أخبار 24 ساعة.. زيادة مخصصات تكافل وكرامة بنسبة 22.7% لتصل إلى 54 مليار جنيه    أتلتيكو مدريد يتخطى أوساسونا في الدوري الإسباني    ليبيا.. البرلمان يعلن انتهاء الاقتراع فى انتخابات المجالس البلدية دون خروقات    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. حماس تسلم جثتين لرهينتين إلى إسرائيل وتؤكد: لا نرغب بالمشاركة فى أى ترتيبات تتعلق بإدارة قطاع غزة.. رحيل زعيم المعارضة الأرجنتينية أثناء بث مباشر لمناظرة سياسية    معتصم سالم: قرار تجديد تعاقد ماييلى فى يد إدارة بيراميدز ونتمسك باستمراره    إبراهيم العامرى: والدى كان يعشق تراب الأهلى.. وأنا مشجع درجة ثالثة للأحمر    عادل عقل: بيراميدز يسطر تاريخا قاريا بعد الفوز بالسوبر الأفريقى.. فيديو    مصرع طفل دهسًا تحت أقدام جاموسة داخل منزله بمركز دار السلام فى سوهاج    مصرع شخص إثر انقلاب سيارته على طريق مصر - الإسماعيلية    وائل جسار يحيي حفلاً ضخمًا ضمن فعاليات مهرجان الموسيقى العربية بالأوبرا    مهرجان الجونة السينمائى يمنح كيت بلانشيت جائزة بطلة الإنسانية    مباراة ب 6 ملايين دولار.. سينر يتوج ببطولة الملوك الستة في السعودية للمرة الثانية على التوالي    مارسيليا يقفز لقمة الدوري الفرنسي بسوبر هاتريك جرينوود    كولومبيا تنتزع برونزية كأس العالم للشباب من فرنسا    الدوري الإيطالي.. إنتر ميلان يقتنص الصدارة من فم ذئاب روما    ترامب يعلن قصف غواصة تحمل مخدرات لحظة توجهها لسواحل الولايات المتحدة    رئيس مصلحة الجمارك يتفقد قرية البضائع بمطار القاهرة الدولي    عاجل- مصر تتسلم رئاسة المنظمة الدولية للتقييس (ISO) بعد فوز تاريخي يؤكد ريادتها العالمية في مجالات الجودة والمعايير    جيش الاحتلال الإسرائيلي يتسلم جثمانين لرهينتين من الصليب الأحمر    برج الثور.. رمز القوة والثبات بين الإصرار والعناد    ياسر جلال يكشف تفاصيل جديدة عن مسلسل الاختيار.. وماذا قال له الرئيس السيسي؟    د.حماد عبدالله يكتب: "السرقة" تحت مسمى مقتنيات!!    ياسر جلال: لم أتخيل انضمامي لمجلس الشيوخ.. ورامز "خط أحمر" في حياتي    النصر ضد الفتح.. فوز كبير للعالمي بخماسية في الأول بارك    «البدوى» ينعش اقتصاد طنطا |كرنفال روحانى.. نشاط تجارى مكثف.. وكرم مجتمعى موروث    مسئول تركي: التعاون مع ليبيا يفتح فرصا أمام إفريقيا    السجن 15 عاما لشقيقين متهمين بحيازتهما 601 طربة حشيش في الإسكندرية    وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يبحث مع شركة "Visa" العالمية التعاون في دعم التحول الرقمي ومنظومة المدفوعات الإلكترونية في مصر    هل يجوز للزوجة أن تأخذ من مال زوجها دون علمه؟.. أمين الفتوى يوضح    توجيهات عاجلة من وكيل صحة الدقهلية لرفع كفاءة مستشفى جمصة المركزي    البحوث الفلكية: 122 يوما تفصلنا عن شهر رمضان المبارك    الجارديان عن دبلوماسيين: بريطانيا ستشارك في تدريب قوات الشرطة بغزة    حلوى ملونة بدون ضرر.. طريقة عمل كاندي صحي ولذيذ للأطفال في المنزل    «الوطنية للانتخابات»: إطلاق تطبيق إلكتروني يُتيح للناخب معرفة كثافة التواجد قبل الذهاب للتصويت    من رؤيا إلى واقع.. حكاية بناء كنيسة العذراء بالزيتون    التحقيقات تكشف ملابسات مقتل مسن ضربًا على يد نجله بالجيزة    منة شلبي في أول ظهور بعد تكريمها بالجونة على شاشة النهار مع لميس الحديدي الليلة    هل نستقبل شتاءً باردًا لم نشهده منذ 20 عامًا؟ الأرصاد تُجيب وتكشف حالة الطقس    إزالة 10 مخالفات بناء على أملاك الدولة والأراضي الزراعية في الأقصر    "الإفتاء" توضح حكم الاحتفال بآل البيت    رغم الارتفاعات القياسية.. «جولدمان ساكس»: اشتروا الذهب الآن    وزارة المالية: بدء صرف مرتبات أكتوبر 2025 في هذا الموعد    قصور الثقافة تفتتح أول متجر دائم لمنتجات الحرف التراثية في أسوان    ننشر أسماء 5 أشخاص أُصيبوا في مشاجرة بقرية أبوسلطان التابعة لمركز فايد في الإسماعيلية    الضفة.. جيش الاحتلال الإسرائيلي يعتدي على طفلين في الخليل    بتهمة ممارسة الفجور.. السجن 5 سنوات للطالب المنتحل صفة أنثى لنشر مقاطع فيديو تحت اسم «ياسمين»    الصحة تختتم البرنامج التدريبي لإدارة المستشفيات والتميز التشغيلي بالتعاون مع هيئة فولبرايت    قرار بالسماح ل 42 بالتجنس بالجنسية الأجنبية مع احتفاظهم بالجنسية المصرية    محافظ الشرقية يثمن جهود الفرق الطبية المشاركة بمبادرة "رعاية بلا حدود"    طريقة عمل الفطير الشامي في البيت بخطوات بسيطة.. دلّعي أولادك بطعم حكاية    الرئيس السيسي يستقبل رئيس مجلس إدارة مجموعة «إيه بي موللر ميرسك» العالمية    رئيس جامعة القاهرة: مصر تمضي نحو تحقيق انتصارات جديدة في ميادين العلم والتكنولوجيا    جامعة أسوان تناقش خطة الأنشطة الطلابية للعام الجامعي الجديد    تشييع جثمان الطفل ضحية صديقه بالإسماعيلية (صور)    مرشح وحيد للمنصب.. «الشيوخ» يبدأ انتخاب رئيسه الجديد    مواقيت الصلاة اليوم السبت 18 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    رئيس وزراء مالطا يشيد بدور مصر في وقف حرب غزة خلال لقائه السفيرة شيماء بدوي    حكم التعصب لأحد الأندية الرياضية والسخرية منه.. الإفتاء تُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما عاشت مصر في حماية السحر والجنّ والتعاويذ!
نشر في بص وطل يوم 05 - 12 - 2010

عندما طال الأمد بالمصريين، وتوالى عليهم الفُرس، واليونان، ثم الرومان، فالعرب..

بدأت المساحة تتسع بين الحقيقة والأسطورة، فيما يخصّ كيفية حماية الملوك المصريين القدماء بلادهم من المخاطر والعدوان.
وهذه لمحات من تلك الكتابة الأسطورية للتاريخ بهذا الشأن.
الأهرام
"أنا بنيتُ الأهرام في ستة أعوام، فهل يستطيع من يأتي من بَعدي من الملوك أن يهدمها في ستمائة عام؟".
(قول منسوب للملك سوريد)
يختلف القدماء في باني الأهرام، فمنهم من يقول إنه "عاد بن شداد" -وهم من ينسبون بناءها لقوم عاد- ومنهم من ينسبها لملك أسطوري اسمه سوريد، وهو النَسَب الأكثر انتشارا، لكن الغالبية يتفقون على أنها لم تُبنَ لتكون قبورا فحسب، بل مخازن للسلاح والكنوز والعلم، بناها المصريون بعد أن تنبأ كهنتهم بالطوفان، فقرروا إيداع علومهم وفنونهم وأسرار سحرهم تلك الأهرام؛ لكي لا تندثر الحضارة. وحصّنوها بالتعاويذ كي لا يمكن هدمها أو الاعتداء على حرماتها وما بها. حتى إن ثمة قصة شهيرة عن محاولة الخليفة المأمون هدم الهرم الأكبر بحثا عن الكنوز، وفشله في ذلك، ثم هبوب رياح عاتية عصفت بجنده فور قراءته العبارة المنسوبة لسوريد، وإحجامه عن رغبته في الهدم نتيجة لذلك.
