أرجوكم حد يساعدني.. أنا عندي 27 سنة، عملت علاقات كتير محترمة وغير محترمة، كنت بحب واحدة جداً، وبعدين سابتني واتجوزت، وبعدين انقطعت علاقتي بيها نهائياً وسافرت. وبعد ما رجعت من السفر قابلتها بالصدفة، ولقيتها بتتصل بيّ وتقول لي إنها اتطلقت.. وطبعاً بغباء مني رجّعت علاقتي بيها وقابلتها أكتر من مرة، وطلبت مني إني أروح لها البيت.. ورحت وارتكبت أعظم ذنب في حياتي أكتر من مرة. وندمت جداً على الشيء ده، وسافرت مرة تانية علشان أهرب من الحياة دي، وتُبت لله ونسيتها للأبد. اتعرفت وأنا مسافر على بنت متدينة جداً عن طريق النت، وبصراحة البنت حبتني وأنا ارتحت لها، وحسيت إنها فعلاً هي اللي هتصونّي وتحافظ عليّ؛ لكن المشكلة بالنسبة لي دلوقتي إن أنا ما صارحتهاش بعلاقتي القديمة دي، وخايف أظلمها معايا؛ خصوصاً إن أنا عقابي مذكور في القرآن ومعروف إنه 100 جلدة. ولو فرضنا إن أنا حطيت نفسي مكان أي حد من أهلها، وعرفت عن واحد بيتقدم لبنتي الكلام ده، أعتقد مش هافكّر هو كويس ولا مش كويس بعد ما أعرف عنه كده، وهارفض بدون أي تردد. أخبّي عليها ولا أصارحها؟ خايف أصدمها؛ لكن اللي أنا عارفه إني اتغيرت وتُبت والحمد لله.. أتوسل إليكم اللي عنده حلّ يفيدني. suprano أخي الكريم: لا أجد كلمات تطيّب نفسك وتزيل ما بها من وجيعة الإثم وقهر الذنب ومخافة ظلم الغير إلا قول الله تعالى ورسوله؛ يقول تعالى {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}، ويقول صلى الله عليه وسلم "الإسلام يَجُبّ ما قبله"، ولذلك كان خير الصحابة في الجاهلية هم خيرهم في الإسلام؛ لأن من بالغ في معاداة الإسلام واقتراف الآثام كأفضل ما لديه؛ فإنه بعد إسلامه وإقباله على الطاعات سيجدّ في النهل من عذب الإيمان وحلاوة التوبة بكل إخلاص كما أخلص في معصيته. لذلك يا صديقي لا أريدك أن تزيد الأمر على نفسك.. ولا أدعو بذلك للتهوين من شأن ما اقترفته من ذنوب؛ فإن شرط التوبة الصادقة هو الندم والاستغفار على الذنوب السالفة كلما لاحت بذكراك؛ لكن في المقابل أن تقنع بأن مغفرة الله وعَظَمته أكبر من أن يعاقب من جاءه تائباً منيباً، وهو القائل في الحديث القدسي "يا ابن آدم، لو أتيتني بقُراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً؛ لأتيتك بقرابها مغفرة، ولو بلغت خطاياك عنان السماء ثم استغفرتني؛ لغفرت لك".. ويُشترط في ذلك الصدق في التوبة والعزم على تركها. ومن جانب آخر أوصى العلماء من استطاع الخروج من البيئة أو الأرض التي ارتكب فيها الذنب إلى أرض أخرى فليفعل؛ لأن ذلك يُعينه على البدء بحياة جديدة نظيفة، ولا يُقصد بها أبداً أن يخدع التائب المجتمع الجديد الذي سيهرب إليه؛ بل المقصود أن يتجدد محيطه كما تجددت نفسه؛ فكلما طابت نفسه بأنه تائب عابد لا تلوّثه أو تلوث سُمعته أو عقله شيء، نظر إلى الواقع فوجده ينظر له بهذه النظرة الصافية الطاهرة التي تجعل بينه وبين الماضي حاجزاً منيعاً لا يعبره إلا مُصِرٌّ على العودة للذنب وتدنيس نفسه مرة أخرى. وفي السنّة النبوية أن صحابياً (ماعز بن مالك) أتى النبي صلى الله عليه وسلم يقول له "يا رسول الله قد زنيتُ فطهّرني؛ فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء من شِقّه الآخر فقال: يا رسول الله زنيتُ فطهّرني؛ فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم"؛ فلما ألحّ عليه الصحابي بدأ النبي صلى الله عليه وسلم يمنحه فرصة أخرى للخروج من هذه الفضيحة التي ستره الله عنها؛ فقال له: لعلّك قبّلت أو لمست.. إلخ؛ فلما أصرّ الصحابي على أنه قد زنا جاء به فأقام عليه الحد. الشاهد من هذه القصة أن النبي صلى الله عليه وسلم يحضّ على أن يستر المسلم نفسه ما دام الله تعالى قد ستره، وأن يكتفي بالتوبة النصوح ومكفرات الذنوب من الأعمال الصالحة؛ فذلك خير له ولدوام انضباطه وأهله وذويه على الخير؛ بدلاً من العار والسمعة السيئة التي تمنعه عن الخير كلما تذكّر ذنبه وكلما عيّره المجتمع بذلك، وعيّر ذويه به. صديقي.. توكّل على الله ولا تكشف ستراً سترك الله به.. وليس فيما تفعله ظلم لأحد؛ لكنها منحة ربانية وهبها الله لك كي تبدأ طريقاً جديداً. هداك الله تعالى ووفّقك وأصلح حالك وأدام ستره وفضله وتوبته عليك.