أحمد مراد شاب ثلاثيني، تخرّج في المعهد العالي للسينما عام 2001 بترتيب الأول على شعبة التصوير، شاركت أفلام تخرّجه الثلاثة "الثلاث ورقات" و"الهائمون" والفيلم التسجيلي "في اليوم السابع" في مهرجانات أوروبية عديدة، وشارك أيضاً في تصوير فيلم "أيام السادات". أحمد مراد الذي بدأ حياته كمصوّر سينمائي تحوّل بعد فترة إلى كاتب ومصور فوتوغرافي ومصمم أغلفة لكتب كثيرة تملأ أرفف المكتبات الآن، ينتقل من نجاح لنجاح ويسعد بسماع أخبار صدور طبعات جديدة وترجمات لروايتيه "فيرتيجو" و"تراب الماس". أحمد مراد ولقاء مع بص وطل عشان نعرف معاه إزاي نعيش صح.. كنت الأول على دفعتك في قسم التصوير.. ورغم ذلك ابتعدت عن هذا العالم، لماذا؟ دائماً ما أقول هذه الجملة "السينما هي الفتاة الجميلة التي أحببتها؛ ولكني لم أتزوجها"؛ وذلك لأنني لم أحب دور المصور في العمل؛ فهو دور قاصر، وتنفيذيّ فقط؛ فالمصور ينفّذ ما هو مرسوم له من قِبَل المخرج والكاتب، ولقد شعرت أنني أريد أن أصنع شيئاً.. أُبدع وأبتكر وأكون المحرّك للحدث، ومهنة الكتابة أعطتني هذا الشعور بأنني قادر على خلق أفكار وليس تنفيذها فقط. نجحتَ في تصميم الكثير من أغلفة الكتب الموجودة الآن بالسوق.. ما هي روشتتك للوصول إلى هذا النجاح؟ أنا أقوم بقراءة العمل وبعد الانتهاء منه أضع تصوّراً وأبدأ في التعامل مع الغلاف والكتاب كسلعة يجب تسويقها وبيعها؛ فالمعروض كثير للغاية، ومهارتي هي أن أتمكن من خطف عين القارئ في ثلاث ثوان هي زمن مرور عينه على رفّ الكتب لمشاهدة المعروض عليه؛ لذلك أعمل طوال الوقت على هذه الثلاث ثواني, وأسعى بكل الأشكال إلى اجتذاب عين القارئ. فالجواب بيبان من عنوانه, كما يقول المثل الشعبي، عادة ما نشتري الكتاب، وبعد ذلك نقرؤه ونفهم محتواه، ولو لم يكن الغلاف شيّقاً ومثيراً لن يشتري القارئ الكتاب؛ لذلك أحاول دائماً برموز بسيطة توضيح روح الكتاب. وفي الوقت ده أنا مش بافكر كأحمد مراد الكاتب أو المصور؛ ولكن كأحمد المصمم فقط، وبيكون هدفي أجذب القارئ ليشتري الكتاب، وليس هدفي عمل لوحة بلا معنى تُعجب الناس؛ فهدفي هو تسويق هذا الكتاب من خلال غلافه. يبدو من حديثك معرفة جيدة بفنون التسويق، فهل درسته؟ لم أدرس التسويق بشكل أساسي؛ ولكنني أقرأ طوال الوقت؛ خاصة في التسويق والاقتصاد، فهما عصب الحياة، وأيضاً في كل المجالات؛ فالمعرفة عموماً تصبّ في عملي في النهاية سواء كمصمم أو ككاتب. تقوم بالعديد من الأعمال، فما هو أكثر عمل تحبه؟ الكتابة أشبعت حاجتي إلى الخلق والإبداع لديّ، ووجدتُ فيها المُتنفس لما أريده، لقد بدأت بالصدفة؛ حيث إنني كنت أكتب لنفسي في البداية، فقط للتنفيس عن ضغوط الحياة التي أواجهها؛ ولكن نجاح روايتي هو ما دفعني للاستمرار؛ فعندما تمّ نشرها لم أتخيل توزيعها، وعندما تمّ توزيعها لم أتخيل بيعها ونزولها في الأسواق؛ لذلك أخذ سقف حلمي يتصاعد إلى أن وصلت للشكل الذي عليه الآن. كيف تخطط لحياتك؟ وهل تترك نفسك كثيراً لبعض الصُّدَف كالتي أدخلَتْك عالم الكتابة؟ الصدفة بالنسبة لي مصطلح فقط, ما فيش صدفة في حياتنا، فيه علامة ممكن نفهمها ونمشي وراها تبقى فرصة؛ لكن كل شيء مكتوب، هناك أشياء كثيرة في الحياة يمكن حسابها، وأشياء أخرى لا يمكن حسابها أو التنبؤ بها، والعلامات تمرّ أمامنا طوال الوقت، والذكي هو من يتّبع العلامات ويستفيد منها، ورغم هذا أنا مؤمن بالقدر إلى أقصى درجة وبما يقدمه لنا من فرص. شاهد الحوار مع أحمد مراد وما هي العلامة أو الفرصة التي غيّرت مجرى حياتك في آخر خمسة أعوام؟ نجاح روايتي الأولى "فيرتيجو" كانت علامة لي تدفعني للاستمرار في هذا الخط، حتى أنا كنت بادعي ربنا طول الوقت إنه يدّيني علامة إني أستمر في الطريق ده أو أوقّف. هل أحمد مراد مع وضع أحلام بديلة متنوعة في الحياة؟ "الدنيا لما بتكون زحمة.. بنعمل إيه؟ بندوّر على شوارع جانبية"، لما تكون فيه بلد زحمة نامية جداً ونايمة جداً، لازم نلاقي حلم واثنين وثلاثة وأربعة، ولكي تنجح فيها يجب أن يكون لديك أكثر من طريق, لو الطريق وقف لازم أكمّل في طريق ثاني.. افعل الشيء الذي تحبه ولكن بطرق مختلفة, أنا مثلاً لو لم أكن أكتب كنت سأتجه للإخراج مثلاً, أشكال وطرق عديدة كنت سأتّبعها حتى أصِل للرضا عن نفسي والتصالح مع محيطي، وحتى لو لم أكن شاباً فأي إنسان في أي مرحلة عمرية قادر على وضع خطط بديلة وتغيير حياته. هل الخوف من الفشل من الممكن أن يكون عائقاً يمنع الشباب من خلق أحلام وطُرُق بديلة لهم؟ أحياناً طريقة تربيتنا تفرض علينا هذا الخوف، وعادة الوظائف التي نحبها أو هواياتنا والمهن المتعلقة بالإبداع لا تجلب عائداً مادياً؛ لذلك يجب أن نوفّر لأنفسنا احتياجاتنا من مهنة معينة، ولذلك مثلاً اخترت أن أعمل مصوراً ومصمم جرافيك كعمل أساسي لي, للخروج من هذا المأزق. ما رأيك في عزوف بعض الشباب عن المشاركة في الحياة السياسية؟ أنا "مش شايف مشاركة أساساً" مشاركة الشباب في الحياة عموماً والوعي بما يحدث في الحياة معدوم؛ فالشباب منغمس برأسه في الأرض، ليس كل الشباب؛ فهناك نسبة قليلة هي الواعية والتي تقرأ بالفعل.. فصغار السن مشغولون بالبلاي استيشن والأغاني، والأكبر سناً مشغولون بالعمل والظروف الاقتصادية التي قضت على الناس من سن 30 لما فوق؛ لأن لديهم التزامات مادية كثيرة، وبدلاً من شراء كتاب الأهم أن يشتري ما يحتاجه بيته؛ برغم أن الوعي شيء مهم وكثرة القراءة تجعلك تُدرك حقوقك وواجباتك، والذي سيمحو بدوره الخوف من حياتنا. إذن ما هو الحل من وجهة نظرك ككاتب؟ ننظر لأنفسنا في المرآة, ونعمل وقفة, نُراجع حياتنا وننظر للأمام وليس تحت أقدامنا، ونحاول نعمل خطة أو تصوّر عن المستقبل. فمثلاً… أقوم طول الوقت بمراجعة حياتي كل عام. ومن المهم أيضاً أن يكون لكل منا دور ولو صغير، ونتوقف عن السلبية، أو عدم التفكير في النتائج الحقيقية لما نفعله؛ فعلى سبيل المثال: على الرغم من الشعبية الكبيرة للعبة كرة القدم وتزاحم الشباب لمشاهدة المباريات، لا أحد ينظر إلى الشيء المستفاد أو القيمة التي ستُضيفها له بعد ذلك، لو شاهدت مباراة مثلاً ستخرج منها بعد دقائق بلا أي شيء, عكس لو حضرت ندوة، من الممكن أن تلتصق كلمة في ذاكرتك تغيّر مجرى حياتك فيما بعد؛ ولكن معظمنا توقّف عن التفكير في المستقبل، وما الذي سنكسبه أو سنستفيده في النهاية. ما هي أحلامك للفترة القادمة؟ أحلم بأن أجد وقتاً جيّداً للكتابة والقراءة، وأن أستمرّ على نفس المستوى الذي أنا فيه, وأكون شخصية إيجابية ومؤثرة في من حولي. رسالة لقُرّاء "بص وطل"؟ احسب حياتك.. حققت إيه؟ وعاوز تحقق إيه؟ مدى تأثيرك، حاول تحفر شيء إيجابي، كل ما تفعله يترك بصمة، اجعل منها بصمة نظيفة.