وثمة أقوال أسطورية أخرى عن الأهرام، تقول إن من بناها وكّل بكل منها روحانيا (جنّ أو ملائكة)، فالهرم الأكبر تحميه روحانية في صورة امرأة عارية تغري العابر بالهرم، والأوسط يحميه غلام أمرد عارٍ كذلك يقعد أحيانا على جانبي الهرم، والأصغر يحميه شيخ عليه زي الرهبان، يحمل مبخرة. وهؤلاء الروحانيون يحمون حرمة الأهرام، فنرى قصة لرجل وامرأة دخلا الهرم الأكبر؛ للخلوة فأصابهما الصَرَع، وأخرى عن رجال دخلوه مع غلام للفسق به، فخرج عليهم روحاني في هيئة غلام أسود ضربهم وطردهم وسلبهم ثيابهم وطعامهم. ويرجّح الدكتور عمرو عبد العزيز منير في كتابه "الأساطير المتعلقة بمصر في كتابات المؤرخين المسلمين" أن هذا النوع من الأساطير -المرتبطة بعقاب الفسق في الأهرام والروحانية الفاتنة والغلام الأمرد- إنما ظهرت في العصور الوسطى في مصر في بعض فترات انتشار الزنا، وعشق الغلمان، واستغلال بعض الناس خلوة الأهرام لذلك، فخرجت تلك الأساطير من الوجدان الشعبي؛ لفرض دفاع معنوي عن ميراث الأجداد.
أبو الهول
أما أبو الهول، فيقال إنه بُنِيَ في عهد قديم؛ لحماية مدخل عاصمة مصر القديمة -منف- من العدوان وعواصف الرمال، وكانت له مقدرة النطق، فكان ينبئ المصريين عن قدوم جيش معادٍ أو عاصفة أو طوفان أو وباء أو قحط، وكان يقول لمن سُرِقَ ماله مَن الذي سرقه، وتقول الأسطورة إن موسى –عليه السلام- قد جاءه، وقال له إنه ما دام ينطق ويعقل فهو مكلّف، وعليه أن يؤمن بالله وبرسالة موسى، فأبَى أبو الهول، فضربه موسى بعصاه على أنفه، فمنه جاء هذا الكسر الشهير (تلك الأسطورة جاءت في كتابات سبقت الحملة الفرنسية، مما ينفي ما نُسِبَ لنابليون من ضرب أبو الهول بالمدافع) وأصابه الخَرَس.
ويتحدث القدماء عن طلسم (أي تعويذة) مرتبط بأبو الهول، كان يحمي مصر من عواصف الرمال العاتية، فجاء رجل صوفي متعصب -فيما بعد الفتح الإسلامي- وحاول هدم التمثال، فبَطل الطلسم، وأغرقت عواصف الرمال مزارع البلاد، فهجم الناس على الصوفي وقتلوه.
جيوش السحر والطلاسم
زخرت الأساطير المصرية كذلك بالقصص عن الطلاسم الحافظة لمصر من الغزاة، ومقابرها من النبّاشين، فنرى قصة تقول إنه بعد غرق فرعون ورجاله، فرغت مصر من القادرين على الحكم من الرجال، فتولّته امرأة عجوز داهية اسمها "دلوكة" -الملقبة ب"العجوزة"- وأقامت لحماية البلاد "بربا" (بناء حجري يشبه المعبد) عليه صور لمقاتلين على البغال والخيول والمراكب، وجُعِلَ عليه طلسم، فإن جاء العدو تحرّكت الصور التي تشبهه، فإن كان على الخيول تحركت صور الخيول، وإن جاء من البحر تحرّكت صور المراكب، فيقوم السحرة بإيذاء الصور، فيجري مثل ذلك للمقاتلين الحقيقيين الذين ترمز لهم تلك الصور، أي أنه شيء أشبه ب"العروسة" التي تقوم بعض النساء في الأوساط الشعبية بعملها وخرقها، ليجري المثل لمن تمثله.
ويتحدث المؤرخ المسعودي عن الملك نقراوس الذي بنى مدينة عظيمة اسمها أمسوس، وجعل على بابها تمثالان مطلسمان لو مرّ بينهما سارق أمسكاه، ليحمي المدينة من السرقة، ثم حكم ابنه مصرام الذي روَّض الأسود، وكان يمتطي أسدا، وتحمل عرشه الشياطين عند خروجه للحروب.
أما المقريزي فيتحدث عن نموذج لحفظ المصريين كنوزهم، فيذكر أن في العصر الأموي حاول الوالي عبد العزيز بن مروان فتح مقبرة بها كنز مزعوم، وعندما تمّ فتح الباب وحاول أول رجل العبور هوى فوقه سيفان متقاطعان فمزقاه، ثم ظهر تمثال لطائر ذهبي، وصدر عنه صفير حاد أدى لموت نحو ألف رجل ممن يعملون في التنقيب بشكل مفاجئ! كما يتحدث عن الملك نقراوس سالف الذكر، فيقول إنه جعل على مدخل مدينة أمسوس تماثيل نحاسية كبيرة، في جوف كل منها مادة الكبريت، ووكّل بكل منها روحانيا، فإذا حاول جيش العدو العبور بينها أخرجت من أفواهها نحوه نارا تحرقه تماما.
