أمن سوهاج يضبط 3 سيدات يوزعن مبالغ مالية وكروت دعاية خاصة بمرشح فى جرجا    تمريض جامعة قناة السويس تختتم مناقشات مشاريع التخرج للمستوى الرابع 2025/2026    مصر تستهدف جذب الشركات الأمريكية للاستثمار في قطاع التعليم    محافظ كفرالشيخ يشهد توقيع بروتوكول تعاون مشترك مع وزارة الخارجية    تخصيص قطعة أرض ل «صندوق الإسكان الاجتماعي» لإقامة مشروع عمراني بالتجمع السادس    بعد فرض حصار جوى…ترامب الإرهابى يهدد بهجوم برى ضد فنزويلا ومادورو يتوعد بمقاومة طويلة الأمد    حمدان وبن رمضان وجهًا لوجه.. التشكيل الرسمي لمباراة فلسطين ضد تونس    حمدان وبن رمضان وجهًا لوجه.. التشكيل الرسمي لمباراة فلسطين ضد تونس    7 أخبار لا تفوتك اليوم الخميس 4 - 12 - 2025    ضبط 3 عاطلين استولوا على مبلغ مالى من سائق أثناء سيره بالطريق الدائرى فى القليوبية    تحويلات مرورية في القاهرة.. تعرف عليها    وزير التعليم يبحث مع غرفة التجارة الأمريكية سبل تعزيز التعاون في جذب الاستثمارات    الليلة.. عودة عرضي "سجن النسا" "يمين فى أول شمال" على مسرح السلام    ياسمين الخيام تكشف التفاصيل الكاملة لوصية والدها بشأن أعمال الخير    خالد جلال: تكريمي من وزارة الثقافة يمنحي طاقة جديدة لمواصلة مسؤوليتي تجاه الفن والشباب    نائب رئيس الوزراء: القيادة السياسية تضع الملف الصحي على رأس الأولويات الوطنية    الإمارات تطلق مصنع متطور للمولدات الصديقة للبيئة ينضم إلى القطاع الصناعي في الشارقة    البورصة تسجل مستوى تاريخي جديد مقتربة من 41500 نقطة بختام الأسبوع    بوتين يؤكد توسيع السيطرة الروسية نحو نوفوراسيا وخاركيف وأوديسا    «التجاري الدولي» يحصد جائزة بنك العام في مصر من مؤسسة The Banker    محافظ أسوان يبحث مع التأمين الصحي الشامل مشكلات تقديم الخدمات الطبية    الوطنية للصحافة تكرم أخبار اليوم كأفضل تغطية صحفية لافتتاح المتحف المصرى الكبير    الداخلية تضبط شخصا يوزع أموالا على الناخبين بطهطا    الاحتلال الإسرائيلي يعلن مقتل ياسر أبو شباب على يد مسلحين فى غزة    رئيس الوزراء يصدر 10 قرارات جديدة اليوم    الطقس غدا.. تغيرات مفاجئة وتحذير من شبورة كثيفة وأمطار ونشاط رياح وأتربة    لجان لفحص شكوى أهالي قرية بالشرقية من وجود تماسيح    في غياب الدوليين.. الأهلي يبدأ استعداداته لمواجهة إنبي بكأس العاصمة    الأهلي يتحرك لحسم ملف ديانج رسميًا.. وعرض جديد خلال ساعات    إعلان نتائج بطولة الجمباز بدوري الجامعات والمعاهد العليا المصرية رقم 53    «أخبار اليوم» تنعى شقيق الكاتب الصحفي إسلام عفيفي    القاهرة الإخبارية: انتظام التصويت بدائرة الرمل في الإسكندرية.. والشباب يتصدرون    وفاة الشاعر والإذاعي فوزي خضر وتشييع جثمانه اليوم بعد صلاة العصر    رغم إصابته في أحداث 7 أكتوبر.. نتنياهو يدافع عن قرار تعيين سكرتيره العسكري رئيسا للموساد    أبو الغيط: جائزة التميز الحكومي رافعة أساسية للتطوير وتحسين جودة حياة المواطن العربي    «الأوقاف»: تعديل القيمة الايجارية لأملاك الوقف    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى أوسيم دون إصابات    ترقب أمريكى لزيارة بوتين للهند.. توقعات باتفاقات دفاعية وتسهيل التجارة    بعد حصوله على جائزتين بمهرجان القاهرة.. فيلم ضايل عنا عرض يستكمل عروضه ما بين روما وقرطاج    هل بول القطط نجس؟ وحكم الصلاة فى المكان الملوث به.. الإفتاء تجيب    محافظ الجيزة يتابع فتح لجان الدائرة الثامنة "إمبابة والمنيرة الغربية" من داخل مركز السيطرة للطوارئ    "تعليم القاهرة" تدعو الطلاب لضرورة الاستفادة من المنصة اليابانية    مباحثات مصرية - بريطانية لتعزيز الاستثمارات في مجال الرعاية الصحية    لماذا يرتفع ضغط الدم فى الصباح وكيفية التعامل معه؟    نقيب المعلمين يبحث آفاق التعاون مع اتحاد التعليم في إنجلترا    المعرض الدولى الرابع للصناعات الدفاعية ( إيديكس - 2025 ) يواصل إستمرار فعالياته وإستقبال الزائرين    موعد صلاة الظهر..... مواقيت الصلاه اليوم الخميس 4ديسمبر 2025 فى المنيا    محكمة جنح أول الإسماعيلية تؤجل نظر محاكمة والد المتهم بجريمة المنشار    الحقيقة الكاملة حول واقعة وفاة لاعب الزهور| واتحاد السباحة يعلن تحمل المسئولية    الصحة: مباحثات مصرية عراقية لتعزيز التعاون في مبادرة الألف يوم الذهبية وتطوير الرعاية الأولية    اليوم الثاني للتصويت بالبحيرة.. إقبال لافت من الناخبين منذ فتح اللجان    رمضان 2026| سوسن بدر تتعاقد علي «توابع »ل ريهام حجاج    بيراميدز يخسر جهود زلاكة أمام بتروجت    هل وجود الكلب داخل المنزل يمنع دخول الملائكة؟.. دار الإفتاء تجيب    استقرار أسعار الذهب اليوم الخميس.. والجنيه يسجل 45440 جنيهًا    اللهم إني أسألك عيش السعداء| دعاء الفجر    دولة التلاوة.. المتحدة والأوقاف    كأس إيطاليا – إنتر ونابولي وأتالانتا إلى ربع النهائي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما عاشت مصر في حماية السحر والجنّ والتعاويذ!
نشر في بص وطل يوم 05 - 12 - 2010

عندما طال الأمد بالمصريين، وتوالى عليهم الفُرس، واليونان، ثم الرومان، فالعرب..

بدأت المساحة تتسع بين الحقيقة والأسطورة، فيما يخصّ كيفية حماية الملوك المصريين القدماء بلادهم من المخاطر والعدوان.
وهذه لمحات من تلك الكتابة الأسطورية للتاريخ بهذا الشأن.
الأهرام
"أنا بنيتُ الأهرام في ستة أعوام، فهل يستطيع من يأتي من بَعدي من الملوك أن يهدمها في ستمائة عام؟".
(قول منسوب للملك سوريد)
يختلف القدماء في باني الأهرام، فمنهم من يقول إنه "عاد بن شداد" -وهم من ينسبون بناءها لقوم عاد- ومنهم من ينسبها لملك أسطوري اسمه سوريد، وهو النَسَب الأكثر انتشارا، لكن الغالبية يتفقون على أنها لم تُبنَ لتكون قبورا فحسب، بل مخازن للسلاح والكنوز والعلم، بناها المصريون بعد أن تنبأ كهنتهم بالطوفان، فقرروا إيداع علومهم وفنونهم وأسرار سحرهم تلك الأهرام؛ لكي لا تندثر الحضارة. وحصّنوها بالتعاويذ كي لا يمكن هدمها أو الاعتداء على حرماتها وما بها. حتى إن ثمة قصة شهيرة عن محاولة الخليفة المأمون هدم الهرم الأكبر بحثا عن الكنوز، وفشله في ذلك، ثم هبوب رياح عاتية عصفت بجنده فور قراءته العبارة المنسوبة لسوريد، وإحجامه عن رغبته في الهدم نتيجة لذلك.
