شهر رمضان له مذاق خاص عند المصريين، فيستقبله أهل البحيرة بتزيين المنازل والشوارع كما يزينونها للأفراح، وتجتمع فى محافظة البحيرة كل العادات الرمضانية المصرية سواء فى المدن أو الريف أو البدو أو السواحل، ففيها المدن الكبيرة مثل كفر الدوار ودمنهور وفيها 5500 قرية وعزبة، وفيها البيئة الصحراوية فى أبو المطامير والدلنجات وبدر ووادى النطرون، وفيها البيئة الساحلية فى إدكو ورشيد، بالإضافة لأنها فى الأساس محافظة زراعية. مراسم استقبال رمضان تبدأ مراسم الاستعداد فى البحيرة لشهر رمضان من منتصف شهر شعبان، فيزداد رواد المساجد، ويبدأ القائمون عليها فى إصلاح ما تلف من مصابيح ودورات المياه وسجادات الصلاة، ويتسابق الأطفال لتزيين الشوارع بالزينات والفوانيس، فيدفع كل طفل جنيهاً لتزيين الشارع، وتصنيع فانوس كبير عند النجار لوضعه فى الشارع، ويحرصون على إزالة القمامة من أمام البيوت، ويشارك بعض الآباء فى تعليق الزينات، وتستعد المرأة البحراوية بتخزين طعام رمضان فتشترى الدواجن والبط منذ بداية شهر شعبان لتربيتها وذبحها فى رمضان، ولا تنسى المرأة البحراوية حتى المخللات، وتزدحم المحلات بروادها ورغم حالة الركود التى أصابت الأسواق فى الأيام الأخيرة، إلا أن الانتعاش يعود إليها منذ منتصف شهر شعبان. لمّ الشمل تحرص الأسرة على أن تجتمع على مائدة الإفطار فى الأسبوع الأول ويومى التاسع والعشرين والثلاثين من رمضان، أما باقى الأيام فإن أغلب أفراد الأسرة مدعوون للإفطار خارج المنزل، والمواطن البحراوى قليلاً ما يعود للمنزل خالى اليدين تجد الأب عائداً محملاً بالطعام والعرقسوس والتمر هندى والخروب والكنافة فى سعادة وفرح. توقف العمل نهاراً وانتعاشه ليلاً رغم أن شهر رمضان شهر عبادة وعمل، إلا أننا نجد أن الأعمال تتوقف نهاراً وقد تغلق بعض المحلات أبوابها نهاراً ولكن سرعان ما تجدها فتحت أبوابها على مصرعيها بعد الإفطار وحتى قبل السحور، وتنتشر محلات بيع الكنافة فى البحيرة وهى تغلق عادة إلا فترة صغيرة جداً من الساعة الثالثة صباحاً وحتى العاشرة، أما باقى اليوم فهى تعمل حتى أن الكثيرين لا يلحظون أنها تغلق هذه الساعات القليلة لأن الجميع فى هذا الوقت إما أن يكون يعد السحور أو نياماً، وهناك حرف بالكامل تتحول من العمل بالنهار إلى الليل مثل النجارين والنقاشين وعمال البناء ومحلات بيع الملابس. المسحراتى مازال المسحراتى يوقظ الناس للسحور ويبدأ بالنداء وفى الغالب يعرفهم بالاسم وينادى على طبلته "إصحى يا محمد، إصحى يا على، إصحى يا نائم". يبدأ المسحراتى فى إيقاظ النائمين من الساعة الثانية صباحاً، ورغم تطور الآلات التى كان يستخدمها المسحراتى قديماً عن الآن فنجد الطبلة الصغيرة استبدلت بأخرى كبيرة وقطعة الجلد التى كانت تقرع الطبلة قديماً، استبدلت بعصا غليطة. رمضان كريم بعض المواقف التى تميز أبناء البحيرة أنه عند حدوث شجار بين بعض الأفراد خلال الشهر الكريم تجد من يأتى خلفك ليقول لك "رمضان كريم"، ورمضان كريم كفيلة بإنهاء أى نزاع وكعادة المصريين تجد أن الخصمين يتبادلان العناق أو تجد أن النزاع قد انتهى بفضل كلمة رمضان كريم. مائدة رمضان يبدأ الإعداد لمائدة رمضان فى البحيرة من بعد العصر، إلا أن مائدة رمضان لا تخلو من الفول والمخللات والسلطات وكذلك الفجل والجرجير. وأول أيام رمضان تعد ربة المنزل للإفطار إما الدجاج أو البط، وقد يشترك الاثنان فى مائدة واحد ويشاركهما أحياناً اللحوم الحمراء، وفى قرى البحيرة يشتهر "البرام المعمر" وهو وعادة من الفخار للطهى والبرام فى القرية أساسى فى أيام رمضان، وهو عبارة عن أرز يطبخ باللبن وتوضع فيه قطع اللحم ليسوى فى الفرن البلدى وتشتهر به قرى البحيرة. بعد الإفطار يذهب الجميع لصلاة المغرب فى المسجد فى جو إيمانى يشتهر به الشهر الكريم ويحرص المواطن البحراوى على اصطحاب أولاده الصغار للمسجد فى هذا الشهر، وتزدحم المساجد بروادها وتضيق والبعض يصلى فى الشوارع، وعادة لا تغلق المساجد أبوابها فى هذا الشهر فتجدها مفتوحة طيلة اليوم ففى أى وقت تجد من يجلس فى المسجد يقرأون القرآن، ويجلس الأطفال ملتفين فى حلقات ومعهم من يقوم على تعليمهم القرآن وآداب وسلوك الإسلام، وبعد صلاة العشاء ولقيام تجد المحلات مكتظة بروادها والكافتيريات والمقاهى تظل مفتوحة حتى الفجر تقدم المشروبات للرواد، ولا تتعجب إذا ذهبت إلى مقهى ولم تجد مكاناً للجلوس، ويقل الزحام على المقاهى من الساعة الثانية وتظل المقاهى مفتوحة إلى ميعاد السحور، ثم تغلق أبوابها لتعاود الفتح بعد الإفطار.