ويذكر المقريزي كذلك ملك اسمه أرياق الأثيم، كان قد صنع دواء يتسلط به على الأسود والحيوانات المفترسة، فإذا غضب على أهل بلدة سلّطهم عليها، وأنه صنع شجرة بها خطاطيف، إذا مر بها ظالم اقتنصته تلك الخطاطيف ولم تتركه حتى يقرّ بظلمه. وثمة قصة مثيرة يذكرها السيوطي عن تمثال لرجل عربي يرتدي العمامة ويمتطي الجمل، كان إذا ظُلم رجل جاء بمن ظلمه عنده، وقال له: "أنصفني قبل أن يخرج هذا الرجل وينصفني منك" فينصفه من ظلمه.. وعندما جاء العرب لفتح مصر قام الروم بإخفاء التمثال كي لا يكون شاهدا عليهم!
كذلك يتحدث المؤرخون عن تدابير المصريين لرصد الأخطار، ففضلا عن نبوءات أبو الهول عن الأوبئة والغزاة، يتحدثون عن تمثالين في مدينة أمسوس الأسطورية، لطائرين كانا يصفران كل صباح صفيرا يستدلّ منه الناس على ما قد يجري للمدينة، والإمام السيوطي يذكر منارة الإسكندرية فيقول إنه كان فوقها تمثال موجّه نحو البحر، إذا ما أقبلت سفن الغزاة أحدث صوتا رهيبا مفزعا ينبّه الناس. ويقول كذلك إن ذا القرنين حين جاء مصر وضع فوق الفنار مرآة تعكس أشعة الشمس نحو السفن الغازية فتحرقها.. أما الملك سرياق فصنع بطة نحاسية على باب مدينة أمسوس، كان إذا دخل غريب صفقت بجناحيها، فيُقبَض عليه ويتم استجوابه؛ لمعرفة هويته ولماذا جاء، والملك سوريد -الذي يقال إن الطوفان جاء بعد عهده مباشرة- كانت لديه مرايا يرى فيها ما يجري في أرجاء العالم المختلفة.
بين الأسطورة والعلم
كل تلك الإنجازات الأسطورية يذكر كثير من المؤرخين أن الطوفان قد دمّرها، ولكن فليلاحظ القارئ أن ثمة روايات تذكر أن مصر من الأساس لم توجد إلا بعد الطوفان، مما يعني أمرا من اثنين: إما أن وجه الخلاف هو وقوع تلك لأحداث الأسطورية قبل الطوفان أو بعده، أو أن ثمة طوفانا آخر جاء على الأرض، الأمر الذي ورد ذكره في بعض الكتابات.
الله أعلم ماذا تعني تفسيرات تلك الأمور المبهرة للعقل، ولكن لو تأملناها بعقلية العصر الحالي لراودنا تفسير أن الأسلاف عرفوا تطوّرا تكنولوجيا مبهرا، انهار لكارثة ما، ثم جاء من بعدهم أبناؤهم ولم يستطيعوا تفسير ذلك علميا، فكانت الأسطورة ملجأهم للتفسير.
الله أعلم.. فقد ترك لنا الأجداد ميراثا يدير الرأس حقا!
(يُتبع)
مصادر المعلومات:
البداية والنهاية: ابن كثير.
الخطط المقريزية: تقي الدين المقريزي.
حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة: الإمام جلال الدين السيوطي.
تاريخ ابن خلدون: عبد الرحمن بن خلدون.
سياحت نامه: أوليا جلبي.
الأساطير المتعلقة بمصر في كتابات المؤرخين المسلمين: د. عمرو عبد العزيز منير.
النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة: ابن تغري بردي.
مروج الذهب ومعادن الجوهر: المسعودي.
بدائع الزهور في وقائع الدهور: ابن إياس.
الذين هبطوا من السماء: أنيس منصور.
الذين عادوا إلى السماء: أنيس منصور.
التاريخ والفولكلور: د. قاسم عبده قاسم.
واقرأ أيضا:
الرجل الذي وحّد المصريين بعد مذبحة عظيمة فسُمّيت البلاد على اسمه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.