يبدو أن صنّاع الدراما هذا العام يرفعون شعار "دراما الجدل وتكسير التابوهات"؛ حيث لم يخشَ عدد كبير منهم الغوص في قضايا شائكة غير مهتمين بما قد تثيره هذه الموضوعات من جدل وردود أفعال وصل بعضها إلى حد إرهابهم. فلأول مرة في الدراما العربية يُنتج مسلسل عن آل البيت بعنوان "معاوية والحسن والحسين"، يظهر فيه الحسن والحسين رضي الله عنهما، والخليفة معاوية بن أبي سفيان. ويتعرّض المسلسل لهجوم كبير وفتاوى تحريم وعراقيل في تصويره من عدة دول عربية؛ بسبب تجسيده شخصيات الصحابة، ولكن مع تصميم صنّاع العمل على إنجازه بهدف التأكيد على سماحة الإسلام، وتصحيح الكثير من المعلومات المغلوطة في كتب التاريخ عن تلك الفترة. كما أثار المسلسل جدلاً في الأوساط الدينية؛ نظراً لأنه يتناول حياة حفيدَي النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويُجسّد شخصيتيهما، كما أثار بعض مراجع الدين السنة مخاوف من أن المسلسل سيعمل على نشر التشيّع، إلا أن القائمين على العمل حصلوا على فتاوى تسمح بتجسيد الشخصيتين من قِبل العديد من المراجع الدينية. ومن جانب آخر فقد تعرّض المسلسل لهجوم كبير وفتاوى تحريم وعراقيل في تصويره من عدة دول عربية؛ حيث رفض مجمع البحوث الإسلامية أمس (السبت) -برئاسة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر- ظهور الأمامَين الحسن والحسين رضي الله عنهما بشخصيهما في الأعمال الدرامية، متمسكاً ببيانه السابق في عدم ظهور الأنبياء والصحابة بالدراما، وطالبت النقابة بحصول المنتج على فتوى دينية من قاضي القضاة، كما واجه كاتب السيناريو انتقادات لتحميله اليهود مسئولية أحداث الفتنة في أثناء المرحلة التاريخية التي تتناولها أحداث المسلسل. وقال نقيب الفنانين الأردنيين "حسين الخطيب" في بيان صحفي: "إن منتج العمل الكويتي محمد العنزي طلب إذناً من نقابة الفنانين لتصوير مَشاهِد من المسلسل في الأردن بعد أن توقّف تصويره في المغرب لأسباب مالية". وأضاف "الخطيب": "موافقة النقابة صدرت بعد أن قدّم منتج العمل محمد العنزي كتاباً من قاضي القضاة سماحة د. أحمد هليل -إمام الحضرة الهاشمية- يشيد فيه بالعمل, وبأن المسلسل يدعو إلى وحدة المسلمين وجمع كلمتهم, ونبذ التعصّب والطائفية". وتابع: "أنه بحسب الكتاب, فإن د. هليل طالب بتسهيل مهمة طاقم العمل, وهذه هي المرة الأولى التي تتدخل فيها السلطات الدينية في الأردن للسماح بتصوير أعمال فنية; حيث لم يسبق لها ذلك رغم أن العديد من الأعمال الفنية العالمية تم تصويرها في الأردن". وقد أكّد منتج المسلسل "محمد العنزي" أنه يثبت في هذا العمل أن الحسن بن علي -رضي الله عنه- كان الخليفة الراشد الخامس مصداقاً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه -أي الحسن- قد قام بحفظ دماء المسلمين بصلحه مع معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه, وتنازله له طواعية عن الخلافة; مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم للحسن رضي الله عنه: "إن ابني هذا سيد, ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين", كما أننا حاولنا تبرئة الصحابيين الجليلين: معاوية بن أبي سفيان, وعمرو بن العاص رضي الله عنهما, من كثير من الأكاذيب التي نُسبت إليهما, ورسمت لهم صورة مشوهة في كتب التاريخ, وفي أذهان الناس, وهما بريئان منها براءة الذئب من دم يوسف. كما أكّد "رشيد عساف" بطل المسلسل أنهم أخذوا ما لا يقل عن 21 موافقة شرعية كي يتمكّنوا من إنجاز مسلسل "معاوية" و"الحسن"؛ لأن موضوع المسلسل مهم جداً, ويسعى للحد من الفتنة ويجمع الناس على كلمة واحدة. وعن دور "عساف" في الفيلم أوضح أن تجسيده شخصية الصحابي معاوية بن أبي سفيان في المسلسل يهدف إلى طي صفحة قاسية من التاريخ الإسلامي, خاصة وأن العمل يحمل دعوة واضحة لنبذ مثيري الفتنة. وقال: "إن من الخطأ اتخاذ مواقف هجومية مسبقة على فكرة المسلسل, مشيراً في الوقت نفسه إلى ضرورة مشاهدة المسلسل من قِبل كل من ينتقده, كما نصح بمشاهدته أيضاً من قبل الأطفال؛ لأنه درس في معرفة الحقائق التاريخية". عن مصادر متعددة