أقر مجلس الأمن أمس (الأربعاء) حزمة جديدة من العقوبات الصارمة ضد إيران تستهدف أنشطتها النووية، والتي تخشى دول غربية أن يكون الهدف منها هو تطوير أسلحة نووية، وقد كان من ضمن المؤيدين للقرار عدد من حلفاء إيران (روسيا والصين)، بينما امتنعت لبنان عن التصويت. وجاء تمرير القرار بأغلبية 12 دولة ومعارضة دولتين (تركيا - البرازيل)، وامتناع واحدة عن التصويت (لبنان)، ليفرض بذلك عقوبات جديدة على إيران تشمل ما اعتُبر "إجراءات لعرقلة الأنشطة النووية الإيرانية". وأيّدت الدول الخمس دائمة العضوية في المجلس (الولاياتالمتحدةوروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا) مشروع قرار العقوبات، إلى جانب النمسا واليابان والمكسيك وأوغندا والبوسنة والجابون ونيجيريا. ودعا الأمين العام للأمم المتحدة -بان كي مون- حكومة طهران إلى "الالتزام الكامل" بقرارات مجلس الأمن والوكالة الدولية للطاقة الذرية، وذلك عقب تبني قرار فرض العقوبات الجديدة. وكان أهم ما تضمنته هذه العقوبات هو تفويض جميع الدول بمصادرة سفن الشحن المشتبه بها، وحظر صادرات المروحيات والدبابات القتالية إلى طهران، واستهداف الأعمال المرتبطة بالحرس الثوري للجمهورية الإسلامية. وتستهدف العقوبات الأفراد والشركات الذين يُشتبه في أنهم يساعدون البرنامج النووي أو لهم علاقات مع الحرس الثوري، الذي يعتقد أنه يقود الجهود المبذولة لتطوير أسلحة. وتقول إيران إن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية. كما تحظر العقوبات بيع مروحيات ومقاتلات وسفن حربية وصواريخ باليستية أو أنظمة تكنولوجيا ذات صلة بالصواريخ إلى إيران. وفي واشنطن، قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن العقوبات التي اعتمدها مجلس الأمن الدولي ضد إيران ترسل "رسالة واضحة"، مفادها أن المجتمع الدولي لن يسمح لإيران بتطوير أسلحة نووية. من جانبه، رفض الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أمس العقوبات الجديدة على بلاده، حسب ما أفادت وكالة أنباء "الطلبة" الإيرانية (إسنا). ونقلت الوكالة عن "نجاد" قوله خلال زيارته لطاجيكستان إن "هذا القرار لا يساوي شيئا بالنسبة لإيران، وأنا بعثت برسالة إلى أحدهم (أعضاء مجلس الأمن) بأن قرارك مثل المنديل سينتهي إلى صندوق قمامة"، وأضاف: إنهم (أي القوى العالمية) لن يتمكنوا من إلحاق الضرر بنا. وفي القدس، وصفت الحكومة الإسرائيلية قرار مجلس الأمن بفرض عقوبات جديدة على إيران بأنه "خطوة مهمة" إلا أنها اعتبرتها "غير كافية" وأن الأمر يتطلب مزيدا من الإجراءات. وفي نيويورك، رفض السفير الإيراني لدى الأممالمتحدة "محمد خزاعي" العقوبات، وانتقد إجراءات المجلس، قائلاً إن بلاده أصبحت أكثر قوة رغم جهود الغرب لإضعافها. وأضاف أن إيران تجاوزت التزاماتها في مجال التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة النووية لضمان السلامة النووية. وقال إن الاتهامات ضد استخدام طهران للوقود النووي كانت "كاذبة"، وإن إيران استخدمت برنامجها النووي للاستخدامات المدنية وليس العسكرية. وذكرت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية (إرنا) في أعقاب القرار الجديد، أن البرلمان الإيراني، كما كان مقررا من قبل، سيعيد النظر