ضرْب.. سحْل.. سباب بعربية متعافية من لغة إسرائيلية ما زالت مُهيمنة على مخارج ألفاظهم.. فول وعدس يحوطه العفن.. جدران بالية تشتكي الرطوبة.. قضبان صدئة تسمح بدخول الهواء الخالي من أكسجين الحرية، هذه هي باختصار المعالم الجغرافية للمكان الذي يمكث فيه الأسرى الفلسطينييون منذ أكثر من 20 عاماً. 7500 أسير فلسطيني يقبعون في سجون الاحتلال الإسرائيلي يسددون فاتورة وطن بِيعَ في لحظة قيلولة ارتاح فيها الجسد العربي.. 7500 شاب وفتاة وطفل وكهل رشحت أراضي المعتقلات من دمائهم التي تسيل يومياً عقب نشوة فوران وفوقان من قوات الاحتلال التي تتولى نوبات الحراسة، فتتسلى عليهم بالضرب والسحل مستمتعين بمشهد مجاني لن يدفع في مقابله أحد، مشهد مجاني تماما كما الدماء التي تسيل. 17 إبريل يوم الأسير الفلسطيني، يوم نتذكر فيه كم كان سهلاً علينا أن نتركهم يجابهون عدواً لا يعرف إلهاً غير سلاحه، وحدهم في سجون تأنف الحيوانات الضالة أن تتخذها مأوى لها ليلاً، يوم نشعر فيه بخزي من دمائنا التي عرضت أسهمها مجاناً في بورصة الشرق الأوسط، فصار العالم ينقلب رأساً على عقب من أجل جندي إسرائيلي اختُطِف، وتنفطر قلوبهم على مشهد الأب الهائم على وجهه بحثاً عن ابنه، وعلى مشهد أمه التي ما تلبث تقطر عيناها بالدموع عليه. فلينم الجميع مرتاحي الضمير مطمئني البال، الأسرى ليسوا في حاجة إلى مساعداتنا "المتثائبة" من فرط التعب، الأسرى على الأقل مؤمنون بما سُجِنوا من أجله، بينما نحن غير مؤمنين بالسبب الذي يجعلننا نسعى لفك أسرهم، فلينم الجميع مرتاح البال، فليتلحّف كل منّا بولده، ولا يهم أن مئات من الشباب الفلسطيني ينامون في العراء، وآثار الضرب بالأجزاء الآلية على أجسادهم جلية في كل موضع، فليتلحّف كل منا بابنته ولا يهم فتيات القدس ونابلس وحيفا المعانقون لظلام مخيف يغتصب أجمل ما فيهم، ووسط وحوش عسكرية المظهر حيوانية الجوهر يغتصبونهم اليوم تلو الآخر بالنظرات والتحرشات اللفظية والجسدية، فلنقبلها على شرفنا، فليتلحّف كل منّا بأمه ولا يهم مئات من أمهات المقاومة العجائز اللائي يلقين من الإهانة والضرب ما لا يحتمله شاب في ربيع عمره. فلينم القائد العظيم إسماعيل هنية ولا داعي للتفكير في هؤلاء الأسرى، الأهم هو أن يفكّر كيف سيذلّ أنفاس العناصر الفتحاوية الموجودة في القطاع غداً، كيف سيشوّه صورة هذا الحزب الخائن في الإعلام، ويتهرب منهم، ومن التفاوض معهم في شرم الشيخ مع إظهارهم كجبناء غير راغبين في سلام داخلي، فلينم هنية على أنغام موسيقى موتزارت التي تم تهريب أسطواناتها خصيصاً له من مصر عبر أنفاق غزة، فماذا يا ترى سيفعل بعدما تغلق هذه الأنفاق، كيف سيعيش ويعيش أهل القطاع بدون السيارات الحديثة التي تدخل يومياً إليه.. هذا فعلا ما يستحق التفكير. فلتنم يا سيدي الرئيس أبو مازن ولا تلقِ بالاً للأسرى، فلديك من الأمور الأخرى ما يشغل البال، لديك فضيحة مدير مكتبك الذي ظهر كما ولدته أمه، فضاع شرف الأمة على أيدي مجموعة عاهرات، أما شرف الأسرى فيأتي في المرتبة الثانية، فلتنم يا سيدي الرئيس فلديك غداً يوم حافل، تفكّر فيه كيف تورط حماس مع قوات الاحتلال، وتستعين بهم للعودة إلى قطاعٍ كان يوماً لك. فلينم الحكام العرب، ولا يلقوا بالاً لحال أسرى تدمع لهم كل عين في فلسطين، فتبكِ حيفا من أجلهم، ويستغيث القدس؛ رغبة في فك أسرهم، وصراخ القطاع أسمعه من مكاني هنا حزناً على حالهم.. أما حكام العرب فلو كان في عيونهم دموع متحجرة لكانت سقطت على أبناء لهم، حالهم أسوأ حالاً من معتقلي قوات الاحتلال، ولكن الفرق أنهم مسجونون في معتقلات عربية إسلامية قومية.. يا أخي الأسير ويا أختي ويا أمي الأسيرة.. لقد عُرض الوطن في الsale فبات بلا قيمة.