. "لا تبحث عما قد يضيع وقتك ، وعصفور في اليد .. " ، فهم ان الغيرة أخذت طريقها السريع إليها كغيرها من البنات .. وربما هو ايضا بقليل من التصرفات الصبيانية – رغم عمره الذي تجاوز الثلاثين – ارد ان يشعل قليلا منها . ببعض الحجج الواهية كرر زياراته إلي المجلة بشكل اثار استغراب زملائه هناك .. ونجح في بعض تلك المرات ان يحصل علي اسمها وتحية لا فيها سوي "مقال مميز اليوم .. بالتوفيق" وابتسامات تنطق بالكثير .. في حاجة لمن يحركها .. اكثر من ذلك ، لم يوفق في الحصول علي أي شيء أخر .. اعتاد بعد فترة من تواجده في المجلة ان ينجح في ان يجعلها تلاحقه بنظراتها اينما ذهب ، وكأنه في محاولة لإثبات ما بدأ يشعر به هو الاخر .. وبين تلك والاخري ظل عالقا بينهما بأنانيته ولم يشغل باله يوما .. أي من الاثنين يهوي ؟ في عمله يزداد تعلقا بمن رأت عينه ، وعلي الإنترنت ، يشتاق إلي ذلك الحوار الذي يجد فيه راحة عقله طوال لياليه .. واستمرت أنانيته شهور .. وحب عينيه تنظر اللحظة التي يعلن لها عن حبه الصامت ، وتفرح فرحة قصيرة بخطوات يحاول فيها ان يفعل شيئا وسريعا ما يقطعها تردد وكبرياء أحمق .. ويعود إلي ما كان عليه .. وفور عودته إلي منزله .. وجد تلك الرسالة : "إلي متي ستظل صامتا هكذا .. إلي اين ستقودك أنانيتك التي كانت اسوء ما عرفت عنك ؟ .. لأول مرة يخونك ذكاؤك الذي اعتدت عليه في حوارتنا التي كنا نختم بها تعب أيامنا .. نعم .. كنت أنا هي .. انا من كنت هناك تكابر في الافصاح عن حبك لها .. فضحتك عيناك .. لكنك لم تطعهما .. وأنا ايضا من كنت هنا تشتاق إلي كلمة منك تعلن فيها ان الحياة بدونها لا تكون .. كنت تراها وتفرح بوجدها في عالم الواقع تؤنسك فيه .. وكنت تلجأ إليّ علي "الشات" في كل محنة وضيق .. ولم تفكر يوما إن ضعنا منك سويا .. كيف سينفعك عنادك حينها ؟ .. ولتكتمل المفاجأة .. أخذت أجازة طويلة من المجلة .. وإن كان ما بداخلك اقوي من أي كبرياء وعناد .. ستبحث عني كما فعلت انا البداية.. هيا الان دورك .. اعصر ذاكرتك واستخلص منها ومن حواراتنا الليلية ما يقودك إليّ ... لم تسألني يوما عن عنوان .. عن رقم تليفون .. عن أي شيء عني .. ولا حتي عنها .. أرأيت كيف كنت اناني ؟ .. هيا أفعل ما يثبت لنا او "لي" حبك .. إنت كنت في حاجة لي .. فأنا اكثر منك .. ابحث عني ولنلعب لعبة أخري نعرف فيها للحب معني أخر بالنسبة لي ولك .. في انتظارك يا من كنت لي معني جديدا للحب .. سارة سيف الدين التعليق: قصة عن تعقّد العلاقات الإنسانية وخاصة العاطفية بين البشر في لحظتنا الراهنة، لكنها قامت على مصادفة غير مبررة وهي أن الفتاة لا تعرفه وهي معه في العمل. نحتاج إلى بعض الإحكام والاهتمام باللغة بدءا من العنوان. أ. د. سيد البحراوي أستاذ الأدب العربي الحديث بكلية الآداب، جامعة القاهرة ملحوظة ينشر الموقع القصص كما وردت من أصحابها، أي دون تدخل بالمراجعة، وذلك لأن الجوانب الإملائية واللغوية والتنسيقية يُعتد بها في تقييم النص. لذا وجب التنبيه، وشكرًا.