تدخل المسجد في بداية رمضان فربما لا تجد مكاناً تصلّي فيه من كثرة العابدين والذاكرين والقارئين للقرآن والمنتظرين للصلاة في جو إيماني عالٍ جداً؛ فتسعد وتشعر بأن رمضان بالفعل قادر على تغيير الناس وتحقيق التقوى التي هي غاية الشهر الكريم، وما إن تمرّ أيام قليلة حتى تجد أن عدد المصلين في تناقص مستمر حتى يعود حال المسجد كما كان قبل رمضان، وتختفي الوجوه التي كانت تُزاحمك في صفوف الصلاة في أول أيام الشهر الفضيل. سبب هذه الظاهرة هو الدفقة النفسية والعاطفة الرمضانية التي تكون قوية في بداية رمضان، فتدفع الجميع إلى الذهاب إلى المسجد ولكن بعد أيام تفتر العاطفة وتضعف العزيمة ويبدأ الإنسان في العودة إلى ما كان عليه من خمول وتكاسل على عبادة ربه. وكذلك تجد في أول رمضان أننا نقرأ كمية كبيرة من القرآن في كل يوم وربما نختم المصحف كاملاً في الأيام الأولى؛ ولكن بعد ذلك ماذا يحدث.. تضعف العزيمة ويبدأ الكسل وتهدأ فورة العاطفة ف"تعود ريما لعادتها القديمة". نرتّب خطط استغلال لشهر رمضان وننوي صلاة تراويح وقيام وسنن ونوافل؛ ولكننا ما إن نبدأ حتى يبدأ الكسل في التسرب إلينا من جديد. هذا لسببين: الأول أننا نتعامل مع رمضان بالعاطفة وحدها، والعاطفة وحدها غير قابلة للاستمرار طويلاً، ولا بد أن يكون استعدادنا لرمضان أفكاراً وعزيمة حديدية واقتناعاً بأهمية الشهر وفضله وسعي جادّ للفوز به وعدم تركه يتسرب من بين أيدينا كل عام. والسبب الآخر أننا لا نُعدّ العدة الحقيقية لرمضان بل نترك أنفسنا حتى يفاجئنا الشهر ولم نتعود على ما ننويه بالتدريج قبل رمضان فنجد أنفسنا نفعل شيئاً لم نتعود عليه، وهذا بالتأكيد يدفع النفس للملل والكسل؛ ولذا يجب أن نتأهب لرمضان قبله بمدة وبالتدريج نقوم بأداء برنامجنا الذي نريده؛ فمثلاً يمكن أن نصوم أياماً في رجب وشعبان، ونصلي ركعات بالليل ونُقبل على القرآن بالتدريج ونصفّي قلوبنا ونؤهلها لرمضان قبله بفترة؛ حتى إذا جاء نكون قد أحسنّا الاستعداد له، ونستطيع أن نحافظ فيه على المستوى الذي نتمناه ليرضى عنا الله ونكون من الفائزين بغفران الله ورضوانه في رمضان. ********************* للتعرف على مزيد من سلوكياتنا في رمضان اضغط هنا "اللهم إني صائم" *********************