وثمة أقوال أسطورية أخرى عن الأهرام، تقول إن من بناها وكّل بكل منها روحانيا (جنّ أو ملائكة)، فالهرم الأكبر تحميه روحانية في صورة امرأة عارية تغري العابر بالهرم، والأوسط يحميه غلام أمرد عارٍ كذلك يقعد أحيانا على جانبي الهرم، والأصغر يحميه شيخ عليه زي الرهبان، يحمل مبخرة. وهؤلاء الروحانيون يحمون حرمة الأهرام، فنرى قصة لرجل وامرأة دخلا الهرم الأكبر؛ للخلوة فأصابهما الصَرَع، وأخرى عن رجال دخلوه مع غلام للفسق به، فخرج عليهم روحاني في هيئة غلام أسود ضربهم وطردهم وسلبهم ثيابهم وطعامهم. ويرجّح الدكتور عمرو عبد العزيز منير في كتابه "الأساطير المتعلقة بمصر في كتابات المؤرخين المسلمين" أن هذا النوع من الأساطير -المرتبطة بعقاب الفسق في الأهرام والروحانية الفاتنة والغلام الأمرد- إنما ظهرت في العصور الوسطى في مصر في بعض فترات انتشار الزنا، وعشق الغلمان، واستغلال بعض الناس خلوة الأهرام لذلك، فخرجت تلك الأساطير من الوجدان الشعبي؛ لفرض دفاع معنوي عن ميراث الأجداد.
أبو الهول
أما أبو الهول، فيقال إنه بُنِيَ في عهد قديم؛ لحماية مدخل عاصمة مصر القديمة -منف- من العدوان وعواصف الرمال، وكانت له مقدرة النطق، فكان ينبئ المصريين عن قدوم جيش معادٍ أو عاصفة أو طوفان أو وباء أو قحط، وكان يقول لمن سُرِقَ ماله مَن الذي سرقه، وتقول الأسطورة إن موسى –عليه السلام- قد جاءه، وقال له إنه ما دام ينطق ويعقل فهو مكلّف، وعليه أن يؤمن بالله وبرسالة موسى، فأبَى أبو الهول، فضربه موسى بعصاه على أنفه، فمنه جاء هذا الكسر الشهير (تلك الأسطورة جاءت في كتابات سبقت الحملة الفرنسية، مما ينفي ما نُسِبَ لنابليون من ضرب أبو الهول بالمدافع) وأصابه الخَرَس.
ويتحدث القدماء عن طلسم (أي تعويذة) مرتبط بأبو الهول، كان يحمي مصر من عواصف الرمال العاتية، فجاء رجل صوفي متعصب -فيما بعد الفتح الإسلامي- وحاول هدم التمثال، فبَطل الطلسم، وأغرقت عواصف الرمال مزارع البلاد، فهجم الناس على الصوفي وقتلوه.
جيوش السحر والطلاسم
زخرت الأساطير المصرية كذلك بالقصص عن الطلاسم الحافظة لمصر من الغزاة، ومقابرها من النبّاشين، فنرى قصة تقول إنه بعد غرق فرعون ورجاله، فرغت مصر من القادرين على الحكم من الرجال، فتولّته امرأة عجوز داهية اسمها "دلوكة" -الملقبة ب"العجوزة"- وأقامت لحماية البلاد "بربا" (بناء حجري يشبه المعبد) عليه صور لمقاتلين على البغال والخيول والمراكب، وجُعِلَ عليه طلسم، فإن جاء العدو تحرّكت الصور التي تشبهه، فإن كان على الخيول تحركت صور الخيول، وإن جاء من البحر تحرّكت صور المراكب، فيقوم السحرة بإيذاء الصور، فيجري مثل ذلك للمقاتلين الحقيقيين الذين ترمز لهم تلك الصور، أي أنه شيء أشبه ب"العروسة" التي تقوم بعض النساء في الأوساط الشعبية بعملها وخرقها، ليجري المثل لمن تمثله.
ويتحدث المؤرخ المسعودي عن الملك نقراوس الذي بنى مدينة عظيمة اسمها أمسوس، وجعل على بابها تمثالان مطلسمان لو مرّ بينهما سارق أمسكاه، ليحمي المدينة من السرقة، ثم حكم ابنه مصرام الذي روَّض الأسود، وكان يمتطي أسدا، وتحمل عرشه الشياطين عند خروجه للحروب.
أما المقريزي فيتحدث عن نموذج لحفظ المصريين كنوزهم، فيذكر أن في العصر الأموي حاول الوالي عبد العزيز بن مروان فتح مقبرة بها كنز مزعوم، وعندما تمّ فتح الباب وحاول أول رجل العبور هوى فوقه سيفان متقاطعان فمزقاه، ثم ظهر تمثال لطائر ذهبي، وصدر عنه صفير حاد أدى لموت نحو ألف رجل ممن يعملون في التنقيب بشكل مفاجئ! كما يتحدث عن الملك نقراوس سالف الذكر، فيقول إنه جعل على مدخل مدينة أمسوس تماثيل نحاسية كبيرة، في جوف كل منها مادة الكبريت، ووكّل بكل منها روحانيا، فإذا حاول جيش العدو العبور بينها أخرجت من أفواهها نحوه نارا تحرقه تماما.
