لا يكاد يخلو شارع -حاليا- من شوادر بيع الأضاحي خاصة من الخراف وبالأخص بالمناطق الشعبية والعشوائية، وهو مشهد لا يتكرر إلا مع اقتراب عيد الأضحى كل عام، وبخلاف ما يسببه انتشار مثل هذه الشوادر بشكل عشوائي والتي تعيق الحركة، وتسبب ملوثات تضرّ بسكان المنازل المجاورة لها، تنتشر ظاهرة خطيرة، وهي قيام أصحاب هذه الخراف بتغذيتها على أكوام القمامة التي تنتشر في الخرابات، وعلى جوانب الشوارع ضاربين عرض الحائط بصحة المواطن. القمامة ترفع من سعر الخروف قرّرتُ أن أتجوّل في عدد من المناطق لرصد الظاهرة، وكانت البداية في "السيدة زينب"، حيث تتواجد الخراف في كل حارة وشارع، وبجوار المسجد وجدت عشرات منها تتزاحم على أكوام القمامة المليئة بمخلفات الأغذية الفاسدة وبقايا البلاستيك والأوراق التالفة، والعالق بها ملايين الفيروسات والطفيليات والبكتيريا السامة، وفي الجهة المقابلة للشارع الموجود به القمامة التقيت وصاحب الخراف وهو يعمل "جزارا" أيضا ويدعى "محمود شاكر"، وقد برّر ما يقوم به بارتفاع أسعار "الأعلاف" اللازمة لتغذية الأضاحي؛ حيث يصل سعر الكيلو إلى حوالي 5 جنيهات، وأن الخروف الواحد يحتاج إلى 100 كيلو من الأعلاف خلال الأربعة أشهر التي تسبق العيد. "زبالة" أكثر = مكسب أكبر وأوضح أنه يشتري حوالي 80 خروفا من أسواق محافظات الصعيد قبل العيد بفترة مناسبة، بسعر 500 جنيه للخروف الواحد لبيعه كأضحية قبل العيد مباشرة بمبلغ يتراوح بين 900 و1700 جنيه حسب الوزن، ولتحقيق هذا المكسب -حسب كلام "محمود"- لا يجب أن يتمّ إنفاق الكثير من المال على تغذية الخراف، ولذلك نقوم بإطلاقها للتغذية على أكوام القمامة، والتي تضمّ خبزا قديما وبعض مخلفات سوق الخضراوات القريب من المنطقة. وأشار إلى أنه في فترة ما قبل العيد بحوالي 4 أيام يتمّ منع الخراف من التغذية على القمامة، وزيادة غذائها من الأعلاف وكميات المياه حتى يزيد وزنها، ويزيد سعرها عند البيع. لا رقابة قبل العيد تركتُ منطقة "السيدة زينب" واتجهت إلى "حدائق القبة"، وعندما دخلت إلى أحد الشوارع الجانبية وجدت سربا من الخراف والماعز يتجول بين صناديق القمامة والمخلفات في الشوارع، وعندما سألت صاحبها ويُدعَى "شعبان" أكد أن العيد يعتبر موسما بالنسبة له؛ فهو يترك محل النجارة الذي يعمل به، ليتفرغ لتسمين الأضاحي وبيعها قبل العيد. "شعبان" يرى أن الزبالة غير ضارة بالنسبة للخراف والماعز، وأنها -من وجهة نظره- تتغذى على قمامة السكان من مخلفات الطعام، مشيرا إلى أن الرقابة تكون غائبة في هذه الفترة؛ بسبب كثرة الشوادر، ولذلك يتم تربية الأضاحي وذبحها بشكل عشوائي دون أي عراقيل.
الذبح داخل المجازر الشرعية يضمن إجراء الكشف الطبي على الأضحية الإقبال على الشراء وفي منطقة إمبابة تحدثت مع "سعيد محمود" -تاجر خرفان- وقال إن التجار الذين يقومون بتغذية الخراف على الزبالة يستغلون الإقبال الكبير على الشراء فترة العيد، وأن الزبائن لا يهتمون بفحص الأضحية عند الشراء، وأنهم لا يكتشفون الأمر إلا بعد الذبح؛ حيث تكون بطن الأضحية مليئة بمخلفات بلاستيكية وأشياء أخرى، والتي تزيد من وزن الأضحية عند بيعها، وبالتالي أرباح أكثر للتجار. حذاري من التجار المتجولين وأكد أن تجار الأضاحي المتجولين هم الذين يقومون بهذا الأمر؛ لأن التجار أصحاب المحلات الثابتة يخشون على سمعتهم، والزبائن تعرفهم، وأنه لو حدث أي غش فهذا معناه مقاطعة التاجر، أما من يعمل في موسم العيد فقط فهو لا يهتمّ بالزبائن، وعادة ما يقوم بعملية البيع في مناطق بعيدة عن محل إقامته أو في أسواق المحافظات. الإصابة بالأورام الدكتورة "سهير خيري" -الأستاذة بالمعهد القومي للتغذية- قالت إن تناول الأضاحي للزبالة يُغيّر من طعم ولون ورائحة لحمها، ويتسبب تناولها في الإصابة بالعديد من الأمراض، التي قد تصل إلى الأورام؛ لأن أنسجتها تكون مليئة بالسموم التي لا ينفع معها الغسيل. وأضافت أن الاحتكاك بهذه الأضاحي قبل ذبحها مباشرة تنقل للإنسان المئات من الفيروسات والطفيليات والتي تصيبه بالأمراض الجلدية الخطيرة؛ لأن صوف الخراف يتحوّل إلى مأوى للبكتيريا والحشرات التي تنتقل إليها من أكوام القمامة والمخلفات. وأشارت إلى أن تطهير جسد الأضحية من رواسب الزبالة يتطلب تغذيتها لمدة 40 يوما قبل ذبحها بأعلاف الذرة والشعير، كما يجب اتّباع عدة إرشادات عند شراء الأضحية؛ حتى لا يقع الزبون في فخ جشع التجار، وتجنب شراء خراف "الزبالة"؛ أهمها أن يبدو على الخروف علامات الصحة، والخلو من الأمراض والعرج والعمى والفقاقيع حول الرقبة، وعدم وجود أي إفرازات من الأنف أو الفم. الذبح في المجازر وينصح الدكتور "جودة عزت" -مدير مجزر المنيب- بالذبح داخل المجازر الشرعية لضمان إجراء الكشف الطبي على الأضحية، والذي يتم بشكل ظاهري؛ للتأكد من خلوّها من أي كسور أو أعراض سطحية، وكذلك الكشف الدقيق لضمان عدم إصابتها بالحمى القلاعية أو البروسيلا.