السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا عندي 16 سنة، وطبعاً أنا هابقى بالنسبة لكم أصغر بكتير من إني أكون عندي مشكلة؛ بس فعلاً أنا تعبانة أوي، ومش لاقية حد أشتكي له.. أنا مشكلتي إني باسمع من كل اللي أكبر مني إن أحلى سنّ عاشوه هو سني ده؛ لكن أنا مش حاسة بكده؛ أنا مجرد واحدة محبوسة ومتراقبة، أهلي عاملين عليّ حصار مش طبيعي. والموضوع مش موضوع خوف، ده بقى مرض؛ يعني مثلاً ماما تقعد تتخانق معايا لو دخلت أنام بدري؛ لأنها شايفة إني هابقى داخلة بدري عشان أعمل حاجة غلط، ولو دخلت متأخر يبقى عشان نفس السبب.. وتبقى مصيبة لو طوّلت في الحمام. وممنوع أقابل أصحابي في أماكن عامة؛ مع إن ماما عارفاهم، وعارفة أهاليهم، وعارفة قد إيه هم كويسين.. ولو قلت لها نتقابل في بيت أي واحدة؛ تقول لي: لأ، الحاجة الوحيدة اللي تخلّيكي تروحي لصاحبتك هي إنها تكون عيانة أوي؛ ساعتها هاسيبك تزوريها. طبعاً كل يوم قاعدة في البيت لدرجة إن أنا الوحيدة اللي بتكره الإجازات؛ عشان على الأقل في الدراسة بانزل وباروح المدرسة؛ في الوقت اللي كل في سني بيستنوا الإجازة عشان يخرجوا ويتبسطوا ويتنططوا ويعيشوا سنّهم. وفي الوقت اللي كل اللي حواليّ بيحبوا أهاليهم وبيحكوا لهم على كل حاجة، أنا مش قادرة أعمل كده، والله جربت كتير لكن مافيش فايدة؛ كل حاجة عندهم لأ. لكن برضه أنا باقول لنفسي: الحمد لله إني عايشة كويس، وباتعلم كويس، وبالبس كويس، وفيه غيري بيحلم إنه يكون عنده أهل وبيت؛ بس بارجع تاني لحالة الزهق والحزن عشان أنا مش ملاك ومش هاعرف أفضل أصبّر نفسي طول الوقت. ميرسي أوي وآسفة إني طوّلت عليكم، وأرجوكم ساعدوني. N.N وعليك السلام ورحمة الله وبركاته صديقة "بص وطل" العزيزة.. أما بعد، لن أتمكّن من إخفاء إعجابي بأهلك الذين يحافظون عليك كما يحافظون على الجواهر والماس في عُلب من قطيفة، وفي خزائن من حديد، وليس هذا -صديقتي- سبب إعجابي بأهلك فقط؛ إنما السبب الرئيسي: أنهم معك، يشعرون بك وبتحركاتك؛ وإن كانت ملاحظات أمك تبدو لك سلبية واستفزازية، وفيها كثير من التحكم.. ومما يثير الإعجاب كذلك اهتمام أهلك بتعليمك، وتأهيلك للجامعة، ثم للوظيفة إن شاء الله؛ بما يعني الاختلاط بالعالم المفتوح الذي أصبح من الصعب جداً أن نعرف فيه الصالح من غير الصالح من الناس؛ فالكل في الشبه سواء، والبعض يلبس مُسوح الرهبان حتى يتمكن من فريسته فينقضّ عليها بلا دين، ولا رحمة، ولا حتى وازع من ضمير. وهذه صديقتي وجهة نظر أهلك: أنك لست مؤهلة بعد للاختلاط بالمجتمع المفتوح، الذي أصبحنا نرى ونسمع فيه عن فتيات في سن الثالثة عشرة على علاقات بالشباب، تجاوزت حدّ الكلام إلى الزواج؛ سواء بعقد عرفي، أو بوعد كاذب بالتقدم، ثم