ويذكر المقريزي كذلك ملك اسمه أرياق الأثيم، كان قد صنع دواء يتسلط به على الأسود والحيوانات المفترسة، فإذا غضب على أهل بلدة سلّطهم عليها، وأنه صنع شجرة بها خطاطيف، إذا مر بها ظالم اقتنصته تلك الخطاطيف ولم تتركه حتى يقرّ بظلمه. وثمة قصة مثيرة يذكرها السيوطي عن تمثال لرجل عربي يرتدي العمامة ويمتطي الجمل، كان إذا ظُلم رجل جاء بمن ظلمه عنده، وقال له: "أنصفني قبل أن يخرج هذا الرجل وينصفني منك" فينصفه من ظلمه.. وعندما جاء العرب لفتح مصر قام الروم بإخفاء التمثال كي لا يكون شاهدا عليهم!
كذلك يتحدث المؤرخون عن تدابير المصريين لرصد الأخطار، ففضلا عن نبوءات أبو الهول عن الأوبئة والغزاة، يتحدثون عن تمثالين في مدينة أمسوس الأسطورية، لطائرين كانا يصفران كل صباح صفيرا يستدلّ منه الناس على ما قد يجري للمدينة، والإمام السيوطي يذكر منارة الإسكندرية فيقول إنه كان فوقها تمثال موجّه نحو البحر، إذا ما أقبلت سفن الغزاة أحدث صوتا رهيبا مفزعا ينبّه الناس. ويقول كذلك إن ذا القرنين حين جاء مصر وضع فوق الفنار مرآة تعكس أشعة الشمس نحو السفن الغازية فتحرقها.. أما الملك سرياق فصنع بطة نحاسية على باب مدينة أمسوس، كان إذا دخل غريب صفقت بجناحيها، فيُقبَض عليه ويتم استجوابه؛ لمعرفة هويته ولماذا جاء، والملك سوريد -الذي يقال إن الطوفان جاء بعد عهده مباشرة- كانت لديه مرايا يرى فيها ما يجري في أرجاء العالم المختلفة.
بين الأسطورة والعلم
كل تلك الإنجازات الأسطورية يذكر كثير من المؤرخين أن الطوفان قد دمّرها، ولكن فليلاحظ القارئ أن ثمة روايات تذكر أن مصر من الأساس لم توجد إلا بعد الطوفان، مما يعني أمرا من اثنين: إما أن وجه الخلاف هو وقوع تلك لأحداث الأسطورية قبل الطوفان أو بعده، أو أن ثمة طوفانا آخر جاء على الأرض، الأمر الذي ورد ذكره في بعض الكتابات.
الله أعلم ماذا تعني تفسيرات تلك الأمور المبهرة للعقل، ولكن لو تأملناها بعقلية العصر الحالي لراودنا تفسير أن الأسلاف عرفوا تطوّرا تكنولوجيا مبهرا، انهار لكارثة ما، ثم جاء من بعدهم أبناؤهم ولم يستطيعوا تفسير ذلك علميا، فكانت الأسطورة ملجأهم للتفسير.
الله أعلم.. فقد ترك لنا الأجداد ميراثا يدير الرأس حقا!
(يُتبع)
مصادر المعلومات:
البداية والنهاية: ابن كثير.
الخطط المقريزية: تقي الدين المقريزي.
حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة: الإمام جلال الدين السيوطي.
تاريخ ابن خلدون: عبد الرحمن بن خلدون.
سياحت نامه: أوليا جلبي.
الأساطير المتعلقة بمصر في كتابات المؤرخين المسلمين: د. عمرو عبد العزيز منير.
النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة: ابن تغري بردي.
مروج الذهب ومعادن الجوهر: المسعودي.
بدائع الزهور في وقائع الدهور: ابن إياس.
الذين هبطوا من السماء: أنيس منصور.
الذين عادوا إلى السماء: أنيس منصور.
التاريخ والفولكلور: د. قاسم عبده قاسم.
واقرأ أيضا:
الرجل الذي وحّد المصريين بعد مذبحة عظيمة فسُمّيت البلاد على اسمه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.