في مستوى التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وفي مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، قال مندوب إيران لدى الوكالة "علي أصغر سلطانية" إن بلاده ستواصل عملية تخصيب اليورانيوم، وإنه "لن يتم تعليق أنشطة التخصيب ولو لثانية واحدة". وقالت "سوزان رايس"، سفيرة الولاياتالمتحدة لدى الأممالمتحدة، إن العقوبات ليست موجّهة ضد الشعب الإيراني، لكنها "قاسية وذكية ودقيقة" وموجهة ضد جهود إيران عقاباً لها على متابعة خططها لإنتاج أسلحة نووية. وانتقدت الدول الأخرى دائمة العضوية بمجلس الأمن إيران؛ بسبب تحديها لمطالب الأممالمتحدة، ومواصلة أنشطة تخصيب اليورانيوم التي وصلت إلى تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 20% وهي النسبة التي تمكّن من صنع وقود الأسلحة النووية. حيث وصفت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، قرار مجلس الأمن بفرض عقوبات مشددة ضد إيران بأنه "لحظة هامة للدبلوماسية الدولية". ورحبت في الوقت نفسه بالعقوبات الجديدة المفروضة على إيران؛ بسبب اصرارها على مواصلة برنامجها النووي "المثير للجدل". أما بريطانيا فقد رحّبت أمس (الأربعاء) بموافقة مجلس الأمن على توقيع عقوبات جديدة على إيران، ووصفت ذلك بأنه إشارة "جيدة وقوية" من المجتمع الدولي بأن إيران لم يعد بمقدورها رفض التفاوض بشأن برنامجها النووي. الاتحاد الأوروبي من جهته كان أقل تشدداً في تعليقه عقب صدور القرار؛ حيث قالت الممثلة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي مساء أمس إن العقوبات الجديدة التي فرضتها الأممالمتحدة ضد إيران لا تعني أنه لا توجد وسائل أخرى من أجل التوصل إلى تسوية تفاوضية للمسألة النووية. من جهتها، قالت "ماريا لويزا ريبيرو فيوتي"، سفيرة البرازيل -إحدى الدولتين اللتين رفضتا القرار- لدى المنظمة الدولية، إن العقوبات ترسل "إشارة خاطئة" بشأن حل القضية النووية مع إيران. بينما¬ انتقد الرئيس البرازيلي "لويس إيناسيو لولا دا سليفا" بشدة العقوبات التي أقرها مجلس الأمن ضد إيران بسبب برنامجها النووي. ونقلت وكالة "أجنسيا برازيل" الرسمية عن "لولا" اتهامه للأمم المتحدة بأن مواصلتها لمسيرة العقوبات لا يأتي إلا من باب "العناد"، "ولا يهدف إلى إقناع إيران بالتفاوض". واصفاً القرار ب"الخاطئ". أما "حزب الله" اللبناني فقد وصف القرار ب"الجائر والمُجحف"، واعتبر أن هذا القرار من شأنه أن "يحفّز الشعوب المستضعفة على مواصلة بناء قدراتها لحفظ استقلالها"، ويعكس النزعة الاستعلائية التي تحكم سياسات الدول النافذة تجاه دول العالم الإسلامي الرافضة لنهج التبعية والخضوع، والطامحة إلى تعزيز قدرات بلدانها وشعوبها". الصين هي الأخرى تلقت لوماً شديداً من نظيرتها الإيرانية، حسب ما أفادت وكالة أنباء "الطلبة" الإيرانية (إسنا) بأن إيران وجهت لوما إلى حليفتها السياسية والاقتصادية (الصين)؛ لتصويتها لصالح مجموعة عقوبات جديدة فرضتها الأممالمتحدة ضد طهران. وقال كبير المفاوضيين النوويين الإيرانيين "علي أكبر صالحي" لوكالة "إسنا" بعدما انضمت الصين إلى الولاياتالمتحدة في تأييدها القرار ضد إيران: "نحن نتعجب بشأن الخطوة الصينية في مجلس الأمن الدولي". عن وكالة الأنباء الألمانية