يهرب الشاب ويتركها وحدها مع مصيبتها وأهلها؛ ليفعلوا بها ما يشاءون، بعد أن قضت على نفسها وعلى أهلها؛ بما فيهم أخواتها البنات بالطبع. وهذه المآسي -صديقتي- أصبحت كثيرة للحدّ الذي أصبحت العائلات تخاف على بناتها على طريقة أهلك.. وهذه الطريقة؛ وإن كانت تكفل للفتاة الحماية؛ إلا أنها قد تؤذي مشاعرها؛ لأنهم يحافظون عليها ولا يعلّمونها كيف تحافظ هي على نفسها. ومع الأسف -صديقتي- تعاني الأُسَر العربية عموماً والأسرة المصرية خصوصاً، من مشكلة عدم المصارحة بين الأم والبنت؛ بمعنى أنه: كان على أمك أن تُفهمك أن الغياب في الحمام أو الاختلاء في الفراش لفترات طويلة قبل النوم، قد يُغري الفتاة أن تلامس جسدها بصورة قد تدعوها للشهوة (ما يسمى العادة السرية)، وهذا يُفسد حياة الفتاة الزوجية فيما بعد، ويحوّل حياتها مع زوجها لشقاء؛ حيث تعتاد طريقة تختلف عن الزواج في إفراغ شهوتها؛ لذلك نجد الأم تفعل كما تفعل أمك دون كلام مباشر؛ كما أتكلم معك الآن. كذلك هناك حقيقة يقولها الناس كمثل هي "الذي يُفسد البنت بنت مثلها"؛ بمعنى أن الفتيات في اجتماعاتهم يتحدثون في الحب، وأن هذه لها صاحب والثانية لها معجب، وقصص أولاد الجيران؛ وهذا يشجّع الفتاة ليكون لها صاحب مثلهم. ولو تذكرين فيلم "المراهقات" للفنانة ماجدة، ورشدي أباظة؛ لتذكّرت كيف أحضرَت "ماجدة" صورة أخيها للبنات في المدرسة على أنه صاحبها لتتساوى بهم، ولعرفْتِ أن التي قدّمتها لرشدي أباظة في الفيلم تلميذة معها، بعد أن دعتها لعيد ميلادها وعرّفتها به، ولعلمْت أنها بدأت الكذب لتخرج معه، وأنها كادت تموت في يد أخيها عندما علم بذلك. الخلاصة صديقتي: أن تصرفات أهلك لها مبرر، وهدفها الأساسي هو الحفاظ عليك حتى ينتهي سنّ المراهقة، وتدخلين الجامعة وأنت متحصّنة بالعقل والحكمة والعادة في اتباع ما يحب أهلك، الذين لا يرجون لأولادهم وبناتهم إلا الخير. واسمحي لي صديقتي أن أحيّي فيك العقل والحكمة، والرضا بموقف أهلك منك؛ على أن تسمحي لي أيضاً أن أدعوك لتغيّري فكرة أنك تحتملين ما يفعلون لأنك تشعرين بنعمة الرعاية؛ في مقابل بناتٍ تركهم أهلهم لأنفسهم وللشياطين من الإنس والجن؛ وأن تجعلي احتمالك وصبرك لأنك مقتنعة بما يفعلون؛ لأنهم يعلّمونك وسيتركونك للمجتمع في الجامعة وما بعده؛ يعني فترة تنهتي فيها المراهقة، ويحلّ العقل والثقة برضاك، وليس بصبر عن غير رضا. تحية مني صديقتي لأهلك ولك.. والحمد لله أنه لا يزال هناك عائلات تشعر بأن أولادها كنوز يجب الحفاظ عليهم، في مجتمع ترك فيه الأهل أولادهم وبناتهم لأنفسهم، وهم لا يزالون في حاجة للرعاية والتوجيه. وصدقيني صديقتي، لو حاولت إبعاد الشك الذي تحاصرك به أمك؛ لكنت أسعد الناس في الإجازة وفي غيرها.