تفيدإحصائيات صادرة عن وزارة الأسرى الفلسطينية أن قوات الاحتلال الإسرائيلى اعتقلت منذ عام 1967 وحتى الآن أكثر من عشرة آلاف مواطنة فلسطينية، من بينهن قرابة (700) اختطفتهن خلال انتفاضة الأقصى، وبقى منهن لغاية الآن فى السجون الإسرائيلية (68) أسيرة. ويقول عبد الناصر فروانة الأسير السابق والباحث المختص بشئون الأسرى: إن بعض المناضلات يرتبط اسمهن بصورة وثيقة بحركة التحرر الوطنى الفلسطينى، وكان لهن دور مميز فى العمل العسكرى مثل المناضلة الشهيدة شادية أبو غزالة وهى أول شهيدة فلسطينية عسكرية واستشهدت عام 1968. والمناضلة الشهيدة دلال المغربى والمناضلات الاستشهاديات هبة ضراغمة وهنادى جرادات وآيات الأخرس، والمناضلة ليلى خالد التى تميزت بخطف الطائرات، وغيرهن الكثيرات. وكشفت دراسة حديثة أعدتها مؤسسة مانديلا لرعاية الأسرى عن أن عدد الأسيرات الفلسطينيات فى سجون الاحتلال 68 أسيرة يقبعن فى سجنى الدامون وتلموند منهن 24فى سجن الدامون، وفى تلموند 44، 21 منهن متزوجات، 13 أسيرة لديهن أطفال خارج السجن. ووفق الباحثة تغريد حننى فإن أربع أسيرات يحتجزن مع أزواجهن فى السجون بشكل منفرد، وهن الأسيرة أرينا سراحنة من بيت لحم، وزوجها الأسير إبراهيم سراحنة، وإيمان الغزاوى وزوجها شاهر العشى فى بئر السبع، والأسيرة أحلام التميمى وزوجها الأسير نزار التميمى، والمعتقلة نوال السعدى وزوجها المعتقل الإدارى بسام السعدى. فى حين أن الأسيرة أحلام عارف التميمى هى صاحبة أعلى حكم من بين الأسيرات التى تقضى حكما بالسجن16سنة مؤبد، بالإضافة إلى أربع أسيرات محكوم عليهن بالمؤبد وهن سناء شحادة، دعاء الجيوسى، أمنه منى، قاهرة السعدى. ويبلغ عدد الأسيرات اللاتى تم اعتقالهن هذا العام 12 أسيرة، ثلاثة منهن تم اعتقالهن مرتين، وواحدة منهن تم اعتقالها بعد أيام من الإفراج عنها ونصفهن من منطقة الخليل، وتتواجد الغالبية العظمى منهن فى سجن تلموند، ومنهن (5) أسيرات قاصرات لم يتجاوز عمر الواحدة 18 عاما، كما أن بينهن أرامل والعديد من الأمهات اللواتى تركن أطفالهن دون رعاية. ويشير فروانة إلى أن الأساليب التى تتبعها سلطات الاحتلال الإسرائيلى فى اعتقال الفلسطينيين لا تختلف من الرجال إلى النساء فالاعتقال يصاحبه فى كل الأحوال تعريض المعتقل لضرب وإهانة وترهيب وترويع، ويضيف أن النساء والرجال يتعرضون فى حال الاعتقال للتعذيب والضرب فى مراكز التحقيق. وحسب المعلومات التى توفرها وزارة الأسرى فإن جهاز الأمن الإسرائيلى يسعى جاهدا وباستمرار إلى ابتداع السبل لإذلال الأسيرات وقمعهن. وحسب الشكاوى التى تتلقاها وزارة الأسرى فإن أكبر المنغصات التى تتعرض لها الأسيرات هى التفتيش المفاجئ الذى يتعرضن له أثناء النوم من قبل السجانين. كما تتلقى وزارة الأسرى شكاوى حول قيام إدارة السجون بوضع السجينات الجنائيات الإسرائيليات فى نفس أقسام الأسيرات الفلسطينيات «حيث يقمن بمضايقتهن بشكل مستمر وإزعاجهن بالصراخ أثناء أدائهن للصلاة، وإطلاق الشتائم وسب الذات الإلهية». وتقول الأسيرة المحررة فيروز عرفة إن الإسيرات الفلسطينيات فى السجون الإسرائيلية كثيرا ما يتعرضن للتعذيب والامتهان. واعتقلت عرفة ثلاث مرات تقول إنها تعرضت فى كل مرة منهم إلى «تعذيب قاس شمل الحرمان من النوم والطعام والضرب المبرح بالهراوات على الرأس وباقى أنحاء الجسد والتعذيب بالغمر فى المياه الباردة والمياه الساخنة بصورة متتالية». وتعمل عرفة الآن مديرة مكتبة جمعية الهلال الأحمر بغزة وتحاول أن تتجاوز مرارات تجربة الأسر ولكنها تقول إنها لا تستطيع تجاوز الذكريات المؤلمة. وتقول: «إننى مازلت أتألم حين أتذكر ما كانت إدارة السجن تجبرنى، وغيرى من الأسيرات، على ارتدائه من الملابس القصيرة جدا والممزقة والبالية التى تظهر أكثر مما تُخفى». وتعتبر عرفة ان مستوى التعذيب الذى تتعرض لها الأسيرات الفلسطينيات فى السجون الإسرائيلية بالغ القسوة، وتقول إنها عندما شاهدت الصور التى تم تسريبها عن تعذيب الأسرى العراقيين على يد الجنود الأمريكيين فى سجن أبو غريب: «لم أندهش فلقد شاهدت بأم عينى كيف يقومون بتعرية الأسير وضربه أمامنا، وتهديدنا بأن مصيرنا سيكون مثلهم». وتتشابه شهادات الأسيرات اللاتى تحدثن ل«الشروق» فى رصد صنوف التعذيب التى تقول بعضهن إنها تصل فى أحيان إلى التهديد بالاغتصاب والإجبار على التعرى، وإن كانت تبدأ بالحرمان من متطلبات الرعاية الصحية مرورا بالضرب والتفتيش الذاتى للنساء من قبل سجانين. كما تتشابه الشهادات فى رصد ظروف اعتقال قاسية تحرم فيها الأسيرات من متطلبات النظافة العامة والنظافة الشخصية ويجبرن فيها على التعايش مع الإهانات اليومية. وبالنسبة لزيارات الأهالى، تتلقى الجهات الرسمية والأهلية شكاوى دائمة حول القيود التى تفرض على مرات ومدد الزيارات المستحقة للأسيرات. ويقول أهالى بعض الأسيرات الذين تحدثوا للشروق أن الزيارات « غير منتظمة ويتخللها العديد من المصاعب للأهل بدءا من ركوب حافلة الصليب الأحمر فجرا وانتهاء بالعودة فى ساعات الليل المتأخرة». كما تشتكى الأسيرات من الإجراءات التى تفرض عليهن خلال زيارة ذويهن، حيث «المنع من مصافحة الأهل وإجراء الزيارة من خلف جدار زجاجى بلاستيكى محاط بالأسلاك الشائكة». كما تشتكى الأسيرات من أن الإجراءات العقابية ضدهن تشمل الحرمان من زيارة الأهل لفترات طويلة خاصة فى حالة الأسيرات المتزوجات، المعتقل أزواجهن فى ذات السجون أو فى سجون أخرى. وفيما يتعلق بالتعليم، فى بعض الأحيان تمنع الأسيرات من التقدم لامتحان الثانوية العامة، بالإضافة إلى إعطاء الأسيرات الكتب الدراسية قبل تقديم الامتحان بأيام. وتعانى الأسيرات من افتقارهن للكتب والمجلات العلمية والثقافية، ومحدودية النوعية والكمية،، كما تعانين من حرمانهن من إدخال مواد الأشغال اليدوية وإخراجها للأهل، فقد كانت الأسيرة تقضى وقتها فى عمل هذه الأشغال مما يخفف عنها عبء السجن والبعد عن الأهل.