السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا فتاة أبلغ من العمر 26 سنة، مشكلتي بدأت عندما توفي والدي.. يومها كنت محتاجة حد يقف جنبي، ولقيت شخص على قدر من الأخلاق والاحترام كان جارنا وعنده محل موبايل.. اتعرفت عليه وحبني حب جنون، وأنا كمان، وطلب مني الارتباط؛ بس قلت له نأجله عشان وفاة والدي. وقعدنا نقابل بعض ونكلم بعض على الموبايل طول اليوم في شغله وفي بيته، وحتى وهو خارج الشارع، كان باستمرار بيتطمّن عليّ لحد ما بقيت كويسة وفُقت من صدمة والدي. وأنا معاه دلوقتي هاكمل سنة.. وفجأة والده تعب، وراح المستشفى وعرف إن والده عنده نزيف في المخ، والدكاترة قالوا حالته صعبة، ونقل للعناية المركزة وقعد فيها 18 يوم، وطول الفترة دي كان بيكلمني وكان بينزل البلد ويشوفني ويتطمن عليّ ويرجع لباباه المستشفي تاني. المهم باتصل عليه لقيته بيبكي ويصوّت ويقول لي بابا مات، وقفل السكة، وبعدها ما اعرفتش عنه حاجة.. أرنّ عليه مش بيردّ، اتصل من رقم غريب مش بيردّ، أبعت له رسايل وميني كول وبرده مش بيردّ، لحد ثالث يوم رحت أنا وإخواتي علشان نعزي والدته وإخواته؛ بس برده ما شفتهوش. سافرت عشان تعبت ورحت الإسكندرية عند عمي تاني يوم، لقيته بيرنّ عليّ، ما صدقتش نفسي.. المهم قال لي إنتي عارفة إن والدي أغلى عندي من أي حد، وأنا مش هاقدر أسعدك ولا أسعد غيرك، وشوفي مستقبلك لأني ما عنديش كلام أقوله ليكِ، ولا قادر أكلم أي حد. قلت له بالسهولة دي تبيعني، أنا باحسب إنك بتتصل عشان تقول لي أقف جنبك، تقوم تقول لي كده، ربنا يصلح حالك مع إني باقولها وأنا باتقطّع، وقفلت موبايلي. وأنا مسافرة دلوقتي؛ لكن مش قادرة أنساه ولا استغنى عنه في الظروف دي؛ لأنه تعبان من يوم ما فقد والده؛ بس أنا أعمل إيه؟ أنا ما ليش غيره.. إخواتي كل واحد بيفكّر في نفسه وبيعاملوني معاملة وحشة لأني طيبة وما باعرفش أردّ على أي حد منهم، وما ليش غير واحدة صاحبتي وبنت عمي، وكل الناس بتحبني وتقول لي إنك أحسن واحدة في إخواتك. أنا باصلّي وادعي ربنا يصبّرني ويصبره.. أنا تعبانة أوي، ومش عارفة أعمل إيه بافكّر فيه حتى في الصلاة.. ردوا عليّ لو سمحتم من فضلكم. elmalika
صديقتنا: إن ما دفعك للارتماء في أحضان هذا الشاب هو بالضبط ما دفعه للبعد عنك؛ فالفرق بين تفكير الرجل والمرأة في الأزمات هو ما يجعل المرأة تنفّس في حالات ضيقها بالكلام والشكوى والفضفضة مع الغير، في المقابل فإن الرجل يفضّل المكوث وحده حتى ينتهي تماماً من أحزانه وأوجاعه ثم يعاود الخروج للواقع؛ فالرجل يجد العزلة سبيل الفضفضة الأول والمفضل بعكس المرأة. ولذلك فليس عليك أن تقلقي عليه؛ فهذه المدة -طالت أو قصرت- ستنتهي وحدها دون أيّ تدخل من أحد، ودون أن يخسر فيها شيئاً، ودون أي حاجة منه لأحد في مساعدته. أما بالنسبة لك؛ فأنا أرى أن ما حدث هو كرم لك من الله تعالى، بعد أن اندفعت في وقت أنت منهارة فيه ومحتاجة إلى من يحتويك؛ توجهت يمنة ويسرة فلم تجدي إلا هذا الشخص الذي يمد لك يده، والغريق يأخذ أول يد تمتد إليه دون أن يفكر في صاحبها حتى لو كانت يد عدوه؛ ولا أقصد بالطبع الطعن في هذا الشاب؛ فأنا لم أر منه ما يسوء؛ لكنني أقصد أن الفترة السابقة كانت فترة غير صالحة لنبني فيها أفكارنا عن شخص أو انطباعاتنا أو تصورنا عنه. وإذا كان المرء يحتاج مسكّناً في بعض الأحيان؛ فإن عليه أن يعرف الدواء الحقيقي في وقت المرض. وأرى أنه لولا وفاة والده لاستمرّت علاقتكما التي كانت يمكن أن تنتهي –حسب قولك- بارتباط؛ دون أن تكون لك أي دراسة لهذا الشخص ولأخلاقه وأفعاله ومسئوليته بشكل موضوعي ومتعقل، بعيداً عن الانجراف والعواطف، وأن تفكري في وضعك الصحيح معه الذي يجعل رأسك مرفوعاً دائماً؛ وذلك بالارتباط الرسمي، أو كيف تحافظين على نفسك وتسيرين إلى الأمام بالاعتماد على ذاتك دون أحد.. فإن كان هذا أمينا معك؛ فالله أعلم بغيره. وأعتقد أن الله تعالى قد منحك هذه الفترة وهي فترة مناسبة لتعيدي التفكير حوله وحول مناسبته لك ومناسبة ظروفكما وتوافقكما الفكري والنفسي إذا ما أخذ هو الأمر بعد ذلك مأخذ الجد، ولم يكن ما فعله معك مجرد شفقة عليك في حالة تعبك. فإذا أفاق من غفوته، وتأكدْتِ من جدّيّته فيما وعدك به من ارتباط؛ فأقدما على خطوة رسمية تحفظ لكما سمعتكما وتحفظ لك أمنك معه. وفقك الله تعالى لما فيه الخير.